في المقال السابق أوضحنا لكم أسباب ارتفاع الأسعار وما علاقة التضخم وطباعة النقود على المستوى المحلي أو العالمي بها، وفي هذا المقال سنتعرف على أطراف الصراع المالي في العالم وبداية حرب باردة اقتصادية ستعيد تشكيل العالم الذي نعرفه وتغير موازين القوى الاقتصادية به.
الحرب الأوكرانية الروسية وتأثيرها على ارتفاع الأسعار
- منذ تفكك الاتحاد السوفيتي السابق وانهيار تلك الإمبراطورية الكبيرة التي كانت تمتد إلى وسط أوروبا حتى أسوار برلين العاصمة الألمانية، التي كانت مقسمة بين الشرق بزعامة روسيا والغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تلك الإمبراطورية الغابرة تتمتع بقوة اقتصادية وسياسية وعسكرية هائلة.
- ومن يوم سقوط تلك الأمبراطورية وحاكم روسيا البيضاء “الرئيس بوتين” يحلم هو وكل روسي بعودة أيام مجدهم العظيم، لكنهم كانوا يعلمون أن الاقتصاد هو سبب انهيار أمبراطوريتهم وأن طريق عودتها إلى سابق عهدها سيكون عن طريق الاقتصاد.
- وانكبت روسيا تزرع وتصدر محاصيل استراتيجية هامة كالقمح والذرة وزيوت عباد الشمس بأسعار رخيصة، حتى جعلت معظم دول العالم تعتمد على الإنتاج الروسي من تلك المحاصيل.
- كما أنها قامت بأبحاث واستكشافات مهمة عن البترول والغاز الطبيعي داخل الأراضي الروسية وطورت تلك الاكتشافات، وبدأت التصدير إلى أوروبا وأصبحت روسيا كالقلب الذي يضخ الدماء بترول وغاز طبيعى في شرايين الجسد الأوروبي المنتعش لمصادر طاقة رخيصة وآمنة، ليستطيع الوقوف تصنيعيا أمام الغزو الصيني لجميع أسواق العالم وأصبحت أوروبا أسيرة لإمددات الطاقة الروسية.
- وكلما زاد اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية زاد التباعد السياسي والاقتصادي بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وفقدت أو كادت أمريكا أن تفقد هيمنتها على القرار السياسي الأوروبي ومن بعده العالمي، لهذا كان من الطبيعى إشعال الصراع بين روسيا وأوروبا من أجل أن تعود أوروبا إلى الأحضان الأمريكية.
اقرأ أيضًا: ارتفاع الأسعار أسبابه ونتائجه على المستوى القومي والعالمي 2022
توابع الصراع الروسي الأمريكي وعلاقته بارتفاع الأسعار
بمجرد اشتعال الحرب انهالت على روسيا عقوبات اقتصادية كانت معدة سلفا وستطبق سواء نشبت الحرب أم لا، لأن من يرى قوة العقوبات يعلم أن الهدف منها ليس عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي فقط وجعلها جزيرة معزولة كأنها لا تنتمي للعالم والكرة الأرضية التي تحكمها الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن كان الهدف الرئيسي من العقوبات هو توجيه تحذير شديد اللهجة للاقتصاد الصيني والهندي اللذان ينافسان الولايات المتحدة الأمريكية على عرش أقوى اقتصاد في العالم وقد سمعت الدولتين التحذير، لكنهما أثارا الجانب الروسي.
ومثلهم قول العرب: “أؤكلت يوم أؤكل الثور أو الدب الأبيض”، وهي حكاية مشهورة لثلاثة ثيران مختلفين الألوان ثور أبيض وآخر أحمر وثالث أسود وجاء أسد يريد قتالهم وأكلهم لكنهم أجمعوا رأيهم وقوتهم على محاربته مجتمعين، وبالفعل فازوا وفر الأسد لكنه عاد بعد مدة ليقول لهم إنه لا يريد قتالهم جميعا لكن مشاكله مع الثور الأبيض فقط وإن بقية الثيران لو تركوه ليحارب الثور الأبيض بمفرده فإنه أي الأسد لن يحارب الثوران الأسود والأحمر ويعيشوا في سلام وتنعم كل الغابة بالسلام والمحبة.
ومازال الأسد يقنعهم حتى وافق الثوريين الأسود والأحمر على ترك الثور الأبيض يحارب الأسد بمفرده ويموت الثور الأبيض بعد صراع مع الأسد وبعد عدة أيام يجوع الأسد مرة أخرى فيحارب الثوريين وينتصر عليهم ويأكلهم، فصار مثال أن أية قوة وأي جمع أو أي أمة عندما تتفرق وتتشرزم تكون سهلة المنال والفناء والتدمير، فالاتحاد قوة والتفرق ضعف وهوان وذل.
وبالتالي كل هذه الصراعات والحروب بين الدول أثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي كله ليس المحلي فقط ومنه حدث ارتفاع الأسعار في كل المجلات، وفي المقال التالي سوف نستعرض أهم الأفكار والمبادئ للنجاة من طوفان التضخم وغلاء الأسعار سواء على المستوى الشخصي أو الوطني.
اقرأ أيضًا: براعة الاقتصاد المصري في مواجهة أزمة كورونا