جلس يوسف يفكر ماذا يفعل مع والدته، ولا يعرف كيف يرضيها؟ وأخذ يفكر لو ظل في مصر كيف سيتجنب رؤية آية؟
دخل يوسف إلى غرفة والدته، جلس بجانبها على السرير.
يوسف: ماما أنا فكرت وطبعًا ميرضنيش أزعلك، أنا مش هسافر وهفضل جنبكم وهفتح فرع للشركة في مصر بس أهم حاجة ترضي عني.
قَبَّل يوسف يد أمه وحضنها.
الحاجة كريمة: ربنا يريح بالك يا ابني ويفرحك زي ما فرحتني.
***************************************
في منزل آية
الحاج سليم: أنتِ بتقولي إيه يا آية، بعد ما ربيتك وعلمتك وكبرتك، هتشتغلي مربية؟!”.
الحاجة خديجة: ليه يا بنتي كدا، عايزة تسيبينا وتسافري أمريكا وكمان تشتغلي مربية؟ دي آخرة تعبي معاكي ده بدل ما تفرحيني وتقوليلي هتتجوزي.
آية: أتجوز إيه يا ماما، أنتِ لسه عندك أمل، أنا مش هتجوز ولا هحب تاني، أنا مش هتجوز واحد وخلاص لمجرد إنه معه أطفال أربيهم، ومتضايق ليه يا بابا إني أسافر أمريكا وأقعد مع علا وأربي معاها علي وعلياء؟ طب ما أنا لو فضلت هنا هتجوز وأربي عيال مش عيالي، وهناك مش هتجوز وهربي عيال مش عيالي، بس الفرق إني مش هكون مسئولة عن زوج ورجل عليا واجب تجاهه وبرضو مش هسعده يبقى حرام إني أتجوزه من الأول.
وهنا نزلت دموع آية وأمها، مسحت آية دمعتها واستكملت:
آية: أرجوكم لو بتحبوني، فرحوني واقبلوا أسافر مع الآنسة علا خالة علي وعلياء، أنتم عارفين أنا بحبهم قد إيه ومش هبقى مبسوطة لو سافرت وأنتم مش راضين.
دخلت آية غرفتها، وجلس الوالدان ليتشاورا.
***************************************
بعد ثلاثة أيام من الحديث
يوسف: خلاص يا ماما شوفي أي عروسة واخطبيهالي مش هتفرق.
كريمة: مش هتفرق إزاي؟ ما أنت اللي هتتجوز، ولازم تتعرف عليها وترتاح لها وتحبها.
ضحك يوسف بهستيريا ولم يتوقف إلى أن قاطعته:
كريمة: بتضحك على إيه، إيه اللي قولته يضحك؟
يوسف: أحب! عايزاني أحب تاني! عايزاني أتعذب تاني! أنا سيبتلك يا ماما الحب والجواز واللي تشوفيه.
خرج يوسف من المنزل وقابل صديقه عصام على القهوة.
عصام: “عامل إيه يا يوسف؟ بقالي كتير مشفتكش حتى مجتش سبوع عمر”.
يوسف: أنا آسف يا عصام يتربى في عزك يارب ويبارك لك فيه هو ومريم، بس أنت عارف، أنا محبتش أجي ليه؟
عصام: وهتفضل تهرب من إنك تشوفها لحد إمتى؟ وبعدين خلاص يا سيدي أهي مسافرة وسايبة مصر كلها.
رفع يوسف رأسه بلهفة.
يوسف: مسافرة! مسافرة فين؟
عصام: مسافرة أمريكا مع علا خالة علي وعلياء، ما أنا حكتلك عنهم قبل كده هتساعدها في تربيتهم.
يوسف: وآية موافقة على كدا هتبقى على آخر الزمن مربية.
عصام: يا يوسف حس بيها البنت رافضة الجواز خالص، ومش هتخلف خالص، يمكن الأطفال دول يرجعوا ابتسامتها تاني وشغفها للحياة، من ساعة ما أنت سافرت وهي مبقتش زي الأول ودايمًا تحس إنها تايهة أو بتدور على حاجة.
قام يوسف وذهب لمقابلة آية.
***************************************
دق باب منزل الحاج سليم
فتحت علياء: أنت مين؟
يوسف: “أنا يوسف، أنتِ بقى علياء؟”.
علياء: آه، أنت عارفني؟
يوسف: سمعت عنكم، وحبيت أشوفكم، ميس آية موجودة؟
علياء: آه، أندهالك؟
يوسف: ياريت.
علياء: ميس آية، ميس آية، واحد اسمه يوسف برا.
خرجت آية من غرفتها.
يوسف: إزيك يا آية، عاملة إيه؟
آية: الحمد لله، أنت عامل إيه؟
يوسف: الحمد لله، عرفت إنك مسافرة.
آية: آه مسافرة أمريكا.
يوسف: ليه يا آية، هتعملي في نفسك كده، هتبقي مربية في النهاية؟
آية: ومالها المربية، هعلم الأولاد وأساعدهم وبعدين أنا بحبهم جدًا وهم كمان بيحبوني، يمكن أكون سندهم بعد أمهم وأبوهم وهم الحنية والشقاوة اللي هفضل محرومة منها طول عمري، أنا مبسوطة كدا يا يوسف صدقني.
يوسف: فعلًا عصام مغلطش لما قال إن الأولاد دول هيرجعوا الابتسامة لكِ تاني، بقالي كتير مشفتش ابتسامتك، أنا بتمنى لكِ السعادة في أي مكان تروحيه.
آية: وأنا كمان ويارب تلاقي العروسة اللي تستاهلك، أنا عارفة إن خالتي بتدور لك على عروسة يارب تلاقيها على خير.
أومأ يوسف برأسه وخرج من المنزل وقلبه ينتفض من مكانه؛ لأن آية سوف تظل الحب المفقود الذي لم يجمعه القدر بها.
***************************************
بعد شهر
آية: أكيد هجيلكم يا ماما في الإجازة، متقلقيش يا ماما، شكرًا يا بابا إنك وافقت على السفر وصدقني دا أسعد قرار أخذته في حياتي.
***************************************
في منزل الحاج رضا فرغلي
كريمة: أنا مش عارفة بتعمل إيه للعرايس؟، أنا كل ما أجيبلك عروسة وتقعد معاك قعدة واحدة ترفض، أنت بتعمل معاهم إيه؟
يوسف: هعملهم إيه يا ماما يعني؟
كريمة: أنا حالك مش عجبني، بص لنفسك في المراية، دقنك بقت قد كده وشعرك إيه يا بني ده متقصهم.
يوسف: خلاص يا ماما مش عايز أسمع كلام في موضوع الجواز تاني، أنا مش هتجوز.
كريمة: ليه هتترهبن؟
يوسف: يا أمي ارحميني شوية، أنا حبيت مرة واحدة وكان نفسي تكون هي شريكة حياتي والله مش عايز غيرها في دنيتي.
شعرت كريمة بألم ابنها وتذكرت ما قالته لآية.
يتبع……
اقرأ أيضًا: ويجمعنا القدر الفصل الثالث عشر
اقرأ أيضًا: ويجمعنا القدر الفصل الرابع عشر
بقلم: شروق كمال مدبولي.
غلاف: مروة عبد الستار.