من الطبيعي أن تختلف معايير النجاح وتتطور بتطور واختلاف الأجيال، فمع مرور السنين تتقدم وسائل التواصل والتعلم، ويصبح المستحيل فعله أسهل ما يمكن على الإطلاق، وتصبح طرق الحصول على المعلومة مُهيئة لمن أراد ذلك، فإن كنت لا تطيق قراءة الكتب فبإمكانك اليوم سماعها، وإن كنت لا تطيق البحث لساعاتٍ طوال في بحور العلم العميقة فبإمكانك الاستعانة بصديقك المثقف جوجل، وعلي الرغم من هذه التطورات الجسيمة في عصرنا الحالي، إلا أن صفوف المشاهير اليوم تكاد تخلو من العباقرة والمثقفين والآدباء والسبب في ذلك ليس اندثار تلك الطبقات، ولكن السبب الحقيقي هو أختلاف معايير النجاح.
انقلاب معايير النجاح
ستدرك كيف انقلبت معايير النجاح رأساً على عقب إذا ألقيت نظرة سريعة على منصة اليوتيوب، ستجد أن ذلك المبدع الذي أكل ثلات دجاجات في ظرف نصف ساعة قد حصل على أعداد مشاهدات عظيمة كما أصبح لديه سيل عارم من المتابعين والمعجبين، أما عن البائس الذي ألقي شعراً قام بنظمه، وأبدع في اختيار عباراته، و أحسن الوصف حد الخيال، لم يهتم أحد لأمره سوي أفراد أسرته واثنان آخران .
كلما كنت أبله كلما كنت ناجحا!!
فكلما كنت أبله وصاحب محتوى عديم الفائدة كلما اجتمع الناس على متابعة أعمالك الهزيلة،ومن هنا أصبح الحلم الذي يراود أغلب الشباب هو أن يصبحوا أحد مشاهير التيك التوك أو اليوتيوب بغض النظر عن المحتوى ، فالأهم أن يكون مشهوراً ويتهافت عليه جموع البشر من أجل التقاط صورة معه.
فلم يعد هناك أي داع للبحث عن محتوى هادف وحقيقي، ولم يعد هناك متسع من الوقت لتعلم مهارات مختلفة، ولم يعد هناك مجال لوضع أهداف حقيقية وثابتة.
فأصبحت قصص نجاح السالفين وسيرهم الذاتية تراثا قديما لا يقتدي بها إلا الأصحاء وهم اليوم قليلون .
كن صاحب هدف عظيم
في نهاية الأمر حتى وإن تمتع الأغبياء ومعدومو المواهب بنجاح زائف لبعض الوقت ، سيظل العلماء والمفكرون والمثقفون أصحاب بصمة ثابتة لن يستطيع الوقت إزالتها وحتما ولابد أن ترى أعمالهم أنوار الشهرة الساطعة، فلا تتسرع في الحصول على نجاح زائف لن يستمر الكثير، ولا تنجرف وراء قطيع أبله مصيره الفناء الأبدي.
فكن صاحب هدف عظيم، تعلم وحاول إلي أن يحلق حلمك في الأفق عالياً، اجعل من حولك يقتبسون من نجاحك معايير التفوق الحقيقية .
كتبت: إسراء علي