اثنان وخمسون عاما مرت على رحيل الزعيم جمال عبد الناصر ثاني رؤساء مصر بعد ثورة يوليو، والذي حكمها من عام 1956م وحتى وفاته في عام 1970م يوم 28 سبتمبر، في فترة ازدهرت فيها البلاد بمختلف المجالات وهو ما انعكس بوضوح على الفن، لتزدهر القاهرة بمختلف المجالات، وهو ما انعكس بوضوح على الفن، ليلمع نجوم بالسينما والغناء والمسرح، وتخرج أعمال مميزة جسدت ذلك العصر الذهبي، حملت ولا زالت وصف “زمن الفن الجميل”.
إنجازات جمال عبدالناصر للفن والثقافة:
أولى ناصر اهتماما خاصا للفن والثقافة في مصر، حيث قرر عام 1958م إنشاء وزارة تعتني بشؤون الثقافة، وكان على رأسها الراحل ثروت عكاشة أول وزير للثقافة والإرشاد القومي.
وخلال تلك الفترة تم إرساء البنية التحتية للثقافة وإنشاء كثير من الهيئات التي عملت على إثراء الحياة الثقافية والفنية، مثل: المجلس الأعلى للثقافة، وهو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب آنذاك، والهيئة العامة للكتاب، ودار الكتب والوثائق القومية، التي كانت تحوي في ذاك الوقت نحو نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة، للمحافظة على التراث المصري بداخله، بحسب موقع “الهيئة العامة للاستعلامات”.
أسس في عهد عبد الناصر أيضا فرق دار الأوبرا المختلفة، مثل: أوركسترا القاهرة السيمفوني، وفرق الموسيقي العربية، والسيرك القومي ومسرح العرائس.
كما تم الاهتمام بدور النشر، كإنشاء المكتبة الثقافية، التي كانت النبتة الأساسية لمشروع مكتبة الأسرة، فضلا عن رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية، والسماح بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.
إنشاء أكاديمية الفنون، عام 1969، كان واحدا من أهم إنجازات جمال عبدالناصر، فهي أول جامعة لتعليم الفنون ذات طبيعة منفردة في الوطن العربي، حيث تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والبالية والموسيقى والفنون الشعبية.
اقرأ أيضا:الأراجوز المصري … أبوالسعود الأبياري ، سيد حجاب ، فؤاد حداد ،لوركا ضمن فعاليات المهرجان
ويعد إنشاء التليفزيون المصري، أحد أبرز إنجازات الثورة في مجال الإعلام، حيث أصدر قرارا به في عام 1959، ليبدأ البث في 21 يوليو 1960 في الاحتفالات بالعام الثامن للثورة.
إنشاء جمال عبد الناصر عيدا للعلم:
أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرارا فى عام 1958م بتحديد يوم 21 ديسمبر من كل عام موعدا للاحتفال بـ عيد العلم في عهده، حيث يوافق هذا اليوم يوم افتتاح جامعة القاهرة عام 1908م.
وأقيمت احتفالات عيد العلم عام 1958م بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة بتكريم العديد من النوابغ في مصر بجميع المجالات بحضور الرئيس جمال عبد الناصر.
بعده فى عام 1960م تم تكريم الأديب عباس محمود العقاد وتوفيق الحكيم، وأيضا تكريم سيدة الغناء العربي أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والشاعر أحمد رامي.
اقرأ أيضا:الحارة المصرية تلمع في سماء نوبل الأديب نجيب محفوظ 2022
دعم جمال عبد الناصر للفنانين:
تحدثت الفنانة مريم فخر الدين، في أحد اللقاءات التليفزيونية، أنها التقت بالزعيم الراحل عبدالناصر للمرة الأولى، أثناء تصوير فيلم رد قلبي، حيث جاء لاستديو مصر وشاهده وأثنى على مجهودها بالتمثيل.
مضيفة: “جلست وراءه مباشرة وكنت أحضرت صورة له ليوقع لي عليها وانتهزتها فرصة وقلت له: “من فضلك يا جمال بيه وقع لي على الصورة، فقال لي: يا مريم أنا لغيت البهوية، فقلت له وأنا لم أكن أجد لقبا لأناديك به، أو فكرت أن أقول لك يا جمال بيه ولا باشا ولا أعرف أناديك بأي لقب، فقال لي وهو يبتسم: سميني جمال، ومضى لي على الصور (إلى مريم فخر الدين مع إعجابي بها في فيلم رد قلبي)، وهذه الصورة بتوقيعه لا أزال أحتفظ بها”.
ومن نماذج علاقة ناصر بالفنانين علاقته بأم كلثوم و برغم أنها أهدت أغنية «يا ليلة العيد آنستينا» للملك فاروق قبل ثورة 23 يوليو، وغنت له فى عيد ميلاده «اجمعى يا مصر أزهار الأمانى، يوم ميلاد المليك.. واهتفي بعد تقديم التهاني، شعب مصر يفتديك»، إلا أن الرئيس جمال عبدالناصر لم يقصها ولم يناصبها العداء، بل اعتبرها أهم روافد المخزون الاستراتيجي للقوة الناعمة المصرية، وقال عبارته الشهيرة: “أم كلثوم لا يمكن حجب فنها فهي مثل الأهرامات باقية وخالدة”.
اقرأ أيضا: الإذاعة المصرية.. هنا القاهرة
نماذج وأمثلة كثيرة تظهر علاقة ناصر للفن والثقافة ودعمه للفنانين، ويبدو أن حب ناصر للثقافة كان معه منذ الطفولة، فقد كتب عبدالناصر مقالا في المجلة المدرسية تحت عنوان (فولتير رجل الحرية) واستعرض فيه السيرة الذاتية لفولتير ونضاله من أجل الحرية، فكان فولتير الذي عاش عام 1755م في عصر مكبل بالقيود البالية والإقطاع المستبد، ليرحل ناصر وتبقى بصماته في مختلف نواحي الحياة ومنها الفن والثقافة.
كما اشترك ناصر في مسرح المدرسة وقام بدور قيصر في المسرحية الشعرية مصرع مصرع كليوباترا.
ليرحل ناصر تاركا بصمة مؤثرة في قلب الثقافة المصرية والعربية، وأيضا بصمته في جبين الوطن الحبيب مصر.
اقرأ أيضا: في ذكرى ميلاده ال 71… اشحن طاقتك مع “إبراهيم الفقي”