كتاكيتو بني … سطور من حياة زينات صدقي في ذكرى رحيلها

Zeinat Sedki

“إنسان الغاب طويل الناب.. يا محطم قلوب العذاري” ،”ياختي شبابه حلو ياختي جماله حلو”، “كتاكيتو بني”، من الغريب أن هذه الإفيهات رغم مرور عشرات السنين عليها ، إلا أنها مازالت تعيش في وجداننا ونستخدمها في مواقفنا الحياتية الكوميدية ، فعندما تسمعها يخطر ببالك أيقونة الكوميديا في السينما المصرية ، ملكة الارتجال الكوميدي ، القاسم المشترك في دور سليطة اللسان أو الخادمة أو المرأة بنت البلد في عدد كبير من الأفلام المصرية ، وكانت تميمة النجاح لها أيضاً…إنها الفنانة زينات صدقي .

 

وتحي آدم ذكري وفاتها ، حيث فارقت الحياة في ٢ مارس ١٩٧٨ ، وذلك بسرد بعض الحكايات عن حياتها الشخصية والفنية.

الكوميديان العظيم إسماعيل ياسين مع الفنانة زينات صدقي

سطور من حياة ” زينات صدقي ” الشخصية:

هي زينب محمد سعد صدقي ، ولدت في ٤ مايو ١٩١٣، في حي الجمرك في مدينة الإسكندرية ، لأب يعمل تاجرا وأسرة من أصول مغربية.

حصلت على الشهاة الابتدائية ولم تكن أمية كما أشاع البعض ، درست في «معهد أنصار التمثيل والخيالة» ، الذي تأسس من قبل الفنان زكي طليمات في الإسكندرية لكن والدها منعها من إكمال دراستها ، وتوفى والدها وعمرها 13 عاما ، ففرض عليها عمها الزواج من ابنه الطبيب الذى كان يكبرها بـ17 عاما، وعاملها الزوج بقسوة ، ولم يستمر الزواج لأكثر من عام ، تركت الإسكندرية وذهبت إلى القاهرة وتعرفت على صديقتها خيرية صدقي، التي رشحتها لبديعة، وبدأت حياتها الفنية كمغنية ، شاهدها الفنان نجيب الريحاني وعرض عليها دورا في مسرحية له، وأطلق عليها اسم زينات ومن هنا جاءت بدايتها الفنية .

 

بداية مشوار “زينات صدقي ” الفني وانطلاقها :

في بداية عملها بكازينو بديعة كانت كومبارس وغنت مع المجاميع، وعندما قالت لها بديعة إنها تريد أن تعلمها الرقص، انتقلت إلى فرقة الريحاني الذي قدم لها الأدوار التي تريدها.

بدأت حياتها الفنية بمسرحية “الدنيا جرى فيها إيه” وفي السينما بفيلم ” وراء الستار ” عام 1937، ثم اتجهت إلى السينما و قدمت من خلالها ما يقرب من ١٧٠ عملا فنيا، شكَّلت في غالبيتها ثنائيًا فنيًا مع الفنان إسماعيل ياسين، أشهرها فيلم “ابن حميدو”، من أشهر الأفلام التي قدمتها زينات صدقي، “دهب” وقيامها بدور “بلطية العالمة”، و”عفريتة إسماعيل ياسين”، و”إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين”، و”إسماعيل ياسين في البوليس السري”، و”العتبة الخضراء”، “إنت حبيبي”، “إسماعيل ياسين في الإسطول”، كما قدمّت زينات صدقي مع الفنان عبدالسلام النابلسي عددًا من الأفلام أشهرها “شارع الحب” ، “حلاق السيدات ” ، حيث جسدت فيهما دور العانس ببراعة ، ومن أفلامها الشهيره أيضًا معبودة الجماهير ، السيرك ، ظلموني الحبايب ، وكانت آخر أفلامها “بنت اسمها محمود” عام ١٩٧٦ ، بعد انقطاع دام حوالي ٢٠ عامًا عن العمل الفني .

الفنان الكبير عبدالسلام النابلسي مع الفنانة زينات صدقي

حكاية زواجها من أحد الضباط الأحرار :

وبعد أن شقت زينات صدقى طريقها الفني وأصبحت نجمة في فرقة نجيب الريحانى تعرفت على حب عمرها وهو أحد الضباط الأحرار هو ما كشفته حفيده زينات صدقي لجريدة اليوم السابع قائلة:” «فى الصفوف الأولى اعتاد أن يجلس ليراها وأن يرسل لها يوميا وردا، وكان ضابطا ووالده عمدة بالصعيد، وتحدث مع الريحانى عن إعجابه بزينات صدقى، ولكن الريحانى قال له “زينات زى القطر ومش بتاعة طرق ملتوية”

 

وتابعت الحفيده قائلة: تحدث معها هذا الضابط وقال لها ياريت تعزمينى على فنجان قهوة فى البيت، فعنفته مؤكدة أنها لا تستقبل رجالا فى بيتها، فقال لها أقصد اعزمينى فى اليوم اللى بتعزمى فيه الفرقة»، وبالفعل ذهب مع أفراد الفرقة فى اليوم الذى اعتادت أن تدعوهم فيه لتناول الطعام، وبعدها طلبها للزواج.

ظلت زينات صدقى متزوجة من الضابط لمدة 14 عاما ، وفى أحد الأيام طلب من جدتى أن تترك الفن وترسل والدتها إلى شقيقتها فاطمة أو إلى دار مسنين ، فرفضت وتم الانفصال.

 

حقيقة أزمتها المالية :

فوجئت زينات صدقي بمصلحة الضرائب تطالبها بمبلغ مالي كبير خاصةً بعد أن عاشت سنوات طويلة بدون عمل ، ولم يقف أحد من أصدقائها في الوسط الفني بجانبها رغم أزمتها مع الضرائب وعجزها عن السداد كانت معلومة للجميع، ولم تجد أمامها سبيلا إلا بيع أثاث منزلها الثمين للخروج من المأزق.

 

تكريمات في حياة الفنانة “زينات صدقي ” :

كرمتها الدولة من خلال الرئيس الراحل أنور السادات قبل وفاتها عام 1976 ، حيث أعاد لها الابتسامة من جديد عندما كرمها في عيد الفن، كأنه يرد لها الروح من جديد، ومراعاة لظروفها منحها معاشا قدره 100 جنيه وهو مبلغ يعد كبيرا في تلك الفترة.

تكريم الرئيس الراحل محمد أنور السادات للفنانة زينات صدقي

حقيقة دفنها في مقابر الصدقة ورحيلها :

في أوج شهرتها، قررت “زينات” شراء مقبرة، وفي أحد العروض المسرحية مع فرقة الريحاني، مات أحد أعضاء الفرقة، وكان فقيرا، فقررت دفنه بمقبرتها، كما أوصت حارس المدفن بدفن أي شخص فقير لا يمتلك مدفنا، وكتبت لافتة عليها “مدفن الصدقة وعابري السبيل”، وعندما أصيبت بماء على الرئة، ورحلت عن الدنيا في 2 مارس عام 1978 عن عمر ناهز الـ64 عاما ، تم دفنها في هذه المقابر ، و اعتقد البعض أنها دفنت بمقابر الصدقة نظرًا لفقر حالها .

ستظل الفنانة زينات صدقي خالده في أذهاننا رغم رحيلها ، وهذا هو التكريم الحقيقي الذي حظيت به ، حب الجمهور لها، وتذكر أعمالها و”إفيهاتها الضاحكة”.

 

 

كتبت: نفين رضا