ليس للنضج العاطفي تعريف محدد، لكن تعريفه الواضح هو ما عرفه الشرع، النضج العاطفي يكمن بفطرة الإنسان، ولكن ظروف الحياة قد تزعزعه، من مشاكل أسرية وغيرها مما يقابلها الإنسان.
والآن نطرح سؤالا قد أتى لنا جميعا، ما هو النضج العاطفي؟
النضج العاطفي هو أن تعرف أهمية مشاعرك، أن تعطيها في المكان الصحيح ولمن يستحقها في وقتها الصحيح، وأن تكون متزنًا عاطفيًا، تعرف طلب حقوقك والمبادرة بها، تعرف متى تفصح عنها ومتى تجعلها تكمن بداخلك دون أن تكشفها.
والعكس هو الصحيح فعدم النضوج العاطفي يؤدي إلى أشياء كثيرة، منها الكذب لإخفاء مشاعرك، فعل سلوكيات غير سليمة لإرضاء الآخرين، عدم التحكم بالنفس وأحيانًا تصل الأمور إلى لوم النفس باستمرار على شيء لا يستحق ولم يكن لك يد به.
ما الفرق بين النضج العقلي والنضج العاطفي؟
النضج العقلي هو أن تفهم الموضوع عقليًا، أن توضحه للناس أو أن تواجههم، أما النضج العاطفي فهو أن يصبح جزءًا من كيان الإنسان، أن يعيشه ويجسده على أرض الواقع دون تفكير.
عندما تنتقل المعلومة من العقل الواعي إلى العقل اللاواعي وتكون جزءًا من برجمته وجزءًا من شخصيته، جزءًا من كيان الإنسان.
فالعقل اللاواعي يتواصل بشكل تام مع الجسد، فالجسد والعقل اللاواعي يصبحان شخصًا واحدًا وفي أي وقت يواجه الإنسان موقفًا ما يستطيع بسهولة التصرف به، فحياة الإنسان وتصرفاته تجسد ما بالعقل اللاواعي ليس عقله الواعي.
وهذا هو النضج العاطفي أن تستبدل صفاتك السيئة بالصفات الجيدة وتجعلها جزءًا من كيانك، كا أن يقابلك حدث أشعل عيناك من الغضب ولكنك لم تستطع التحكم بنفسك فتصبح العصبية جزءًا من عقلك اللاواعي والهدوء ليس من كيانك وهذا ليس من النضج العاطفي.
اقرأ أيضًا: قوة عقلك الباطن
كيف تعرف أنك متوازن عاطفيا؟
1- الشخص الناضج يكون مصدر أمان للجميع.
2- يحمل طاقة من الحب عالية.
3- لديه طاقة التسامح كبيرة.
4- الشخص الناضج شخص يحب الحياة ويستطيع حل مشاكله، ومشاكل الآخرين إذا طلبوا منه المساعدة.
5- مقاومة الغير والنظر إلى نفسه فقط، عن طريق التركيز في حياته وما يريد أن يحققه من إنجازات.
6- دراسة ما وراء السلوك سواء له أو لغيره.
7- إذا أخطأ اعتذر.
اقرأ أيضًا: كيف تحافظ على صحتك النفسية؟
أسباب انعدام النضج العاطفي؟
- عدم إعطائنا فرصة للبوح عن مشاعرنا ينتج عنها المشاعر المتأججة، سواء إن كان الرجال أو النساء، فكتم المشاعر ليس نوع من أنواع التربية،
- وعندما نأجلها نصلنا لمرحلة من الاحتياج المفرط، فالاحتياج أدى إلى عدم النضج العاطفي وهو عدم إدارة المشاعر بالمكان الصحيح، والتبرأ من المسؤولية والتهرب منها فألقي اللوم على الآخرين.
- وأحيانا قد يكون بسبب الأذى الذي يتعرض له الإنسان وخصوصا إن كان من والديه، لكن أغلب هذا الأذى ليس الأذى الحقيقي، لأنه يكمن بداخله الجهل التربوي، مثل: عدم الوعي بأهمية علم النفس، عدم وعي للمشاعر والمفاهيم غير السليمة، وازدواجية المعايير.
