دماغك تحت تأثير المواد الإباحية

حلوى العيون هو المصطلح الذي يطلقه مافيا صناعة الأفلام الإباحية على منتجاتهم ، ربما لإيهام زبائنهم أنها متعة مجانية ليس لها مضار جسدية تذكر على خلاف التبغ و الكحول و المخدرات،

وقد ساد لدى الناس مفهوم خاطئ ألا وهو إن كان هناك من ضرر للأفلام الإباحية فإنه لا يعدو على أن يكون أخلاقيا أو دينيا و في أسوأ الأحوال قد يكون الضرر نفسيا، مما أدى إلى عدم الشعور بوجود مشكلة حين مشاهدتها و الإدمان عليها بل و أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياة الأغلبية العظمى من الشباب يتجرعون ما تمليه عليهم من فساد و فحش بعيد كل البعد عن الفطرة الإنسانية السليمة ، كما أنها غزت بيوتاتنا و فرش الزوجية و فرضت حضورها المدمر في غرف النوم مما أدى إلى كثير من المشاكل المسكوت عنها و التي غالبا ما تدمر الأسرة بصمت .

إن هذه الصناعة التي تساوي ١٠٠ بليون دولار تعزف على وتر الإدمان البصري و تترك تأثيرا بيولوجيا مخربا على دماغ الإنسان و الكيميائية الناظمة له و سأذكر مختصرا ما أمكن الطريقة العلمية التي تؤدي من خلالها إلى وضع متابعيها على طريق الانحلال و الضياع تماما كما يحدث عند مدمني المخدرات ، فإن كنت لا تزال تظن أن هذه العادة طبيعية تماما و لا تشكل أي ضرر ؛ أعد النظر مجددا

فمن الجدير بالذكر أن الإدمان له طريق واحد سواء أكان على الأفلام الإباحية أم على الطعام أم على المخدرات و أعني بذلك أن الحوادث التي تحصل في الدماغ في جميع الحالات واحدة وما يحدث خلال الدقائق المعدودة التي نقضيها في مشاهدة فيلم من هذا النوع كفيلة مع تكرارها بإحداث تغيير عميق في الشخصية و طريقة التفكير، فضلا عن الخلل الكبير في التوجه الجنسي السليم .

يوجد في عمق الدماغ مركز للرغبة يجعلنا ننشد اللذة في كل شيء مثل الأكل والجنس و الاستماع للصوت الجميل و رؤية المناظر الخلابة كما يجعلنا نطمح للتفوق و نبحث عن المتعة أينما وجدت و تتم إثارة هذا المركز في الإنسان الطبيعي عن طريق مجموعة من المواد الكيميائية (الأدرينالين ، الدوبامين) التي ينتجها الدماغ و من دون هذه المواد نفقد الرغبة بكل شيء بدءا من الطعام و الشراب مرورا بالجنس و التواصل الاجتماعي و انتهاء بالنجاح و تحقيق المكانة المرموقة و نظرا لأهمية هذا المركز فهو يخضع مباشرة لسيطرة الجزء الأمامي من الدماغ المسمى بالفص الجبهي حيث يمثل دورا كابحا للرغبة ، لأنه مركز المحاكمة عند الإنسان ، فالشخص السوي مثلا لا يقدم على اغتصاب أي فتاة بمجرد وجود الرغبة لأن لديه محاكمة سليمة تجعله يدرك عواقب أفعاله و هذا دور الفص الجبهي، المشكلة تبدأ عند تكرار إثارة مركز الرغبة بصورة مستمرة أثناء مشاهدة الأفلام الإباحية( او استخدام المخدرات)حيث يؤدي تحفيزه بشكل مستمر إلى نفاد المواد الكيميائية اللازمة و ضمور الخلايا المنتجة لها مع الوقت مما يلزم استخدام جرعات أكبر من الإثارة لتوليد النشوة ذاتها حيث يحتاج المرء إلى صور و مشاهد صادمة أكثر مثل الجماع خلاف الطبيعة أو السادية و العنف و غيره لذلك نرى تدرجا عند بعض مشاهدي الأفلام الإباحية من المشاهد الطبيعية إلى الشاذة وصولا إلى أقصى درجات الانحراف كاغتصاب الأطفال .

الشيء الآخر الذي يحدث هو إنهاك الفص الجبهي و ذلك لمحاولاته اللاهثة كبح الرغبة المثارة باستمرار مما يجعله يضمر مع الوقت و كنتيجة لذلك تضعف المحاكمة عند المدمن و يقل إدراكه لعواقب أفعاله و مما يؤيد هذا الطرح وجود تطابق كبير في السلوك بين المدمنين وبين المصابين بتلف في الفص الجبهي نتيجة الحوادث المرورية حيث يتصف سلوكهم بثلاث سمات مميزة ( متلازمة الفص الجبهي) :

  1. الاندفاع دون النظر إلى عواقب الأفعال

٢-التركيز على فعل معين و تكراره بصورة وسواسية

٣-الهشاشة العاطفية و تقلبات المزاج

هذه الصفات و التغيرات مشتركة بين جميع المدمنين على اختلاف المادة التي أدمنوها سواء القمار أم المخدرات أم الجنس لكن الذي يزيد الطين بلة في حالتنا هذه أن الإدمان هنا ذو مسار خفي سري مثل السرطان يتضخم بصمت و ينتشر كما أنه ذو طبيعة تعليمية حيث يلعب الفضول و الوسواس دورا إضافيا مع اللذة الناجمة عن المشاهدة تدفع المرء في عصر الإنترنت إلى الولوج في عالم الإباحية و البحث بين ملايين المقاطع المنتشرة لتعلم أفكار وأساليب جديدة و بذلك تصبح الأفلام الوسيلة الوحيدة للتربية الجنسية خصوصا في عالمنا العربي لعدم وجود خطة واضحة في نشر ثقافة جنسية صحيحة

إن الطريق الذي يسلكه مشاهدو الأفلام الإباحية ينتهي عند التدمير الكامل للمتعة لديهم، مع ما يصاحب هذا الإدمان من نقص في الإنتاجية و انحراف في التفكير لدى شباب المستقبل الذين أصبحت الأفلام لديهم المصدرالوحيد للتثقيف الجنسي، فالظاهرة مستفحلة مع انتشار الإنترنت مما يستدعي تضافر الأسر و السلطات لوضع حد لها لأن ضررها صامت و سيرها بطيء هادم للأسرة و المجتمع.

كتبت: غادة عيد