إن الزواج هو سنة الله في خلقه وتيسير الزواج منفعته تعود على الفرد والمجتمع، ولقد شرع الله -سبحانه وتعالى- الزواج؛ لحفظ النسل الإنساني من الانقراض وعبادة الله -سبحانه وتعالى-، وتحقيقًا للعفة والطهارة وحفظ الأنساب، وقد جاءت السنة النبوية الشريفة مؤكدة على أهمية الزواج والتكاثر مصداقا لقول النبي -صل الله عليه وسلم- كما ورد في الحديث الشريف (تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة) صدق رسول الله-صل الله عليه وسلم-.
ولكن في يومنا هذا أصبحت تكاليف الزواج تمثل أكبر عائقًا أمام تحقيق سنة الله ورسوله، فيقف الشباب عاجزا لا يملك من الأمر شيئا، حيث أصبحت المهور في يومنا هذا أكبر من طاقة الشباب الذين لما يبدأوا حياتهم بعد ولكن الأهالي تتزمت في رفع المهور وتكاليف الزواج على الشباب وذلك يخالف لقول النبي -صل الله عليه وسلم-: “أعظم النساء بركة، أيسرهن مؤنة”.
اقرأ أيضًا: التفاهم بين الزوجين وأسرار النجاح في الزواج 2022
وكذلك بعض العادات والتقاليد التي تمنع الحلال وتعسره، فنجد أن شابًا حسن الخلق، طيب المعشر وعلي دين، يتم رفضه لعدم قدرته المادية التي تمكنه من تلبية احتياجات أهل العروس، أوعدم مناسبته لمستواهم الاجتماعي وتحدث هنا الكارثة؛ حيث نجد الكثير من الشباب إما يتجه إلى الحرام والعياذ بالله، أو يتزوج من أجنبية تختلف معه ديناً وخلقاً وهذا لا يختلف كثيرا، فالزواج من الأجنبيات ما هو إلا مستنقع يقع به الشاب فيحيد عن دينه وأخلاقه ويلبس رداء الفجوروالفسق والعياذ بالله، فرفقاً بالشباب.
أسباب ساعدت في تعسر الزواج
العادات والتقاليد
حيث يرفض الأهل شخصًا على قدر من الدين والخلق لابأس به؛ لأنه من خارج إطار العائلة التي ينبغي أن تتزوج ابنتهم منها؛ وبسبب أنه غريب عنهم ولا يريدون أن يخرج الإرث خارج إطار العائلة عملا بتقاليدها المتبعة، ولبئس التقاليد تلك التي تمنع الحلال وتيسر الحرام.
انتشار البطالة
فنجد الشاب قد اقترب من عامه الثلاثين ولم يتزوج بعد؛ بسبب عدم وجود دخل ثابت له؛ ويرجع ذلك لعدم توفر فرصة عمل مناسبة له، فمن سيقبل أن يزوج ابنته من شخص عاطل.
انتشار الاختلاط
حيث أثرت الثقافات الدخيلة علينا من الغرب والتي انتشرت بين شبابنا انتشار النار في الهشيم، فنجد الاختلاط بين الشباب والبنات وعمل أصدقاء من الجنسين بحجة التفتح والثقافة والتقدم، والله ليس هذا من التقدم في شيء، حيث نرى الشاب يجلس في خلوة مع الفتاة دون حسيب ولا رقيب؛ مما جعل الشباب يعزفون عن فكرة الزواج؛ لعدم حاجتهم له والعياذ بالله.
غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج
فعندما يقوم الشاب بطلب الزواج يصدم بارتفاع المهر من ولي الفتاة والتي تتعدى قدرته وإمكانياته، فإما يعزف الشاب عن فكرة الزواج ويتجه للفسق، أو يقوم بجمع المهر بطرق غيرمشروعة، وفي كلا الحالتين المجتمع هو من يخسر وليس الشاب وحده.
اقرأ أيضًا: الإسلام يرّغب ونحن ننفر
حلول مقترحة لتيسير الزواج
– أن يقوم الأغنياء بإخراج زكاة أموالهم وإعطاءها للشباب الفقراء؛ لمساعدتهم على تحمل تكاليف الزواج.
– عمل ندوات دينية؛ لحث الأهالي وأولياء الأمور على تيسير الزواج وتخفيفًا للمهور وذلك لقول النبي -صل الله عليه وسلم-: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه” فلا يكون مقياس الزواج الجيد هو المادة بل الدين والخلق.
– قيام الدولة بتوفير فرص عمل مناسبة للشباب سواء في القطاع العام أوالقطاع الخاص؛ لمساعدتهم على الزواج وتكوين أسرة.
– منع الاختلاط بين الشباب والبنات؛ حتى يشعر الشباب بحاجتهم للزواج إعفاءً لأنفسهم من الحرام، ويدرك الشباب والبنات أهمية الزواج وتكوين أسرة تقوم على رضا الخالق -سبحانه وتعالى-.
– إقامة القاعات الخيرية؛ لإقامة الأفراح أو تكون بسعر زهيد لتيسير العبء عن الشباب.
– محاربة العادات العشائرية، مثل: ضرورة زواج الأقارب عن طريق عمل الحملات التوعوية والتي توضح خطورة زواج الأقارب ومدى تأثيرها على تشوه الأجنة من الناحية الدينية والطبية.
– منع ما يسمى بقائمة المنقولات والتي فيها يتم كتابة ما قامت الزوجة بإحضاره إلى بيت الزوجية ويقوم الزوج بالإمضاء عليها، والتي يكون بها الكثير من المغالاة؛ مما يجعل الشباب يبتعدون عن فكرة الزواج، فالزوجة ليست مجبرة على إحضار شيء إلى بيت زوجها وليس عليها شيء إن لم تفعل، وفي المقابل يجب ألا تفرض على الزوج فوق طاقاته ويحضر ما في إمكانياته فقط، حينها ستكون الحياة سعيدة دون تدخل الماديات الفانية.
– عمل كورسات توعية للشباب والبنات مثل كورس مودة لتأهيل المقبلين على الزواج في مصر؛ لتوعيتهم بأهمية تكوين أسرة وتزويدهم بمعلومات عن كيفية اختيار شريك الحياة، وعن فن إدارة البيت، وتعرفيهم بفن التعامل لكل منهما، وعن كيفية تربية الأطفال.
اقرأ ايضا:الزواج في سن ال30 لابد أن يصبح امر طبيعي
ويجب أن تعرف عزيزي الشاب وعزيزتي الفتاة أن الزواج ليس مشروعاً تجاريا أو صفقة عمل به ربح وخسارة، إنما هوعشرة وسكن ومودة ورحمة بين زوجين تحابا في الله، فمتي وُجد التفاهم والمحبة فاعرف أنك أحسنت الاختيار، والذرية الصالحة هي أصدق دليلًا على أن الدين والخلق هما الأساس في الزواج وليس المادة، لقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.