الخيانة حق أم جريمة؟

betrayal

سحب سوداء ظهرت في سماء عالمنا الإسلامي والعربي تمطر علينا أمطار سوداء تجرف عاداتنا وتقاليدنا العربية، بل إنها لم تقتصر علي ذلك، فأخذت تقتلع مبادئ ديننا الإسلامي من قلوبنا لنتهاون في فعل المحرمات التي حرمها الله سبحانه وتعالي، لنبدأ بفعل صغائر الذنوب ثم نتهاون بعد ذلك في فعل الكبائر فتصبح في أعيننا شئ هين مثله مثل صغائر الذنوب .

الخيانة الزوجية من الكبائر:

ومن هذه الكبائر التي شاعت وانتشرت هي الخيانة الزوجية، فيعتبرها طرف من حقه فعل هذا بسبب إهمال الطرف الآخر أو الظروف النفسية التي يمر بها، ويعتبرها المجتمع والطرف الآخر جريمة …

فهل هي حق أم جريمة؟

أولاً : الأسباب المؤدية للخيانة:
في الحقيقة إن طرحي لتساؤل الخيانة حق أم جريمة وذكري لأسباب الخيانة لايعني أبدا تبرير لذلك الفعل المشين الذي يرفضة أي مجتمع سوي، كما تنبذه وترفضه جميع الأديان السماوية وشددت العقاب علي فاعله، لكن ذكري لأسباب الخيانة هو أن أي داء إذا علمنا سببه تيسر لنا علاجه، فذكر الأسباب هنا، لكي يحذرها كلا الطرفين وإغلاقا لكل أبواب الوقوع في هذه الجريمة، لأننا في النهاية بشر بداخلنا غرائز إذا لم نشبعها في الحلال قد يهئ لنا الشيطان طريق للوقوع فيما حرم الله، ومن هذه الأسباب ما يلي:

– الإجبار علي الزواج من شخص لا يرغب بالزواج منه

نعم ياسادة الإجبار علي الزواج سبب من أسباب الخيانة الزوجية وخاصتا إذا كان كلا من الرجل أو المرأة يرغب بالزواج من شخص آخر حتي وإن إنقطع الإتصال بينها، إلا أنه يصبح القلب متلعق بشخص آخر هذا أيضا يعتبر خيانة بالمشاعر والعواطف فتجنبا للوقوع في هذا يجب علي الأهل أن لا يرغموا أولادهم علي الزواج ويتركونهم يختاروا حياتهم ومن يعيشون معهم حتي لايحدث ما يندم عليه الجميع بعد ذلك .

– الإهمال

وإهمال كلا من الزوجين الآخر يأتي نتيجة لضغوط الحياة المستمرة ، لكن لابد من الحين لآخر من أن يشعر الزوج زوجته بإهتمامه بها وبتفاصيل حياتها وأنها أهم شئ في حياته، ليس معني ذلك أن يترك عمله ويقعد بجوارها، لكن علي الأقل يشاركها إهتمامتها و يشعرها بوجودها ، وكذلك الأمر بالنسبة للرجل فيجب علي المرأة أن تعطيه جزء من وقتها وإهتمامها ولا تجعل كل وقتها للأبناء فقط .

– الإحساس بعدم الثقة بالنفس

وهذا خاص بالمرأة فعندما تتقدم المرأة في العمر وتبدأ تظهر عليها علامات الكبر، هذا يجعل ثقتها بنفسها تقل وخاصة إذا أهمالها الرجل بسبب ذلك، وأصبح يعايرها بذلك، فتبدأ تبحث عن من يشعرها بأنوثتها وأنها لاتزال جميلة، وفي ظل إنتشار وسائل التواصل الإجتماعي يسهل عليها فعل ذلك.

– الشعور بالوحدة

قد نعيش في بيت واحد لكن كل واحد منا له حياته الخاصة به، وتفاصيله التي يعشها بعيدا عن الآخر ، فقد يخلق هذا حاجز لا يمكن لأحد الطرفين كسره ليصل لأخر، فيستسلم للأمر الواقع ويعيش وحيدًا يحل مشاكله بعيدا عن الآخر ، مما يسهل علي أي ذئب بشري إقتحام هذا الفراغ والشعور بالوحدة لدي المرأة .

