بات زباي هو الاسم الآرامي للملكة الجميلة “زنوبيا” التي حكمت تدمر بعد وفاة زوجها الملك” أذينة” الذي كان يحبها لفرط جمالها و ذكائها وطموحها الجامح للسلطة والعرش والملك، لقد منحت زنوبيا لزوجها ثلاثة أولاد أكبرهم كان” وهب اللات” وهو الذي ورث عرش أبيه بعد موته لكن لصغر سنه أصبحت زنوبيا هي الوصية عليه وبدأت من هنا الحكاية.

رأت زنوبيا نفسها كليوباترا التدمرية فقد كانت مثلها الأعلى ويقال أن أمها كانت بطلمية يرجع نسبها لكليوباترا لتصبح زنوبيا أحد أحفاد كليوباترا السابعة، ولدت زنوبيا في تدمر وذهبت للأسكندرية لتتلقى العلوم والمعرفة حيث زاد من عشقها لكليوباترا.

كانت زنوبيا مهووسة بالمجد والنفوذ لذلك وجدت في الملك أذينة طريقها للوصول للعرش وبعد أن تزوجته وأصبحا ملوكاً على تدمر قتل أذينة ولم تهدأ حتى اقتصت له وقتلت قاتله وصعدت هي على العرش بدلاً من ولدها وهب اللات، فلقد كانت بذكائها وقوة شخصيتها قادرة على توجيه الحكم إلى حيث ما ترسم من مجد لتدمر ولسلطتها.

وعندما أصبحت زنوبيا على العرش كانت تعزز بداخلها دائماً رغبتها أن تحكم يوماً الإمبراطورية الرومانية كلها، ولم يكن الأمر صعباً لقد كان أكثر أباطرة روما قد وصلوا إلى العرش عن طريق نفوذهم العسكري أو السياسي في مناطقهم الصغيرة وكانت زنوبيا تعد أولادها وهب اللات وتيم الله وحيران لاعتلاء العرش، وذلك بتعليمهم لغة روما وآدابها وتاريخها كذلك بدأت تتصرف كالقياصرة فكانت تركب مركبة ملكية رصعتها بالذهب والفضة والأحجار الكريمة.

اعترف القيصر بوهب اللات ملكاً وبزنوبيا وصية عليه، فقامت أولاً بتوطيد حكمها في تدمر والبادية، وبإقامة الثغور وبهذا تمت لها السيادة على آسيا الصغرى ومصر، وقد غزت (مصر) سنة 270م و فتحتها بقيادة زَبْدة بهدف إعادتها لحكم الرومان، وحكم ابنها وهب اللات، ويكون قليديوس ملك مصر شريكاً لها في الحكم ويحتفظ بلقبه كملك، وقد بسطت نفوذها في آسيا الصغرى إلى مقربة من (بيزنطة) و ظلت تدعي أنها تصنع ذلك في سبيل (روما).

لم تنس زنوبيا حلمها في حكم إمبراطورية روما، فلقد وصلت جيوشها إلى بيزنطة وقتلت هيراكليون قائد القصر. ثم فتحت الإسكندرية، وكانت روما مرتعبة من انتصاراتها وتوسعاتها السريعة، لكن عندما اعتلى العرش في روما “أورليان” سنة 270 والذي عرف عنه القسوة والبطش مارس أولاً الخداع على زنوبيا فاعترف لها بالنفوذ على الإسكندرية ثم نقض اعترافه واسترجع نفوذه على الإسكندرية بعد عام واحد، في وقت كانت فيه زنوبيا في قمة حزنها على وفاة ابنها وهب اللات.

كان “أورليان” يتابع سلب زنوبيا نفوذها في آسيا حتى هدد تدمر، فكان عليه أن يقضي على تلك المرأة المهووسة بالجلوس على عرشه في روما، وقبل أن يغادر أنطاكية، كانت جيوش زنوبيا تصد زحفه إلى تدمر، لقد كانت الحرب سجالاً، ولكن خصومها القابعين في حمص خذلوا جيوشها، فعادت إلى تدمر لكي يلاحقها “أورليان” ويحاصرها.

حاولت زنوبيا طلب المساعدة من الفرس، فذهبت متخفية لملاقاة “هرمز” ملك الفرس وقبل أن تعبر الفرات كانت جيوش الرومان ترصدها؛ فقبضوا عليها وأعادوها إلى خيمة “أورليان” الذي عاد بها إلى روما أسيرة مكبلة بأصفاد من الذهب، يقال انها أكملت حياتها في ضاحية تدعى (تيفولي).

وهكذا كان العصر الذهبي الذي عاشته تدمر في حكم الملكة زنوبيا التي مازالت آثاره باقية في شوارع تدمر وأبوابها وفي معابدها وفي مسرحها والأغورا.

كتبت/ إيمان الخطيب