رجل الصناعة الأول في مصر، شهبندر تجار مصر، تاجر مع الله فربحت تجارته في الدنيا والآخرة، تميز بموهبة التجارة منذ نعومة أظافره، إنه محمود العربي أحد كبار رجال الأعمال والصناعة والاقتصاد بمصر، رئيس مجلس إدارة شركات العربي التي تأسست 1963م، وصاحب توكيلات عدة لشارب وتوشيبا وسيكو وغيرها.
نشأة محمود العربي وبداية حياته العملية:
ولد محمود العربي في عام 1932م بقرية أبو رقبة أشمون بمحافظة المنوفية، وكان والده مزارعًا أجيرًا يزرع أرضًا ليست ملكه، وقام بإرساله إلى الكُتَّاب وهو في سن ثلاث سنوات فتعلم القرآن، ولم يلتحق بالتعليم بسبب ظروف والده الاقتصادية، وكانت بداياته بائعًا في متجر حيث ظهر عنده ميل للتجارة منذ صغره، فكان وهو طفل صغير يبيع لعب الأطفال على مصطبة بيتهم بالقرية في العيد، ويدخر الأصل والمكسب يعطيه لأخيه غير الشقيق فيشتري له غيرها، ولما وجد فيه الأخ هذه الموهبة اصطحبه إلى القاهرة حيث عمل بالموسكي بائعًا من محل لمحل ثم اشترى شريك له محلًا بالموسكي وبدأ التحول من عامل لصاحب عمل، ثم حصل على توكيل كبرى الشركات اليابانية وحلم بأن يتحول من رجل تجارة لرجل صناعة، وانتقل النشاط لأماكن أخرى غير الموسكي؛ ليمتد لجزيرة بدران بشبرا وبور سعيد، وبنى المصانع في بنها ثم تم توسعتها لتحتل الجزء الأكبر من المنطقة الصناعية في قويسنا بالمنوفية، وتدور العجلة ومع نفس الخط الصناعي التجاري يسير الخط الخيري، ويعاون الرجل نخبة من أهل الثقة والخبرة يتقدمهم أخوه الحاج محمد العربي وكوكبة من الرجال المخلصين للشركة.
بداية تعاون محمود العربي مع اليابان وتأسيس شركة توشيبا:
بعد وقف إطلاق النار في حرب 6 أكتوبر، وجنوح الرئيس السادات للسلام من موقع قوة، كان لدى المصريين حماس ضخم للعمل على تعويض كل ما فاتهم، شعر محمود العربي برغبة عارمة مع أخيه فى استنهاض كل الهمم وتحفيزها للبداية من جديد، وفي ذلك الوقت مدت دول العالم شرقًا وغربًا أياديها لمصر بعد انتهاء الحرب، بغرض التعاون معنا في جميع المجالات، ولم يتردد الرئيس السادات، بل قرر أن يخوض تجربة الانفتاح الاقتصادى، حيث كانت بدايته في عام 1974م في تلك الأثناء جاء تاجر من الأردن كان وكيلًا لماركة سانيو في منطقة الشرق الأوسط؛ ليعرض على محمود العربي وأخيه التعاون في تسويق وبيع منتجاتها اليابانية في مصر، ولكن من خلاله هو، ودون تواصل مباشر بينهم وبين الشركة في اليابان، فرفضوا هذا العرض، فقد كانوا يتوقون للحصول على توكيل يابانى خاص بهم، بعد أن شاهدوا إقبال الناس في مصر على المنتجات اليابانية، حيث وجدوا فيها دقة الصناعة، وجودة الإنتاج، وطول العمر وفي بداية السبعينات، تعرفوا على ياباني يدعى أندو، كان قد جاء لمصر لدراسة اللغة العربية فى الجامعة، كان يزورهم بانتظام في الموسكي فى نفس الوقت الذى كانوا يبحثون فيه عن توكيل كبير للحصول عليه، ثم اكتشفوا بعد ذلك أن أندو كان مبعوثًا من شركة توشيبا لدراسة اللغة العربية، وأيضًا لدراسة السوق في مصر لبدء نشاط تجارى بين توشيبا وبين كيان تجارى مصرى يصلح ليكون وكيل توشيبا في مصر، وكان ينهي فى نفس الوقت اتفاقيات تبادل تجارى بين توشيبا وبين شركة مصر للأسواق الحرة، وكان لدى شركة العربي في الموسكي معرفة عميقة بخباياه، وكان لديهم وجود مكثف في كل محافظات مصر، من خلال التجار الذين يتوافدون كل يوم بكثافة كبيرة على محله، يشترون كل ما يحتاجونه من بضاعة بأسعار مناسبة للغاية، كان هذا أسلوبًا مثاليًا في التعامل التجارى بالنسبة لأندو، وكان مقتنعًا تمامًا أن العربي هو من يستحق ثقة توشيبا ليصبح وكيلًا لهم.
