وصلت في الموعد المُتفق عليه، ارتديت فستان لؤلؤي اللون، كان وجهي مُستنيراً بنفحات الحب والأحلام المعطرة بلهفة اللقاء.

فلم أحتاج إلى مستحضرات التجميل المعتادة في موعد كهذا .

أما عنه فكان كعادته كان كالقيصر في هيئته، خطواته ونظراته الغامضة كان يرتدي معطفاً أسود اللون فأزداد اللون وقاراً وهيبة .

أما عن لحيته التي قد خالطها الشيب فكانت مُنمقة مُهندمة وكأنه ذلك الفارس الذي قد أفلس قاموس كل الشعراء في وصفه.

بدأ الحديث متسائلاً ” لم تُخبريني بعد هل لقب حبة السكر أعجبكِ أم لا ؟ أتعلمين.. شيئاً ما حدثني أن أُناديكِ هكذا ربما لأنني أعلم بأن رؤياكِ ستُذيب مرار الدهر وستمحو قسوته”.

كنت أود أن أُخبره بأن وصفه لي أعذب و أرق ما سمعته آذاني لكن عقلي المتزن إلي حد السخافة جعلني أحدثه هكذا “تُناديني أمي ب “سُر من رأي”.

“سُر من رأي” هي عاصمة الدولة العباسية في عهد الخليفة العباسي الثامن ولشدة جمال المدينة ورقيها أطلقوا عليها اسم “سُر من رأي” حيث أن تلك المدينة كانت تُدخل السرور والبهجة على قلب كل من يراها ، وبالتأكيد هذا اللقب هو الأحب لقلبي “.

رد قائلاً” لا يَهُم سأظل أُناديكِ ب “حبة السكر” لأنه الأقرب والأحب إلى قلبك حتي وإن تظاهرتي بغير ذلك” .

ثم استكمل حديثه قائلاً “على أي حال أردت أن أجتمع معكِ اليوم لأمرٍ في غاية الخطورة ،وهو أنني كنت أعكف منذ أشهرٍ على كتابة إحدى الروايات وكنت أوشكت على الوصول إلى النهاية لكن حدث شئ مفاجئ جعلني أرغب في إعادة بناء تلك الرواية من جديد ، شيء جعلني أرغب في وصف أشياء أخرى لم أعتاد كتابتها .

اعتدت أن أصف الظلم والخيانة وأستفيض في وصف و تجسيد وجع وأنين من قُهر و ظُلم أما الآن أرغب فى التغير هل بإمكانك أن تدلني على أشياء أخرى أشياء تُشبه الصدق ، الطُهر، الأخلاص ، الحب وكل ما هو أشبه بالسكر ؟

وقبل أن أجيبه بدأت ملامحه الحالمة في التغير حيث أنطفأت لمعة عيناه و أسود وجهه وتغيرت تعبيراته من أقصى السكينة إلى أقصى الغضب والفوران فكانت حالته أشبه بالبركان الذي قد أوشك على الانفجار .

كان ينظر إلى ناحية بعينها ،أخذت أدقق النظر فوجدته ينظر ناحية امرأة يبدو عليها الحزن وعدم الرضا بصحبة رجل خمسيني يبدو أنه من أصحاب الأموال والنفوذ .

سألته بخوفٍ “هل بدر مني خطأ أفسد عليك هدوئك ؟ هل أنت بخير؟”.

أخذ يُجفف عرقه ثم رد قائلاً ” أنا بخير فلننهي حديثنا الآن…إلي اللقاء”

 

كتبت: إسراء علي