اصنع من الليمون المر شرابًا حلوًا.. النصيحة الرابعة لحياة نفسية هادئة

The ease with hardship

نصائح كارنيجي لحياة نفسية هادئة

استعرضنا فيما سبق بعضا من نصائح كارنيجي من ٣٠ نصيحة بتحليل إسلامي واقعي ، لكي تحافظ على التوازن النفسي في حياتك وتعيش حياة سعيدة.

تحدثنا من قبل عن حكمة (عش حياتك في حدود يومك)، ولا تحمل هم المستقبل حتى لا تخسر لذة الحياة ، كما تناولنا حكمة ( الرضا بما ليس منه بد ).

فعند التعرض لأزمات وابتلاءات وصدمات ، فلابد من الصبر والتسليم بالأمر الواقع حتى تعيش في سعادة.

وفيما يلي سوف نتناول نصيحة أخرى من نصائح كارنيجي وهي

“اصنع من الليمون المر شرابًا حلوًا “ ، وسوف يساعدنا الدكتور ( عادل هندي ) مدرس بجامعة الأزهر بشرح وتفسير هذه النصيحة من منظور إسلامي واقعي ، حتى نستطيع تطبيقها في حياتنا بشكل عملي.

س ١: ما تفسير كارنيجي بشأن النصيحة الرابعة ” اصنع من الليمون المر شرابًا حلوًا ” ؟

كل إنسان يمر بالشدائد والابتلاءات في هذه الحياة ، إما أن يستسلم لليأس في مجابهتها، وإما أن يكون إيجابيًا في التعامل معها ويكون ذا نظرة إيجابية تبشر ولا تنفر ، تيسر ولا تعسر ، وفِي هذا الشأن يقول كارنيجي:
” مَن خلف قضبان السجن تطلع إلى الأفق اثنان من المسجونين ، فاتجه أحدهما ببصره إلى وحل الطريق ، أما الآخر فاطلع إلى نجوم السماء”.

كما يقول كارنيجي ( كلما ازددت إيغالًا في دراسة الأعمال العظيمة التي أنجزها بعض النوابغ ، ازددت إيمانًا بأن هذه الأعمال كلها ما تمت إلا بدوافع من الشعور بالنقص.

هذا الشعور الذي حفزهم إلى القيام بها واجتناء ثمراتها ، فمن المحتمل أن الشاعر “ملتون” لم يكن ليؤلف شعره الرائع لو لم يكن أعمى ، وأن ” بيتهوفن ” لم يكن ليؤلف موسيقاه الرفيعة لو لم يكن أصمًا ).

فهؤلاء المصابون لم يجسموا مصائبهم ثم يطوفوا حولها معولين منتحبين ، ولم يدعوا ألسنتهم تلعق ما في واقعهم المر من غضاضة ، ولكن قبلوا الواقع المفروض ، ثم تركوا العنان لمواهبهم تحول المحنة إلى منحة وتحول ما فيه من كدر إلى أمل وهذا هو تحويل الليمونة الحامضة إلى شراب حلو.

س ٢: لا يسلم الإنسان في هذه الحياة من بلاء ، وحياة البشرية قائمة على ابتلاء إما بنعمة أو بنقمة ، فكيف نحول الابتلاء إلى حكم وفوائد ؟

الدنيا دار ابتلاء كما قال الله سبحانه ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحًا فملاقيه).

ولكن كثيرًا من الناس عندما يتعرض لابتلاء ، نجده يتبرم وييأس ولا يتحرك للتغيير.

وينسى أن في كل محنة منحة ، فلم يمر أحد بابتلاءات، مثلما مر الأنبياء والصالحون ، ورغم ذلك لم ييأسوا ولم يقفوا عند حد التأنيب والتفكير السلبي بل تحركوا، وتغيروا، وغيروا مَن حولهم.

