في مطار روما.

نزل يوسف من الطائرة يبحث عن صديقه يحيى.

يحيى: يوسف.

سمع يوسف اسمه والتفت فوجد صديقه ومعه زوجته الإيطالية.

يوسف: يحيى.

سلم الصديقان على بعضهما.

يحيى: حمد لله على سلامتك، أعرفك زوجتي لورا من روما، وده يوسف صديق طفولتي، ياما لعبنا مع بعض وياما دخلت فيه أجوان فاكر؟

يوسف: المرة الوحيدة اللي سددت فيها الكورة، كانت رجلك مكسورة وملعبتش، طول عمرك حريف
هي بتفهم عربي؟

لورا: بفهم أوي أوي، بابا مصري، وماما إيطالية، وبابا كان دايمًا يحاول يخلينا نتكلم عربي
أنا بتكلم شوية شوية مكسر يعني، لكن نانسي كويسة جدًا في العربي.

يحيى: نانسي أختها، لما نروح البيت هتتعرف عليها، يلا بينا أنا مبسوط أوي إنك جيت إيطاليا.

 

أثناء الطريق، في السيارة.

 

يحيى: ناوي تعيش هنا على طول ولا دراسة حسب ما فهمت منك إنك هتكمل لسه تعليمك.

يوسف: لسه مش عارف، بس حاليًا عايز أركز أني أكمل تعليمي وأخد شهادة الهندسة وأشتغل برضو
متعرفش أي مكان أشتغل فيه، بس يكون ليه علاقة بالسيارات، تكون عملت معايا معروف كبير.

 

نظر يحيى إلى لورا وابتسما.

 

يحيى: أنا عايز أقولك إن ربنا بيحبك، كنت بتكلم مع لورا في الموضوع ده واقترحت عليا تشتغل مع باباها، أبو لورا من أكبر مصنعي السيارات في إيطاليا وله فروع هنا وخارج إيطاليا كمان، واتكلمت معاه إمبارح وهو مرحب جدًا، أنا عايز أقولك إن هو ما بيصدق يلاقي حد مصري يشغله معاه، بيفكروه بمصر، أصل نفسه يرجع مصر، إنت هتحب روما جدًا، روما جميلة ومش هتحس بفرق بين الناس هنا والناس في مصر، شبهنا أوي، وأخبار الناس في مصر إيه؟

 

سرح يوسف في مصر وأهله الذين افتقدهم سريعًا فور رؤيته لبلد غريب، وآية التي تركها دون أن يودعها.

 

يحيى: يوسف، يوسف، إيه روحت فين؟

يوسف : أبدًا، كنت بتقول إيه معلش.

يحيى: اللي واخد عقلك، أخبار آية إيه صحيح، اتجوزتوا ولا لسه؟

يوسف : لا كل واحد بياخد نصيبه.

يحيى: إيه اتجوزت؟.

يوسف: كانت مخطوبة وفسخت خطوبتها، بس هي عمرها مهتفكر فيا.

يحيى: إنت بتقول إيه، ده من وإحنا صغيرين أي حد كان يقرب لآية كنت أنت اللي بتقف قصاده
فاكر الواد اللي شد شعر آية وإحنا بنلعب، روحت ضربته ووقعته على الأرض، أخدنا الواد من تحت إيدك بالعافية، الواد فضل سنتين ميعديش الشارع بتاعنا، كان خايف منك.

يوسف: القلب يا يحيى هو اللي بيتحكم فيك، تحب ده تكره ده، مش بإيدك تمسك المشاعر
وأنا حبي مسكنش قلبها.

يحيى: ياااااااه دا إنت شكلك معبي ومتعذب، لينا قعدة مع بعض.

يوسف: آه.

 

شعر يوسف بوغزة في قلبه.

 

يحيى: مالك؟

يوسف: مش عارف من ساعة مركبت الطيارة وقلبي مقبوض ودلوقتي حاسس بنغزة فيه.

 

***************************************

في مصر، في المستشفى عند غرفة العمليات.

الأم خديجة: طمني يا دكتور، مالها آية؟

الطبيب : للأسف نزفت كتير، وده بسبب إن كان في ورم في الرحم وللأسف اضطرنا نستئصل الرحم.

الأم خديجة في قلق وصدمة: إيه، بنتي.

الأب سليم : لا حول ولا قوة إلا بالله، طيب وآية كويسة؟

الدكتور: إن شاء الله تقوم بالسلامة، بس لازم تبقوا جنبها الفترة ديه؛ لأن حالتها النفسية أكيد هتبقى صعبة وإحنا أخدنا عينة من الورم وهنحلله علشان نشوف إذا كان ورم حميد أو أعوذ بالله خبيث
ربنا يقويكم.

الأم خديجة: بنتي، إيه اللي حصلك ده أقولك إزاي إن عمرك ما هتخلفي، وإنتي طول عمرك نفسك في ولد وبنت.

الأب سليم: اللهم لا اعتراض، الحمد لله على كل شيء ربنا يعينك على مصيبتك يا بنتي.

صوت البكاء من الأبوين كان يهز المستشفى، فالمحنة كانت كبيرة عليهما.

دائمًا عندما تنجب المرأة فتاة، تحلم بفستانها الأبيض ويوم زفافها والأحفاد.

 

فاقت آية، وفتحت عيناها، فوجدت نفسها على سرير المستشفى وبجانبها والدها ووالدتها وحسين.

