أحيانًا لا تتغير حياتنا فجأة، وإنما نكبر من الداخل بهدوء.

هذه الخاطرة تُشبه مرآة صغيرة ترى ما لا نراه في ذواتنا، عن التسامح والنضج وتجاوز الغضب دون صخب.

قراءة بطيئة قد تكشف الكثير.

لكل شيء حي ذاكرة.. أشدهم قوة، ذاكرة الجسد فهو يمتزج بكل حواسه داخل المواقف، الأشياء والأشخاص، لكن أنا لدي شيء جامد يحوي ذاكرة لا تنسى أبدًا، شيء أستطيع من خلاله رؤية التفاصيل بمساحات واسعة وبقدر كبير من التركيز.. إنها نظارتي السوداء.

“التسامح، النسيان، التأقلم والمعايشة”، هذه بالنسبة لي كانت مجرد مسميات، شيء خيالي لا احبذه أو انفذه في حياتي، من آلمني أذيقه الألم في جِرار، من عاد يطلب السماح صفعته بلسان جحيم، ومن جاء يريدني أنسى الماضي ونتعايش ونتأقلم فيما هو آتي أرسله مبعوثًا لإبليس في لفافة سجائر رخيصة.

رصدت نظارتي السوداء لي قيامي بفعل تلك المصطلحات باريحية كبيرة، وكأني أصبحت شخصًا آخر، كلما تقدم بي العمر يومًا بعد يوم أجدني ابتعد عن أفعال لازمتها سنوات وأفعال آخرى ارتديها بعد ازدراء، وجدتني أسامح دون طلب، وأبرر أفعال المقربين دون حاجة للرجاء في التأقلم والمعايشة، وأتناسى كل شيء في سبيل الراحة والهدوء.

 صخب حياتي، مجادلتي ومحاوراتي، عبوسي المستمر وغضبي المشتعل، كل شيء أصبح يتلاشى تدريجيًا وتهفو بدلًا عنهم نسائم الدعة والصفاء النفسي والبدني، شمائل كثيرة اتخذت أماكنها بداخلي عنوة، فلم يعد من المُجدي إقامة الصراعات في حياة بالية تجعلني أمرض و أقع في انهيار منتحبة باكية.

أصبحت أتناسى مايؤلمني كي لا يزيد في إيلامي، وأسامح من ضايقني دون أن يريد هو ذلك، وأتأقلم مع كل التغيرات التي تطرأ على حياتي، وأتعايش معاها بكفاءة، لكن هذا لم يجعلني اتخلى عن أهدافي وطموحاتي واحلامي وخططي المستقبلية هذا فقط جعلني أنظر لهم بنظرة أكثر نضجًا، أكثر واقعية، وأكثر عمقًا.

إن لامستك هذه الخاطرة، فقد تلامسك أيضًا بعض الكتابات ذات الحس القريب والوقع الهادئ، مثل: