يعتبر كحك العيد من أشهر الحلويات التي تقدم في المناسبات الدينية والاجتماعية في العالم العربي، ولكن لا يزال النقاش قائمًا حول أصل هذه الحلوى الشهية، ففي حين يعتقد البعض أن أصله يعود إلى الحضارة العربية الإسلامية، يرجح آخرون أنه يمتد إلى الحضارات القديمة في مصر وبلاد الشام.
تعريف عن كحك العيد وأصوله المتنوعة:
كحك العيد هي حلوى تقليدية تتميز بتنوع واسع في مكوناتها وطرق تحضيرها، ولذلك يعود أصلها إلى عدة حضارات وثقافات، ومن المعروف أنها تعتبر من أهم الحلويات التي تقدم في المناسبات الدينية والاجتماعية، ويتم إعدادها بطرق مختلفة في العديد من الدول العربية، إلا أنها تشترك في بعض المكونات الأساسية مثل: الدقيق والزبدة والسكر والماء والخميرة والحليب والبيض والمكسرات، ويتم خلط المكونات جيدًا ثم يترك العجين ليتخمر قليلًا قبل أن يشكل إلى كرات صغيرة ويخبز في الفرن.
تشتهر مدينة دمشق بإنتاجها الكثير من الكحك اللذيذ، ويعتبر من أشهر أنواع الحلويات في المنطقة العربية، ويقال إنه تم إعداده لأول مرة في سوريا ولبنان في عصور قديمة.
يعود أقدم مرجع للكحك إلى الحضارة الإسلامية في القرن السابع الميلادي، حيث كان يعتبر من الحلويات التي يتم تقديمها في المناسبات الدينية والاجتماعية، وخاصة في عيد الفطر المبارك، ومن المعروف أن الحلويات كانت تعتبر في تلك الحقبة من الزمن هدايا تقدمها الناس لبعضهم البعض، وكانت تعبر عن التضامن والمحبة والتقارب الاجتماعي.
علاوة على ذلك، فإنه يعتقد أن يعود أصله إلى الحضارات القديمة في مصر وبلاد الشام، حيث كانت تعد هذه الحلوى من الحلويات التي يتم تقديمها في المناسبات الاجتماعية والدينية، وكانت تحتوي الوصفات القديمة للكحك على مكونات بسيطة ومتوفرة محليًا، مثل: الدقيق والزبدة والسكر والبيض والخميرة.
يشتهر بشكل خاص في المناطق العربية، وخاصة في بلاد الشام، حيث تتوفر فيها مكونات ذات جودة عالية تستخدم في إعدادها، وتختلف الوصفات من منطقة إلى أخرى في العالم العربي.
اقرأ أيضًا: في 10 دول.. أغرب طرق الاحتفال بعيد الفطر حول العالم
1-أصل كحك العيد في مصر وبلاد الشام:
يعتقد أن يعود أصله إلى الحضارات القديمة في مصر وبلاد الشام، حيث كانت تعد هذه الحلوى من الحلويات التي يتم تقديمها في المناسبات الاجتماعية والدينية، كما تحدثت أسطورة إيزيس وأوزوريس عن التمائم السحرية التي تفتح أبواب الجنة للميت، وكانوا يتقنون صناعته وتشكيله بأشكال هندسية وزخرفية مختلفة، كما كان البعض يصنعه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور، وكانوا يرسمون عليه صورة الشمس التي ترمز للإله رع، مما يدل على أن صناعته كانت امتدادًا للتقاليد الموروثة، وهو لا يزال بنفس الشكل حتى اليوم.
تم اكتشاف صور مفصلة لعملية صنعه في مقابر طيبة ومنف، ومن بين هذه الصور صور على جدران مقبرة رخميرع توضح أن عسل النحل كان يخلط بالسمن، ويقلب على النار ويضاف إلى الدقيق، ويتم تحمير بعض الأنواع في السمن أو الزيت ويتزين بالمكسرات أو السكر البودرة أو الفواكه المجففة.
