قرية بشرى آخر معاقل المسلمين في الأندلس، في الأجزاء السابقة، عرفنا كيف سقطت غرناطة آخر ممالك الإسلام في الأندلس، وكيف أعلنت الملكة إيزابيلا عن حلمها ألا يعيش معها على شبه الجزيرة الإسبانية إلا من كان مسيحيًا كاثوليكيًا، وعلى المذاهب المسيحية الأخرى والأديان السماوية كاليهودية والإسلام تغيير مذهبهم أو دينهم أو مغادرة إسبانيا.
وعرفنا كيف قاومت إحدى قرى غرناطة الجيش الإسباني، ولجوء سكان القرية إلى جبل الرحمة المجاور لقريتهم في انتظار آخر جولات الحرب مع الجيش الإسباني.
الهجوم الإسباني على قرية بشرى:
أشرقت الشمس على قرية بشرى التي تحولت إلى أثر بعد عين، فالنيران التهمت بيوت القرية وجعلتها خرابًا، وحاصرت قوات الجيش الإسباني جبل الرحمة من كل جانب، وأعلن القائد فيجو لرجاله أنه لا يريد أن يرى مسلمًا من سكان هذه القرية، وعليهم قتل الجميع رجال أو نساء، أطفال أو شيوخ.
وانطلق الجنود الإسبان يصعدون إلى قمة الجبل ولا أثر للسكان، وكلما صعدوا أصبحت ممرات الجبل أضيق وأكثر خطورة.
اقرأ أيضًا: الأندلس المفقود .. مؤامرات وخيانة سببت سقوط الأندلس
مقاومة سكان قرية بشرى:
فجأة تنشق حجارة الجبل عن سكان القرية يلقون على قوات الجيش الإسباني سهامًا وحجارة، أصابت الكثيرين منهم في مقتل، وجعلت القوات تتوقف عن التقدم.
لكن القائد فيجو حث قواته على مواصلة الصعود، والاشتباك مع هؤلاء المتمردين وقتلهم، وأرسل تعزيزات أخرى لجنوده، واشتبك الأمير فيليب هو والعمدة صفي الدين وسكان القرية ببعض قوات الجيش الإسباني، وسقطت ضحايا من الجانبين، وكلما سقط بعض جنود الجيش الإسباني، أمر القائد فيجو بأن تحل محلهم قوات أخرى لم تشارك في الحرب.
خدعة القائد فيجو:
هنا شعر صفي الدين بخطورة الموقف، وأن الجيش الإسباني يلقي بزهرة شبابه فى أتون المعركة ولا يكترث بكمية الخسائر الفادحة التي تصيب جنوده؛لهذا أعطى صفي الدين إشارة لأحد رجاله، فقام بإشعال برميل البارود الموضوع وسط منحنيات الجبل، فنفجر البرميل البارودي، ودمر جزءًا من الجبل وتساقطت الحجارة على الممر الجبلي لتصيب الجانبين، لكنها تقوم بعمل سد هائل من الركام والحجارة فصل بين الجانبين.
وأسرع جنود الجيش الإسباني بالهبوط من الجبل؛ طلبًا للنجاة، وأيضًا أسرع سكان القرية بالعودة إلى كهوف الجبل؛ ليستريحوا ويعالجوا مصابيهم، كاد القائد فيجو أن يجن من قوة مقاومة هؤلاء الفلاحين المتمردين، وهنا أشار عليه أحد مساعديه بأن ليس كل المعارك تكسب بالقوة، وعليه أن يغير من سياسته، ويخدع هؤلاء المسلمين ويحصل على ما يريد.
وأشار عليه مساعده أن يتوقف القتال، ونطلب من سكان القرية مغادرة الأراضي الإسبانية، ونرسل في طلب المدافع، فلو وافقوا على طلبنا بمغادرة إسبانيا، فقد حقق القائد ما يريد، وإن لم يوافقوا فتحصدهم نيران المدافع الإسبانية، وتهدم الجبل على رؤوسهم جميعًا، ابتسم القائد فيجو وطلب من مساعده تنفيذ اقتراحه بأسرع وقت.
لم يوافق سكان قرية بشرى على طلب القائد فيجو، ورفضوا مغادرة إسبانيا، وواصلوا مقاومتهم حتى النهاية، وظلوا على أرضهم حتى بعد سقوط الأندلس.
اقرأ أيضًا: الأندلس المفقود .. فئة قليلة تهزم فئة كبيرة
كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.