من المعلوم أن إبليس هو المؤسس الأول لثقافة رفض الآخر بموقفه من آدم عليه السلام ، حيث اعتبر نفسه أفضل منه؛ لأنه مخلوق من نار بينما آدم عليه السلام مخلوق من طين، مع إنها إرادة الله ولا فضل له في ذلك، فلا هو اختار أن يكون مخلوقا من نار ولا آدم عليه السلام اختار أن يكون مخلوقا من طين.
ولذلك استحق غضب الله -سبحانه وتعالى- عليه وإخراجه وطرده من الجنة؛ بسبب هذا الموقف.
و إخوة يوسف -عليه السلام- مثال قوى لرفض الأخر، فقد كانوا يظنون أنهم أفضل من يوسف -عليه السلام-، وكانوا يصفون آباهم بالضلال؛ لأنه كان يحب يوسف -عليه السلام-، وكانوا يرون أنهم أحق بحب أبيهم منه، وأن التخلص منه هو الطريق الوحيد لنيل ذلك الحب.
يتسم المريض برفض الآخر بعدة سمات منها:
1- التعصب الشديد: للرأي والناتج من اعتقاده بأن كل ما يصدر عنه هو بالضرورة صحيح.
2- الكراهية للآخر: والتي قد تصل به إلى الإساءة إليه ومحاولة تحطيمه، وأحياناً قد يصل به الأمر إلى محاولة إبادته أو قتله؛ لأنه يعجز عن تحقيق موقع أفضل بجهده وعمله، فيتصور أن التخلص منه قد يحقق له ذلك.
3- الحسد: غالباً ما تقترن ثقافة رفض الأخر بثقافة تمني زوال ما عنده؛ لأنه ينكر أحقيته في أن يكون أفضل منه بجهده وعمله.
4- ترتبط ثقافة رفض الآخر دائماً بمرض خطير حاربه الإسلام بقوة وهو “الكبر” مما يعني أن صاحبها ينازع الله -سبحانه وتعالى- في صفة من صفات ألوهيته، وهو مرض خطير ما من شخص أو جماعة أصيبت به إلا وتوجهت نحو الآخر بالأذى بأشكاله المختلفة، والتي قد تصل إلى انتهاك قيمه ومحرماته ومعتقداته واستباحتها مهما كانت قداستها بالنسبة له.
مما سبق نجد أن ثقافة رفض الآخرين لمجرد اختلافنا معهم في الديانة أو الشكل أو اللون أو الجنسية أو في وجهة النظر لأي قضية، ليس من الدين في شيء.
ويجب علينا معالجة صفة رفض الآخر عن طريق احترام بعضنا وتقبل اختلافنا في الآراء؛ لأننا فى النهاية كلنا إخوة في الإنسانية.
وفى النهاية فإن موقف الرافض للآخر ليس موقفاً عقلانياً بل موقفاً تحكميا، كإبليس عندما اعتبر أن كونه مخلوقاً من نار سببا؛ً لأن يكون أفضل من آدم -عليه السلام- وهو تمييز لا يقبله العقل ويقوم على التحكم والأنانية والغرور.