– إمتناع الزوج عن التعبير عن مشاعره تجاه زوجته

ويحدث ذلك بسبب خجل الزوج من التعبير عن مشاعره لزوجته مما يخلق لديها فراغ عاطفي يمكن أي شخص إقتحامه وتعويضها عن ذلك الإحتياج العاطفي الذي تفقده مع زوجها، فمن الضروري أن يعلم كلا من الزوجين طبيعة كل طرف فالمرأة إحتياجها عاطفي، فهي تحتاج أن يشعرها الرجل بحبه لها لأن الرجل إن أهمل هذا الجانب، كان هذا سبب لظهور العديد من المشاكل في حياته هو في غني عنها، وقد يؤدي ذلك إلي أن تلجأ زوجته لمن يشعرها بحبه، وهم كثيرون في هذا الزمن ……

بجانب ذلك هناك عوامل ثقافية للخيانة نعم عزيزي القارئ هناك عوامل ثقافية للخيانة بل هي أهم العوامل المسببة للخيانة وإنتشارها في المجتمع ، والذي أقصده بالعوامل الثقافية هو ما يعرض علينا من أفلام ومسلسلات التي أصبحت تبرر لنا الخيانة، وتحلل وجود علاقة صداقة بين الرجل والمرأة التي حرمها الله سبحانه وتعالى، فأصبحت هذه الأعمال الفنية من مسلسلات وأفلام من الأشياء الداعية علي الفساد والإنحلال الأخلاقي في المجتمع، بدلاً من أن تقوم بدورها المنوط بها القيام به من تعديل الجوانب السلبية في المجتمع و تعزيز الجوانب الإيجابية فيه.

الأهم من الأسباب هو كيف يمكن أن نعالج مشكلة الخيانة ، وكيف نتعامل مع الخائن ؟

في الواقع إذا إعترف الشخص بالخيانة ، سواء زوج أو زوجة و أظهر ندمه علي هذا الفعل وتوبته فإن الطرف الآخر إما أن يقبل أو لايقبل ندمه وإعتذاره هذا حقه، لكن ليس من حقه أبدا أن يشهر بالطرف الآخر ويفضحه أمام الآخرين.

pp

فإن لم يسطتع مسامحته علي فعله فعلي الأقل لا يجعل منه شخص منبوذ من الآخرين يحتقره الناس، فيكفيه الإبتعاد عنه بالإنفصال، لكن إذا ترك المجتمع كله هذا الشخص، سيصبح وحيدا دون إحتواء ليخرج من هذه المحنة، ونكون بذلك نساعد في هلك إنسان ودماره، ومن الممكن أن يرجع لنفس الطريق الذي قد ندم وعزم علي أن لا يعود فيه.

ولنا في فعل رسول الله -صل الله عليه وسلم- أسوة حسنة، فما فعله النبي -صل الله عليه وسلم- مع “ماعز إبن مالك الأسلمي”- رضي الله- عنه فقد جاء ماعز بن مالك للنبي صلى الله عليه وسلم وإعترف بجريمة الزنا،
فقال: يا رسول الله طهرني؛
فقال:«ويحك إرجع فإستغفر الله وتب إليه»،
قال: فرجع غير بعيد ثم جاء،
فقال:يا رسول الله طهرني،
فقال:النبي -صل الله عليه وسلم- مثل ذلك حتي إذا كانت الرابعة قال له رسول الله«فيم أطهرك»،
فقال:من الزنا فسأل رسول الله -صل الله عليه وسلم-«أبه جنون؟»،
فأخبر أنه ليس مجنون،
فقال:«أشرب خمرا؟»
فقال: رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر فقال :رسول الله -صل الله وسلم -«أزنيت»
فقال :نعم فأقام رسول الله عليه الحد ورجم لأن ماعز كان محصن.

ونجد في هذا الموقف من الرسول -صل الله عليه وسلم- رحمة عظيمة فأعطي النبي- صل الله عليه وسلم -ماعز فرصة ليرجع ويتوب ويستر علي نفسه .

فالخيانة جريمة في حق المجتمع والأسرة وفي حق من يفعل ذلك لذلك يجب علينا أن نبتعد عن الأسباب التي قد توقع بنا في تلك الجريمة لننعم بحياة هادئة تخيم عليها الأمان والثقة والحب والرحمة.

كتبت هاجر حمدي