حياة يقودها عقلك، خير من حياة يقودها كلام الناس “أنتِ جميلة، أنت غبي، أنت تستطيع، أنت فاشل” لاشك في أن للكلمة أثر، فكلمة واحدة قد تكون دواء، وكلمة واحدة قد تصنع معجزات.
الكلام هو لغة للتواصل بين بني البشر واللغة هي مفتاح بوابة السعادة والنجاح وإن ملامح أية شخصية تظهر من خلال آليات محادثتها واختيار ألفاظها وعبارتها فعند التعامل مع أحد علينا باختيار عبارات منتقاة بعناية شديدة وذلك لنملك قدرة توجيه المحادثة والسيطرة عليها بشكل كامل وبذلك نستطيع أن نسيطر على الآخرين.
وذلك يمكن من خلال تشجيع الآخرين على الكلام أكثر عن أنفسهم من خلال طرح أسئلة ايجابية وإظهار اهتمامات صادقة بهم والتحلِّي بحُسنِ الاستماع إليهم والاهتمام بالمُتحدث أكثر من الموضوع نفسه ،وتجنّب مُقاطعته أثناء التكلم، والحرص على المُناقشة بدلاً من المُجادلة التي تجرح ، وأن يكون الهدف الأساسي هو الوصول إلى الحقيقة وليس الانتصار والتميّز على الطرف الأخر في الحديث.
فعندما نُلِم بحاجات الآخرين ورغباتهم الدفينة بهم فبذلك نترك انطباعاً غاية التميز لديهم وكما أن لتفكيرك واختيار كلماتك أثرا علي غيرك فتأكد أنهم أيضاً لهم كل الأثر عليك وعلى حياتك وتقدمك وتميزك.
فتعد الرغبة في الشعور بالأهمية والتقدير والاحترام من أعمق الرغبات التي تستحوذ وتسيطر على الجميع ويمكن لأي شخص وبسهولة أن يُشبع تلك الرغبات الدفينة من خلال كلمات، مجرّد كلمات بسيطة لن تكلفه شيئاً ، لا مجهوداً ولا تفكيراً ولا غيره.
إن التعامل مع الآخرين يكاد يُشبه وقوفك أمام المرآة بمعنى أن كل مواقفك وسلوكك وتعابيرك تنعكس على الآخرين فلو ابتسمت ابتسموا ولو تجهمت تجهموا …إلخ وربما الابتسامة والكلمة الطيبة تطفئ لهيب غضب الآخرين وتطيب النفوس وشتان بين المداهنة والثناء فالمداهنة كذب وتملق فهي أشبه بأن تشتري صداقة الآخرين بعُملة مزيفة، وكذا فإن الآخرين يستطيعون كشف هذا الزيف بسهولة كبيرة فكن على طبيعتك ولا تكن نسخة من غيرك.
فإن القاعدة التي يرتكز عليها أساس كون الشخص مشهوراً هي أن يحبه الجميع ويفضلون وجوده دائماً معهم يرونه ويتحدثون معه ويشاركه الجميع كل شيء، وكذلك ليس أي شخص يود الإنسان مخالطته ولا صحبته، وإذا كنت من محبي الشهرة وجذب الاهتمام ولفت الأنظار إليك فعليك أن تتحلي بعدة صفات أولاً لتكسب شهرتك وحب الآخرين لك وقد أشار إليهم الدكتور / إبراهيم الفقي في أحد كتبه قائلا:
أولاً:- ادخر بل كَرِّس ووجه اهتمامك كله للآخرين ،فلا يوجد شخص كبيراً كان أو صغيراً رجلًا كان أو مراة لا يسعي خلف الاهتمام، أو إلي من ينصت له ولأفكاره ويعطيه شعوراً أنه شخص عظيم
ثانياً:- عليك بتجنب الحديث عن نفسك وعن مدي روعة إنجازاتك فحتى أقرب الأقربين لك لن يتحملوا سماع قصتك الخرافية هذه ولن يتحلوا بالصبر لإكمالها، فلو وددت الحب فعليك أن تنسى نفسك وركز علي الآخرين .
