الزواج في سن الـ 30 لم يكن أمرًا معتادًا في مجتمعنا، وكان من الطبيعي أن يتراوح سن الزواج ما بين بداية العشرينيات إلى نهايتها، ولكن يبدو أن الزواج في سن الـ 30 أصبح واقع لا بد أن نعترف به ونسلم بوجوده، فالزمن تغير، ومتطلبات الزمن أيضًا تغيرات، وبالتالي لم يعد أمرًا غريبًا أن يؤجل البعض الزواج في سن الـ 30 أو ما بعدها، الأمر لا يدعوا للقلق، بل يجب أن نشجعه وأن ندعم من يتخذون هذا القرار.
فالعشرينيات هي سن الازدهار، سن الدراسة، وبداية الحياة العملية وبناء المستقبل، وبالتالي بناء الشخصية ومعرفة التفضيلات والأنماط التي يحبها الشخص، وبالتالي ليس من الطبيعي أبدًا أن يتورط أي شخص في علاقة طويلة المدى وهو لم يعرف بعد نفسه، ولم يعرف ماذا يريد في الحياة أو في الشريك الذي يحتاج إليه بالفعل. لذا دعني أخبرك لماذا يجب علينا تشجيع الزواج في سن الـ 30!
الزواج في سن الـ 30
انعكاس للعصر
هناك الكثير من الأسباب التي تجعل الأشخاص يتأخرون في الزواج، ولكن كل هذه الأسباب تصب في بوتقة واحدة ألا وهي انعاكس للعصر الذي نعيش فيه، العصر الذي يتطلب من الوصول إلى مكانة محددة لا يمكننا الوصول إليها إلا بالوصول إلى درجات علمية عالية، أو التدرج في وظيفة والحصول على مكانة معينة في العمل، لم تعد متطلبات الزواج أيضًا سهلة، فتأسيس منزل الزوجية وتجهيزه لاستقبال حياة جديدة أمر يحتاج إلى ميزانية كبيرة، ولا يمكن أبدًا لشخص حديث التخرج في بداية السلم الوظيفي أن يجهز كل هذه الأمور، لذا يحتاج إلى وقت لتكوين نفسه وتحضيرها للزواج والاستقرار. [1]
الأمر لا يتعلق بالرومانسية
حسنًا الزواج ليس قصة فيلم رومانسي، أو رواية يعشق فيها الأبطال بعضهم بدون أي حدود، الزواج مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الطرفين، وبالتالي لا بد أن يكون كلاهما مستعد لهذه التجربة، كلاهما لديه الخبرة والفهم والنضج الكافي لتقبل الآخر والتعايش معه دون محاولات مستميتة لتغيره، أو لمحو شخصيته. كذلك الزواج ليس منظومة تتعلق بطرفين فقط، بل هي منظومة تتعلق بأسرتين، لم تعد النظرة للزواج نظرة رومانسية بحتة، بل أصبحت نظرة أكثر عملية ومنطقية، فالزواج هو شراكة سينتج عنها أطفال وبالتالي لا بد من جعل الاختيار صحيح بقدر المستطاع.
محكمة الأسرة
للأسف تعج محاكم الأسرة بالكثير من القضايا التي لم يكن الخطأ فيها سوى عدم نضج طرفي العلاقة، عدم نضج الزوج الذي جعله عروسة بخيوط تتحرك في يد الأب أو الأم أو الأشقاء، أو تحركه العادات والتقاليد والأفكار البالية، أو تحركه العنجهية والشرقية والمفاهيم الخاطئة، أو التي جعلت من المرأة مجرد خادمة، تقبل أن تترك بيت والديها لكي تذهب لخدمة أهل الزوج دون وجه حق، تتحمل الإهانات والذل كي ” تحافظ على بيتها” من وجهة نظر المجتمع.
الزواج بعد الثلاثين من أهم الأمور التي يمكنها أن تساعد في تحسين منظومة الزواج في مصر والعالم كله، لأنه زواج ناضج يعتمد على شخصين مكتملين ولديهم الخبرة والمعرفة الكافية للتعامل مع الطرف الآخر، ولديهم أيضًا الرؤية الواضحة عما يريدونه في الحياة، وهو ما سيخلق بينهم وعي مشترك ومساحة للتفاهم تساعدهم لعيش حياة زوجية متوازنة ومستقرة.