أسرار نجاح محمود العربي:
عندما قررت شركة توشيبا دعوة محمود العربي كرئيس مجلس إدارة العربي لزيارة اليابان في نهاية عام 1975م، كان منبهرًا طوال مدة الزيارة بما يقومون به من صناعات عالية الجودة، يقطر من كل جزء منها دلائل الابتكار والإبداع، وقرر بعدها نقل الإمكانيات والتقنيات المتقدمة للغاية، وبناء مصانع كثيرة، فيكون أغلب الخير لأهل مصر، وتدرجت نسبة للتصنيع المحلي لمنتجات توشيبا حتى وصلت 100% لإقامة مصنع بشكل محترف بمساعدة خبراء توشيبا بدءًا من عام 97، مما جعل المستهلك لأول مرة يقبل على شراء المنتج المصري الذي يتساوى مع المنتج الياباني من حيث الجودة، بل ويتميز عنه بسنوات الضمان.
مع نفس الخط الصناعي التجاري يسير الخط الخيري، وكان همه أن يفتح أكبر قدر من البيوت بزيادة عدد العاملين معه، ولم ينس أبدًا حق الشريك ولا حق الفقير فكان في ماله حق معلوم للسائل والمحروم.
اقرأ أيضًا: إليك 8 إنجازات ليوتيوبر الخير حسن سليمان
قصص إنسانية في حياة محمود العربي:
انتشر على الفيس بوك بعد وفاة محمود العربي قصص تعكس مدى رقيه وإنسانيته في التعامل مع الناس منها: “من حوالي 3 سنين لما خلصت الكلية قدمت في العربي وقعدت فترة محدش اتصل بيا روحت لوحدي قابلت الحاج محمود في قويسنا كنت فاكر أنه راجل زي ده هيكون صعب أقابله تفاجأت إن الأمن دخلني عادي في الدور أي حد بيروح كان بيقابله، ولما جت الفرصة ودخلت للحاج حسيت إني عرقان وخايف ومش عارف أجمع كلمتين على بعض سلمت عليه وسلم عليا والله والله والله قال لي نصًا أؤمرني محتاج إيه، قولتله أنا مقدم هنا وعايز اشتغل وسألني على المؤهل والعنوان، لما حس إني مهزوز حاول يهزر ويهديني، وقال لي إنت متزوج قولتله لأ قال لي طيب مش عايز تتزوج قولتله بصراحة مش معايا فلوس ضحك، وقال لي هنجوزك، وقال لأخصائي التوظيف اللي واقف اعمله اللازم، شكرته وجيت نازل وقفني ونادى على عامل البوفية وقال له ياخد واجبه العامل أخدني ودخلني مطعم كبار الزوار وخلصت الأكل، التليفون رن إني عندي امتحان بكره وامتحنت ونجحت، الحاج محمود توفى بعد عمر طويل في الخير وفتح بيوت ناس كتير”.
اقرأ أيضًا: وداعاً داعية التقوي والخير..الدكتورة عبلة الكحلاوى
يقول مدحت عمار عنه: “كان رجلًا صالحًا متواضعًا ورب السماء رأيته في مكة منذ عدة سنوات يرتدي جلباب الوردة المائية، وكان حينها هذا الثوب يساوى عشرة ريال ويرتدي شبشب بلاستيك.
لو رأيته دون أن تعرفه ربما تحسبه من فقراء المسلمين، ولكنه كان متواضعًا، ربما في هذه الرحلة كان واخد معه 300 عامل لأداء العمرة على نفقته الخاصة، كما أن الحاج محمود العربي لم يقترض يوما جنيهًا واحدًا من البنوك وأنه كان دائمًا يساعد أهل القرآن، ومن كان يتم حفظ جزء واحد يذهب إليه المؤسسة، ويتم اختبار الجزء وله مكافأة 1000 جنيه عن كل جزء يحفظه المتسابق.
اقرأ أيضًا: فريتز هابر …الرجل الذي أنقذ العالم ودمره
بعض من كلمات محمود العربي الخالدة:
- الشاطر اللي يكسب الدنيا ويكسب الآخرة.
- حملت كتاب الله في قلبي وعقلي وانطلقت لأعمل به مجتهدًا موقنًا أنه الرزاق.
- أهم أسرار النجاح أن تكون ودودًا مع العاملين معك.
عشرات الآلاف من رجال الأعمال يموتون دون ذكر، لكن كان موت الحاج محمود العربي الذي فارقنا عن عمر يناهز 89 عامًا له شكل آخر، فالكثير ينعيه ويترحم عليه، كل هذا ليس صدفة؛ بل هي التجارة مع الله.
اقرأ أيضًا: الخير و فاعليه في السر
كتبت: نيفين رضا.