 

آية: أنا فين؟ إيه اللي جبني هنا؟

الأب سليم: حمد لله على سلامتك، تعبتي شوية في التاكسي والسواق كتر خيره جابك هنا واتصل بينا.

آية: يعني ملحقتش الطيارة، يوسف سافر خلاص؟

 

بكت آية.

 

آية: بس أنا اللي أستاهل، أنا اللي مقدرتش حبه ليا.

الأب سليم: اهدي يا بنتي، متعمليش في نفسك كده، إنت لسه خارجة من عملية.

آية: عملية إيه؟

 

نظر سليم لزوجته في خوف وقلق، كيف يقول لابنته الوحيدة بأنها لن تنجب أبدًا؟ ولكن لا يجوز أن يخفي عليها الخبر، فسوف تعرف عاجلًا أو آجلًا.

 

آية : عملية إيه يا ماما؟

 

من خلف باب غرفة آية ومن خلف جدران المستشفى، تستطيع أن تسمع صوت صراخ الوجع والألم والبكاء والحرمان من أعظم وأجمل مشاعر تحسها المرأة وهي مشاعر الأمومة.

 

آية: يعني إيه، يعني عمري ما هبقى أم،
يعني محدش هيقولي ماما أبدًا، يعني خلاص كل اللي كنت بحلم به راح، واللي مشفتش بسببه حب حياتي راح كده! طيب أعيش لمين دلوقتي؟ ها حد يقولي أعيش لمين دلوقتي؟

الأب سليم وغلبته دموعه: تعيشي لينا يا آية، اهدي يا حبيبتي.

الأم خديجة: متعمليش كده يا بنتي، قلبي بيتقطع علشانك.

احتضنها الأم خديجة والكل يبكي وليس في اليد حيلة، لله ما أعطى ولله ما أخذ.

 

آية: آه يا ماما، آه، بنتك عمرها ما هتبقى أم.

 

الأم خديجة : اهدي بس علشان العملية، ربنا عنده التدبير والحكمة أكيد هيفرجها من عنده.

****’******’****************************

في روما.

يحيى: ادخل يا يوسف، نورت بيت أخوك.

يوسف: منور بأصحابه.

يحيى: ادخل دلوقتي تخدلك دوش سخن، ونأكل لنا لقمة كده عقبال ما يجهزوا الغدا.

يوسف: ماشي، بس معلش لو ينفع أقابل حماك النهاردة.

يحيى: حاضر هرتبلك معاه ميعاد، بس إنت لسه واصل متستعجلش، خد راحتك واتفسح في روما بعد كده شوف الشغل، ده أنا محضرلك برنامج هايل.

***************************************

في مساء روما، في منزل فخم.

 

يحيى: أحب أعرفك يا عمي، ده يوسف صاحبي اللي كلمتك عنه.

المهندس صلاح عامر: أهلًا وسهلًا، نورت روما.

يوسف: منورة بأهلها، تشرفت بحضرتك.

المهندس صلاح عمار: يحيى قالي إنك شخص طموح وإنك بتفكر تكمل تعليمك وتشتغل كمان وإنك كنت بتشتغل في ورشة والدك.

يوسف: مظبوط يا فندم، يحيى قالي على معهد هنا سنتين، وبعد كده أدخل الجامعة، ولو حضرتك تقبل تشغلني معاك يبقى كتر خير حضرتك.

المهندس صلاح عمار: وليه تدخل معهد سنتين، إنت ممكن تدخل الجامعة على طول، معادلة قبلها زي ما موجود في مصر.

يوسف: يحيى قال المعادلة مش مضمونة فالمعهد الأول أضمن.

المهندس صلاح عمار: أنا واثق إنك قدها، وهتعمل المعادلة وتنجح، وبالنسبة للشغل أنت ممكن تنزل المصنع من بكرا لو حابب.

يوسف: بجد، أنا متشكر لحضرتك، إن شاء الله أكون في المصنع من النجمة.

***************************************

بعد خمسة عشر يومًا، في المصنع.

يوسف: النتيجة ظهرت؟

يحيى: آه.

يوسف: طيب إيه مالك؟ سقطت مش كده، أنا كنت عارف إني فاشل، يا خسارة تعب المهندس معايا.

يحيى: نجحت وهتدخل الجامعة يا يوسف.

يوسف: بجد أومال ليه داخل عليا كده؟ (ضرب يوسف يحيى على كتفه بالمفك).

يوسف: وريني الورقة، الحمد لله ياما أنت كريم يارب.

 

حضن يوسف يحيى وركض ليفرح المهندس.

***************************************

في مصر، في المستشفى.

جلس الأب سليم والأم خديجة في غرفة الطبيب المعالج.

الطبيب : للأسف الورم طلع خبيث، خوفًا من إصابتها بسرطان تاني هنبدأ في العلاج الإشعاعي والكيميائي، أحب أقولكم لتاني مرة أهم حاجة العامل النفسي بيفرق جدًا مع المريض.

يتبع……

ماذا سيعمل يوسف في روما؟
وهل سوف يحقق شيئًا أم سيعود إلى القاهرة خالي اليدين؟

انتظرونا في الفصل العاشر من ويجمعنا القدر.

اقرأ أيضًا: ويجمعنا القدر الفصل الثامن

اقرأ أيضًا: ويجمعنا القدر الفصل السابع

اقرأ أيضًا: ويجمعنا القدر الجزء السادس

اقرأ أيضًا: ويجمعنا القدر الجزء الخامس

بقلم: شروق كمال مدبولي.
غلاف: مروة عبد الستار.