ثالثاً:- تعلم فن الإنصات بكل جوارحك بأذنيك وملامحك وكل ذرة فيك بالطبع الإنصات أمر صعب وشاق يحتاج مجهود وتركيز لا شك في هذا ولكنك بحاجة لتوظيف أذنيك وعينيك وتعابير وجهك فهي توحي بأكثر مما توحي به الكلمات
أما إذا أردت أن تكون منبوذاً فلا أسهل وأسرع من هذا عليك بفعل الآتي وأضمن لك أن تُنبذ في أسرع وقت ممكن (احتكر المحادثة لنفسك، تكلم بصوت عال، قاطع غيرك علي الدوام، افرض قرارتك علي الآخرين، اصطد أخطاء غيرك) ومبارك عليك أنت هكذا منبوذ وبدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف.
ولكن أحقاً هناك من يتمنى ويود أن ينبذه من حوله؟! بالتأكيد لا يود أحد أن ينبذه الآخرون، الكلمة الطيبة وكذلك المعاملة الحسنة لن تكلفك شيئا بالعكس ستُزيدك حب الآخرين واحترامهم، فالكلمة الطيبة قد تفعل بالإنسان مالا تفعلهُ الأدوية القوية فهي حياة خالدة ولو فني صاحبها وهي بمثابة جواز مرور لقلوب الآخرين، فكن شخصاً يستحق هذا العبور لقلوب غيره
إن الشعور بالقيادة وكونك قائدا لمن حولك شعور الكل يرغب فيه إن لم يكونوا يهوونه ويسعون لأجله دائماً
ولكن في المقابل؛ هذا يتطلب بعض المجهود الذهني والبدني أيضاً فالقيادة تطلب نوعاً من الحكمة والخبرة والفطنة والمهارة فإذا كان من المستحيل التحكم في الآخرين بالقوة الجبرية عن طريق إصدار أوامر إذاً فلتضمن لأوامرك الاحترام علي الأقل.
فعندما يكون لديك السيطرة علي كلماتك وتعرف كيف تستخدمها لصالح أهدافك ومشاعرك فهنيئاً لك أنت هكذا تسير علي الدرب الصحيح وبخطوات كلها ثقة ومع قلة قليلة من الوقت ستصدر أوامرك وأنت كلك ثقة أنها ستُطاع وتقابل بالاحترام وكذلك التقدير
ولكن عليك أولاً أن تستعين دائما بكلمات شكر وتقدير وسط حديثك فهذا يجعل من أمامك يبذل كل مافي وسعه لأجلك وامنح من أمامك الأمان العاطفي بمعنى أن لا تهدده حتي لا يشعر بالخوف من فقدان منصبه أو وظيفته أو شيء يملكه وكن متقربا منه وأخبره أن يسأل عن أي شيء متى تعذر عليه فهمه
إن الاحترام والمكانة العالية في قلوب الآخرين لا تُتاح لأي شخص ولا في أي وقت فاستغل كل فرصة تتاح إليك، تفان في عملك، وتمسك بما تراه صواباً
ودائماً تقبل النقد بنوعيه واعلم أن كل من ينقدك فقد أسدى إليك معروفا دون قصد لكي تكمل كسور عملك أو شخصيّتك وتصبح مكتملة.
إن كل هذا يحدث بكلمة، كلمة قد تكون أخرجتها دون تفكير، كلمة منك يمكنها هدم إنسان، وكلمة يمكنها ترميمه بل بناءه علي أكمل وجه ممكن فتذكروا أن الكلمة الطيبة صدقة فكن إنساناً ذا إنسانية
“هناك بعض الكلمات تستقر في القلوب كرأس الإبر متي ما تحركت أوجعتك”