الرضا بما ليس منه بد.. النصيحة الثانية لحياة نفسية سليمة

الرضا بما ليس منه بد

الرضا بما ليس منه بد

تناولنا فيما سبق الحديث عن كارنيجي ونصائحه عن كيفية العيش حياة مستقرة بعيدة عن كل ضغوط الحياة، حيث استعرضنا النصيحة الأولى (عش في حدود يومك)، والتي تستطيع من خلالها أن تعالج همومك والقلق في حياتك، وفيما يلي سوف نستعرض معًا النصيحة الثانية الرضا بما ليس منه بد لكارنيجي مع دكتور عادل هندي، حتى تستطيع أن تحيا حياة سعيدة إلى حد ما.

الرضا بما ليس منه بد:

كيف نواجه مثل هذه الأزمات؟

لا تخلو الحياة من الأزمات والابتلاءات، والتي تعد من ضروريات الحياة، ولكي نتعامل معها لابد من اتباع النصيحة الثانية لكارنيجي وهي (الرضا بما ليس منه بد)، حيث يحكي كارنيجي عن (بودلي) مؤلف كتابي (رياح على الصحراء، الرسول) تحت عنوان (عشت في جنة الله)، ملخصه أن الرجل أذهب القلق بصحبة أعراب المسلمين الذين يؤمنون بالقضاء والقدر ويسلمون راضيين بما قدر الله تعالى.

كيف نواجه مثل هذه الأزمات؟

حيث هبت عاصفة صحراوية رملية، فأهلكت كثيرًا من الغنم، ولما هدأت العاصفة، كان الرجل في غاية الانفعال والتأثر، بينما كان الأعراب ينادون بعضهم بعضًا وهم يضحكون ويحمدون الله عز وجل، فهم يؤمنون بالقضاء والقدر.

اقرأ أيضًا: تعرف على 4 أسباب زيادة الرزق

ماذا يعني الرضا بما ليس منه بد؟

يعنى الرضا بما ليس منه بد، هو عند التعرض لصدمات وأزمات وابتلاءات، تجد من يرضى ويسلم للقضاء ولا يجزع، وفي المقابل تجد من يجزع ويشتكي ويتبرم، فهناك أمثلة عن هذه الابتلاءات كالتالي:

  • فقد صاحب شركة لأسهمه في البورصة وإصابته بحالة عصبية، حمل على إثرها إلى مستشفى الأمراض العقلية.
  • تجارب فقد لشخص عزيز (أب، أم، ابن..)، وما يتبعه من أزمة اكتئاب ودوامة حزن مستحيل الخروج منها.
  • الزواج من شخص فقير، فيتردد سؤال لماذا أنا بالذات تزوجته ؟.
  • الالتزام في العمل وأداؤه بأمانة، ثم لم يتم تقديري بل فصلي منه، هل أرضى أم أجزع؟
الرضا بما ليس منه بد

كيف نواجه مثل هذه الابتلاءات والاختبارات؟

معلوم أن هذا الكون بما فيه ومن فيه وبما عليه ومن عليه، كله ملك لخالق واحد مدبر، يصنع في ملكه ما يشاء كيفما شاء، في المقابل هذا الإنسان ذاك المخلوق الكريم المكرم يتعرض لأشياء في الدنيا قد تتعارض مع ما يريده، وما تريده رغباته وانتماءاته، فإما أن يصبر، فيكون له الغنى والسعادة، وإما أن يجزع فيكون له الفقر والتعاسة المادية والمعنوية.

كيف نواجه مثل هذه الابتلاءات والاختبارات؟

وللتأكيد على (ضروره الرضا بما ليس منه بد)، قول الفيلسوف شوبنهور: “التسليم بالأمر الواقع ذخيرة لا غناء عنها في رحلتنا عبر الحياة”، كذلك الأجمل والأصدق ما قاله عمر بن الخطاب حيث قال: “وجدنا خير عيشنا بالصبر”، فأجمل وصفة لمواجهة الهموم والقلق هي الصبر.

 

دليل من القرآن والسنة؟

من نسمات القرآن في هذا الشأن، قال تعالى: “قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون”، فكل أمر بيده وحده، ولن تستطيع أن تغير أنت في كون خالقك، فأقبل حياتك كما هي.

ومن النفحات النبوية في هذا الشأن، ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم: “إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط”.

نموذج عملي من الحياة لتطبيق الرضا والتسليم بقدر الله؟

هناك نموذج رائع لجبلين في الرضا والصبر وإليك القصه وعبرها، (أبي طلحة وزوجته)، كان لأبي طلحة هذا غلام يحبه حبًا شديدًا، فعاش حتى تحرك فمرض، وأبو طلحة يغدو على رسول الله ويروح، فراح روحه ومات الصبي، فعمدت إليه أم سليم ، فطيبته ونظفته وجعلته في المخدع، وطلبت من أهله ألا يخبره أحد بوفاة ولده، فأتى أبو طلحة، فقال: “كيف أمسي بني؟”.

قالت: “بخير ما كان منذ اشتكى أسكن منه الليلة”.

فحمد الله وسر بذلك، فقربت له عشاءه، فتعشى ثم مست شيئًا من طيب، فتعرضت له حتى واقع بها – يعني جامعها.

فلما تعشى وأصاب من أهله، قالت: “يا أبا طلحة رأيت لو أن جارًا لك أعارك عارية، فاستمتعت بها، ثم أراد أخذها منك أكنت رادها عليه؟”

فقال: “أي والله لكنت رادها عليه”.

قالت: طيبة بها نفسك؟

قال: طيب بها نفسي.

قالت : فإن الله قد أعارك بني ومتعك به ما شاء، ثم قبض إليه، فأصبر واحتسب.

فاسترجع أبو طلحة وصبر، ثم أصبح غاديًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحدثه حديث أم سليم كيف صنعت.

فقال رسول الله: “بارك الله لكما في ليلتكما”، وقد ورد أنها جاءت بولد من هذا الجماع وتلك الليلة وهو عبد الله بن أبي طلحة.

نتعلم من هذا الموقف مدى صبر المرأة وفقهها في توصيل الخبر لزوجها بأسلوب رائع لم نر مثله في حياة المتزوجين، مدى الرضا والصبر على قدر الله وفقهه في الاسترجاع عند الخبر المحزن، ثواب (الرضا بما ليس منه بد)، دعاء من النبي بالبركة، حيث كان لهم من الولد الكثير كلهم يحفظون القرآن.

اقرأ أيضًا: قيمة العطاء طريقك للسلام النفسي

كتبت: نيفين رضا الدميري.