- وقد نحمل من العتاب ألف واحد لهم، ونشعر بأنهم من أفسدوا كل شيء، ولكن في الحقيقة لا يوجد أشرار بهذه القصة والشر الوحيد بها هو الجهل، ولأن بكل منا طفلا يحركه بفطرته.
- فاعلم جيدا أننا عندما نمر بشيء ما في الصغر يصعب على المرء نسيانه مهما حدث، لكن يمكنه أن يكمل طريقه محاولا أن يزيل هذه الثقوب بعيدا عن مستقبله، أن يزيل عقباته النفسية من عند أعتاب أبواب أحلامه التي تملئها الخيبة بمجرد أن نتذكرها.
- عليك فقط إدراك ومعرفة أن الطفل الذي بداخلك هو من يحرك مشاعرك لذلك عليك البدء بخطوات لتصل للنضج العاطفي.
خطوات لتصبح ناضجا عاطفيا
1- تعزيز الثقة بالنفس: من خلال احترام نفسك عن طريق إرضاء ربك قي كل خطوة تخطوها، فإذا وقعت في خظأ ما لابد أن تتعلم منه وتثق في قبول الله لك عند اعترافك بهذا الخطأ، وهذا يزيد من ثقتك بنفسك أكثر.
2-الاستقلال العاطفي: وهو حب النفس فقد كرمك الله -سبحانه وتعالى- عن جميع خلقه، ويكون الحب لنفسك بطرق كثيرة: كشراء هدية لنفسك أو الخروج بمفردك، تخصيص الوقت لنفسك لفعل ما تحبه.
قد يكون الأمر صعبا في بدايته، قد تشعر بالوحدة لكنك مع تكرار الأمر ستجد المتعة بوحدتك، لأنك ستبدأ باكتشاف ما تحب، ستشعر حينها باكتفائك الذاتي وستعرف كيف تستطيع مكافأة نفسك، وإن شعرت بأن الله معك في كل وقت فلن تشعر بالوحدة.
الاستقلال العاطفي لا يغني عن احتياجنا لحب الآخرين ولكنه احتياج نسبي لا نستطيع منعه لكننا لا نعتمد عليه بشكل كامل.
3- تطوير الذات: أن تتطور في جميع مراحل حياتك وأن تركز على كل أدوارك وليس دورًا واحدًا فقط، من خلال تعلمك لعلوم مختلفة تفيدك في رحلة حياتك.
4- التقبل: أن تتقبل الواقع وتعرف أن مدبرك هو الله فليس هناك داعي للقلق، وأن تتقبل نفسك وتحاول أن تصلحها للأفضل وأن تتقبل الآخرين باختلافهم.
5- التحليل: وهو أن تحلل تصرفاتك وتوجد أسبابًا لما تشعر به، وأن تحلل تصرفات الآخرين ولا تُسقط عليهم الأحكام.
6- التفريغ والتنفيس: ويمكن ذلك بطرق مختلفة، مثل: الكتابة الرسم والرياضة وغيرها من الأشياء التي تسطيع من خلالها التفريغ والتعبير عما يدور بداخلك.
7–التسليم لله: أن تسلم أمورك إلى الله وتدعوه دائما وتتقرب إليه فهو عالم بنا وهو خير مُعين لنا، فالتسليم والتقرب إليه مشاعر لا يفهمها إلا من حاول البحث والسعي إليها كي يصل إلى الله.
شاهد أيضًا:
وبنهاية مقالتي أود القول بأنه قد يكلفك الأمر وقتًا ومجهودًا كبيرًا لتصل للنضج العاطفي والعقلي معًا، قد تضطر لأيام بالانغلاق على ذاتك لتفهم ما تشعر به، لكنك حتما ستشعر بلذة الفخر بالنهاية، عندما تنظر إلى الماضي بعقلٍ جديدٍ، وتسامح من كان قلبك يشعر بالأسى نحوهم، ستتعلم معنى الحب من جديد، وستنظر إلى حياتك من منطلق أوسع بكثير مما كنت أنت عليه.
اقرأ أيضًا: كيف تفهم مشاعرك بوضوح؟
اقرأ أيضًا: ما هي أهمية قوة التحكم في الذات وطريقة ضبطها 2022