تظهر هذه الصور أن صناعة الكحك كانت جزءًا من التقاليد الموروثة التي امتدت عبر العديد من الحضارات والثقافات، ومن اللافت أن صناعة الكحك لم تتغير كثيرًا على مر السنين، فلازالت تستخدم نفس الطرق التي استخدمت قبل قرون.
اقرأ أيضًا: أصل يوم الأم.. ومظاهر الاحتفال به في 7 دول حول العالم
2-أصل الكحك في التاريخ الإسلامي:
يعود تاريخ صناعته في التاريخ الإسلامي إلى عهد الطولونيين، وتحديدًا من سنة 868 م إلى سنة 904 م، وكانوا يصنعونه باستخدام قوالب خاصة مكتوب عليها (كل واشكر)، وأصبح من أهم مظاهر احتفالات عيد الفطر في عصرهم.
3-أصل الكحك في العهد الفاطمي:
كان الخليفة الفاطمي يخصص مبلغ 20 ألف دينار لتصنيعه وبسبب ذلك، كانت المصانع تعمل على صنع الكحك بدءًا من منتصف شهر رجب، وتمتلئ مخازن السلطان به، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه ومن المثير للاهتمام أن مائدة الخليفة العزيز الفاطمي كانت تحتوي على 60 صنفًا من الكحك والغريبة، وبطول يبلغ 1350 مترًا، وكان حجم الكحكة الواحدة يشبه حجم رغيف الخبز، وكان يُطلق على عيد الفطر اسم (عيد الحلّ)، لأنه كان يُخصص 16 ألف دينار لإعداد ملابس لأفراد الشعب بالمجان، وخصصوا إدارة خاصة تسمى دار الفطرة لصناعة الكحك وتجهيزه وتوزيعه، وكان الشعب ينتظر عند أبواب القصر الكبير في عيد الفطر ليحصل كل شخص على نصيبه، حيث استمر هذا التقليد حتى أصبح حقًا من حقوق الفقراء.
4-أصل الكحك في العهد الأيوبي:
رغم محاولات صلاح الدين الأيوبي الجادة للقضاء على جميع العادات الفاطمية، إلا أنه لم يتمكن من القضاء على عادات الطعام مثل كحك العيد التي لا تزال موجودة حتى اليوم ومع ذلك، استمرت صناعة الكحك وتطورت في العصر المملوكي.
اقرأ أيضًا: رأس السنة الكورية.. وأبرز 4 مظاهر للاحتفال بها
5-أصل كحك العيد في عصر المماليك:
كانت صناعة الكحك تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للمماليك، حيث كانوا يقدمون هذه الحلوى كصدقة للفقراء والمتصوفين وبالإضافة إلى ذلك، كانوا يولون اهتمامًا خاصًا لتوزيعه على الأفراد ذوي الحاجة وتبادله كهدية في عيد الفطر.
اقرأ أيضًا: تعرف على أهم 5 فوائد الترمس 2022
6-أصل الكحك في العهد العثماني:
في العصر العثماني، استمرت صناعة الكحك وأولى السلاطين العثمانيين اهتمامًا كبيرًا بتوزيعه في عيد الفطر على المتصوفين والتكيات والخانقات، التي كانت مخصصة للطلاب والفقراء ورجال الدين، وظل التراث العربي معبرًا عن حاله حتى يومنا هذا وخاصة بمصر وبلاد الشام بحكم الارتباط الجغرافي والتاريخي، وفي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة في مصر توجد قوالب الكحك عليها عبارات (كل هنيئًا واشكر) و(كل واشكر مولاك) وعبارات أخرى تحمل نفس المعنى.
على الرغم من أن أصل كحك العيد لا يزال محل نقاش، فإنه يعتبر جزء لا يتجزأ من تقاليد العيد في المجتمعات العربية، وبغض النظر عن أصله، فإنه يمثل رمزًا للتراث والثقافة والتضامن الاجتماعي في العالم العربي.
كتبت: نورهان أحمد.