“دا احنا هنريحوكي” … أكثر من قرن على ميلاد أيقونة الشر في السينما.. “نجمة إبراهيم”

"دا احنا هنريحوكي" ... أكثر من قرن على أيقونة الشر في السينما.. "نجمة إبراهيم"

"دا احنا هنريحوكي" ... أكثر من قرن على أيقونة الشر في السينما.. "نجمة إبراهيم"

“ظلام دامس، موسيقى رعب وبعض الهياكل العظمية والإيحاءات المخيفة” نتفق جميعاً أن هذه هي العناصر الأساسية في صنع مشهد رعب متقن، ولكن ماقولك بالاستغناء عن كل ذلك بنظرة واحدة فقط… نعم نظرة واحدة فقط كفيلة بدب الرعب في أوصالك لتجعلك تبحث عن مهرب من ذلك الخوف مع علمك التام ببعدك عشرات السنين عن تلك النظرة.

نجمة إبراهيم

تعابير مخيفة، نظرة قاتلة وفحيح صوتي قاتل تلك هي أهم صفات بطلتنا اليوم، من تربعت بجدارة على عرش أدوار الشر في ثلاثنيات القرن الماضي ولن أبالغ إن قلنا لليوم، أتت بجدارة لتنافس أعتى أشرار السينما المصرية “محمود المليجي، الدقن وإستيفان روستي” وتثبت من جديد أن الأنثى قادرة على فعل المسحيل، فبعد انحصار تلك الأدوار في الرجال فقط تأتي هي لتسحب البساط من تحت أقدامهم برقة الأنثى وإبداع النجمة… نعم هي “نجمة إبراهيم” أو بوليني أوديون، مصرية الميلاد والمنشأ، يهودية الديانة، معتنقة الإسلام وشديدة الوطنية.

نجمة إبراهيم

ولدت نجمة أو بوليني في 25فبراير 1914 لأسرة يهودية مصرية، درست بالمدرسة الليسية لتتركها في المرحلة الإبتدائية متجهة لعشقها الأول الفن وتشجعها أختها الفنانة “سرينا إبراهيم”، بدأت مشوارها الفني كراقصة ومطربة ومقدمة مونولوجات متنقلة بين الفرق المسرحية المختلفة مثل بشارة واكيم، والريحاني وبديعة مصابني، وتبدأ مشوارها السينمائي في عمر ال27 بفيلم الورشة لتكن انطلاقتها بعد ذلك لأكثر من 40 فيلم سينمائي منهم 3 أفلام من أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية هم”ريا وسكينة،جعلوني مجرما وصراع الأبطال”، تاركة خلفها بصمة لا تمحى داخل كل من يشاهدها ولعل من اشهر افلامها” غادة الكاميليا”أمام زكي رستم وفاتن حمامة والذي كان أيضاً آخر أعمالها المسرحية لتظهر موهبتها على الجانبين السينمائي في افلام مثل”الخطيئة، اليتيمتين، رنة خلخال وجعلوني مجرما” وأيضاً الجانب المسرحي ك”شهرزاد، زواج الحلاق، الملك لير والأب ليونارد”، ولكن كل ذلك لا يمثل ربع براعتها في دور ريا بفيلم “ريا وسكينة” فيصل إبداعها في ذلك الدور إلى العالمية، بل وتستخدم كأداة لتخويف الكبار قبل الأطفال”هتسكت ولا أجبلك ريا”.

وعلى عكس ما يظهر أمام الكاميرات عرفت نجمة بطيبتها الشديدة بل وخوفها حتى مما قد قدمته معترفة بنفسها بذلك في أحد اللقاءات أنها تخشى ريا بشكل كبير ولعل هذا ما جعلها تبرع في أداء تلك الأدوار لتجسد أقصى معاني التضاد والإبداع في آن واحد.

تزوجت نجمة مرتين الأولى من الملقن عبدالحميد حمدي ثم الملحن عباس يونس ولم ترزق بأطفال، واعتنقت الإسلام في سن الثامنة عشر وقيل أنها حولت بيتها إلى دار لرعاية الأطفال وتحفيظ القرآن الكريم، وعرفت بوليني بنزعتها الوطنية القوية ومساندة ثورة يوليو1952،بل وتبرعت بدخلها في كثير من الاعمال للجيش المصري لتستحق وسام الاستحقاق ومعاشا استثنائيا من الرئيس انور السادات كتقدير وعرفان لمواقفها الوطنية وعطائها الفني،بل ويمتد ذلك لعلاجها على نفقة الدولة بعد إصابتها بالشلل في آخر سنواتها ليتم شفاها ثم تعتزل الفن لمدة 13 عام.

الفنانة نجمة إبراهيم مع الفنانة شادية

وفي 4 يونيو 1976 عن عمر يناهز 62 عام،تاركة تاريخا زاخرا وبصمة سينمائية لا تمحى فاتحة المجال لدخول المرأة دور الشر في السينما المصرية أمثال “علوية جميل،زوزو ماضي ونعيمة الصغير”ولكنها تظل محتفظة بالقمة لشخصها لا ينازعها فيه منازع.

وفي الختام من منا لم يشعر بالخوف يوماًوهو يشاهد نظرات ريا،بل من منا لم يصدق ويؤمن بوجود الأم الشريرة عندما شاهد بوليني تقوم بهذا الدور.

سرينا إبراهيم شقيقة الفنانة نجمة إبراهيم

“حتى أنت يا أعرج بتحب،دا إحنا هنريحوكي،قطيعة محدش بياكلها بالساهل”جمل خرجت على لسان مبدعة لتتحول لزمات على ألسنتنا لليوم معترفين بإبداعها حتى النهاية،107 عام على ميلاد أسطورة الشر المصرية وأيقونة الرعب السينمائية فأقل ما يمكن أن نقدمه هو الاعتراف بتاريخها الفني العظيم فحقآ شكرآ جزيلاً على كل مشهد ولحظة وشعور نقل إلينا من مجرد النظرة.

 

 

بقلم:-هدير محمد طلبة