مرت أعوام عدة علي وفاة الفنان صلاح منصور، الذي قدم لفيف من الأعمال الفنية لن تنساها ذاكرة الشعوب العربية مهما طال عليها الزمن، ولن تتلاشي أقواله و كلماته المؤثرة مهما تبدلت الأجيال.
نبذة عن بداية الفنان صلاح منصور:
صلاح منصور هو ممثل مصري ولد في شهر مارس عام 1923 في محافظة القليوبية بمنطقة شبين القناطر، دفعه شغفه وحبه للتمثيل منذ الصغر إلي الألتحاق بالمسرح المدرسي، وإلي جانب دراسته و ممارسته الفن بداخل المسرح المدرسي عمل محررا صحفيا بجريدة روز اليوسف عام 1940، التحق بعد ذلك بالمعهد العالي للتمثيل فحظي بكونه واحداً من أبناء الدفعة الأولى التي تتلمذت في المعهد وتخرج في عام 1947، وبعد مرور أربع سنوات على تخرجه في المعهد قام بعمل فرقة مسرحية بمعاونة زملائه، ثم شغل منصباً في إدارة التربية المسرحية بوازرة التربية والتعليم حتي وفاته.
الكوميديا في حياة صلاح منصور:
وعلي الرغم من إتقان صلاح منصور لأدوار الشر بشكل يثير بداخلك الدهشة ويجعلك تتوهم بأن ما تراه حقيقة ليس بتشخيص عابر أو حتي مُتقن عبر شاشة التلفاز، إلا أنه كان يتمتع بخفة الظل كما كان لدية قدرة عجيبة علي صنع وخلق الكوميديا حتي في أشقي وأصعب المواقف الحياتية، حيث ذكر الأستاذ شكري سرحان في إحدى اللقاءات أنه أجتمع مع صلاح منصور لمذاكرة مشاهد مسرحية وكانت الجملة الأولي لشكري سرحان”رميت في صميم الفؤاد بسهم” وبعدما انتهوا من اجتماعهم اصتدم صلاح منصور من دون قصد بشخص مفتول العضلات فأصابه صلاح بجرح في عينه وبناء عليه قام الأخ مفتول العضلات بضربه ضرباً مُبرحاً فرد عليه صلاح منصور “لقد رميت في صميم الفؤاد بسهم”
و من هنا ذكر سرحان أنه لو أتجه صلاح منصور إلي الكوميديا لترك فيها بصمة عظيمة و متفردة .
عشق صلاح منصور:
كان صلاح منصور من عُشاق الشيخ مصطفى إسماعيل فكان يتلهف على سماع صوته وترتيله لآيات القرآن الكريم لدرجة أنه كان يضطر لحضور عزاء أشخاص مجهولين الهوية بالنسبة له لمجرد علمه بحضور الشيخ مصطفى إسماعيل.
مشوار الفنان صلاح منصور الفني:
أما عن أعماله الفنية فكانت أولها دور ليس بضخم في فيلم غرام و أنتقام عام 1944 وشارك بعدها في عدد كبير من الأعمال المؤثرة لكن حالة الأبداع كان تصل أقصاه حينما يجتمع صلاح منصور بالمخرج صلاح أبو سيف وهذا ما حدث في فيلم بداية ونهاية عام 1960 الذي ظهر فيه ثنائي مختلف ومتكامل العناصر علي شاشات السينما حيث أبدع صلاح منصور وسناء جميل في هذا العمل وتكررت التجربة تارة أخري في فيلم الزوجة الثانية.
ثم قرر بعدها المخرج صلاح أبو سيف بنقل صلاح منصور من منطقة أدوار الشر إلي تجسيد شخصيات أخري غير معتادة وهذا ما حدث في فيلم القضية 68 .
كما شارك صلاح منصور في عدد من المسلسلات الإذاعية وأخرج عدد من المسرحيات منها عبدالسلام أفندي، بين قلبين .
حياة الفنان صلاح منصور مليئة بالتراجيديا:
احتل الحزن والفراق حياة صلاح منصور الشخصية حيث فقد ابنه الأصغر هشام بعد رحلة علاج شاقة حيث كان يعاني من ضمور في أغلب أعضاء جسده، كما فقد ابنه الأوسط في حرب اكتوبر 1973 وحينما تلقي خبر استشهاد نجله قام بتوزيع الحلوي علي المارة وقام كذلك بالتبرع بمعاش ابنه الشهيد لتسليح الجيش المصري .
قصة رحيل الفنان صلاح منصور وآخر كلماته:
وبعد هذا السيل القاتل من الصدمات بدأ سرطان الرئة في ملاحقته وتوطن التليف في خلايا كبده، كان يحاول أن يُخفي ألمه قدر المستطاع إلي أن توفاه الله يوم الجمعه الموافق 19 يناير1979 وكانت آخر كلماته”لا تبكوا،فقد عشت عمري وأنا أكره أن أري الدمع في عيونكم، ولن أحبها بعد موتي”