فهذا يعقوب تنبع من بين ثناياه كلمات الحكمة والأمل ، ويغرس ذلك في أبنائه ، أثناء توجههم إلى مصر ، قائلًا لهم (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) .

فلا مكان لليأس في حياة المؤمنين ، وليعلم المرء بأن المؤمنين الموصولة قلوبهم بالله ، الندية أرواحهم بروحه ، لا ييأسون من روح الله ولو أحاط بهم الكرب ، واشتد بهم الضيق.

وأن المؤمن في أنس من صلته بربه وفِي طمأنينة من ثقته بمولاه ، وهو في مضايق الشدة ومخانق الكروب.

ويحافظ المؤمن دائمًا على الإيجابية في حياته ، لا تعوقه عائقة يأس ، ويمضي في حياته غير مضخم للسلبيات .

الحياة مع الإنسان من صنع أفكاره ، فقد يتوقع الإنسان لنفسه سوءً ، وعلى هذا فليكافح البشر من أجل السعادة ، وليعش كل إنسان يومه فقط ، ولا يشغل نفسه بأسوأ الأمور .

س ٣: نموذج واقعي من الحياة عن تحويل المحنة إلى منحة ؟

يقص لنا كارنيجي قصة لرجل اشترى أرضًا بعد أن باع كل ما يملك في غرب أمريكا ، حين كانت أرضها بكرًا ، فطمع أن تكون أرضًا خصبة ، يستثمرها بزراعتها ، ويجمع المال من ثمرتها ، فلما بلغها رآها مملوءة بالحيات والثعابين ، كلما قتل واحدًا منها رأى عشرة ، فكاد يفقد عقله من الصدمة ، ثم أخذ يفكر فرأى أن هذه النقمة يمكن أن تنقلب إلى نعمة ، وهداه الله بتفكيره إلى أن يجعل الأرض لتربية الحيات والثعابين ، يبيع منها وجاء بخبراء يأخذون جلودها؛ لتصنع منها الحقائب والأحذية ، ويستخرج من سمها الدواء بعد أن كان منه الداء ، وتحولت إلى أول مزرعة من نوعها في هذا المجال ومقصد للسياح.

فقد استطاع هذا الرجل صنع شراب حلو من الليمونة المرة .

س ٤: دليل من القرآن الكريم عن كيفية التعامل مع الابتلاء ؟

يجب الوضع في الاعتبار عند حدوث ابتلاء أو عندما تمر بمحنة ، أنه قد يكون الواقع بعكس ما تراه وتقتنع به خيرًا كان أم شرًا.

فكما قال الله عز وجل ( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) .

س ٥: دليل من السنة عن كيفية تحويل أي شيء سلبي في حياتنا إلى إيجابي ؟

كان رسول الله يصنع من الليمون المر شرابًا حلوًا ، ويحول السلبي إلى إيجابي.

وهذا هو عين العظمة والمهارة ، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم في الخندق يبشرهم بمفاتيح كنوز الفرس والروم واليمن، وهم في حال ضيق وشدة وكرب ، وفي حديث شريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذممًا ، ويلعنون مذممًا وأنا محمد).

هذا الحديث يوضح لنا كيف استعان الرسول صلى الله عليه وسلم بالنظرة الإيجابية وتحويل المحنة إلى منحة ، وما توقف عن دعوته ولا بلوغ طموحه وأمله.

س ٦: تطبيق عملي في حياتنا العصرية لهذه النصيحة؟ 

لابد من التحلي بالصبر والتفاؤل وعدم الانفعال والاندفاع والتغلب على النقد الجارح ولا تعكر صفو حياتك ، إذا وهبتك المقادير ليمونة مرة.

كما لا يصح للعاقل أن ييأس ، وإن فشل في محاولات ، ولنا في رسول الله قدوة في تحويل السيء إلى حسن وتحويل السالب إلى إيجابي ، حتى غَيَّرَ الله على يديه ملامح الدنيا كلها .

كتبت: نيفين رضا