انتشرت للأسف في الآونة الأخيرة حالات ليست بالقليلة لشباب اتخذوا قرار الانتحار ونفذوه غير مبالين بحياتهم المهدورة أو مستقبلهم المنتظر، أو حتى بأهلهم وذويهم الذين يقتلهم الحزن على فقدهم.
وهذه الحالات كما قلت ليست قليلة وأخشى أن تصبح هذه الحالات ظاهرة بين الشباب، ولهذا دعونا نطرح الأسباب التي تؤدي لذلك وطرق العلاج للوقاية من انتشار هذه الظاهرة.
أسباب الانتحار:
العوامل المسببة للانتحار كثيرة وتختلف من حالة إلى أخرى، ولكن هناك ملاحظة يجب الانتباه لها وهي ميل الشخص الذي يفكر في الانتحار إلى العزلة والابتعاد عن التجمعات وظهور الاكتئاب عليه من خلال ملامحه أو أفكاره أو كتاباته، وهنا يجب تدخل الأهل والأصدقاء لعمل مساندة ودعم لهذا الشخص حتى لا تسوء حالته ويقوم بالانتحار فعليًا.
أهم العوامل التي تؤدي إلى الانتحار:
1-التفكك الأسري سواء بانفصال الوالدين أو ابتعادهم عن أولادهم، يجعل الأولاد ضائعين مشتتين وتربة خصبة لأصدقاء السوء ومروجي الأفكار الغريبة.
2-الفروق الاجتماعية بين طبقات المجتمع جعلت هناك من يمتلك كل شيء وهناك من لا يملك شيئا، ما يجعل الشاب الفقير يشعر بالعجز والدونية واليأس بالحياة.
3-التغيرات الاقتصادية السريعة بالمجتمع وغلاء المعيشة، جعلت الأب أو الزوج عاجزًا عن الالتزام بمسئوليات الأسرة وتوفير أساسيات الحياة لهم، فيعتقد أن إنهاء حياته سيخلصه من كل هذه الضغوط.
4-البطالة بين الشباب وعدم توفر فرص العمل وقلة الرواتب والأجور، ما يجعلهم عاجزين عن الزواج وتكاليفه والاستمتاع بأبسط حاجاتهم الإنسانية فيجدون في الموت الخلاص الوحيد أمامهم.
اقرأ أيضًا: العلاج النفسي للانتحار في 10خطوات
طرق الوقاية والعلاج:
لأن الوقاية دائمًا خير من العلاج يجب علينا أن نمنع الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار من الحدوث، أو نقللها أو نعالجها إذا حدثت وذلك من خلال الطرق التالية:
- الرجوع إلى الله: ربما عند ذكر الأسباب لم أذكر الابتعاد عن الله لأن ليس كل من يبتعد عن الله يفكر في الانتحار، ولكن كل من يفكر في الانتحار يجب أن يرجع إلى الله؛ ليعرف مبدئيًأ إن روحه ملك لله تعالى هو من أوجدها وهو وحده الذي ينهيها متى شاء وكيفما شاء، وأن حياته كلها تمشي وفق مراد الله وتدبيره وأن كل عسر بعده يسر، وأن الله يعلم بعلمه اللامحدود ما هو خير له، فالمرض خير، والفقر خير، والمعاناة مهما تعددت أشكالها خير، والصبر رزق من الله تعالى لأصحاب الابتلاء يعطيهم أجرهم بغير حساب، وأن الدنيا دار بلاء لا دار مقر نمر منها إلى الحياة الحقيقية الأبدية في الآخرة في نعيم الله وفضله إن شاء الله.
- اهتمام الأهل وأولي الأمر بأبنائهم، ومحاولة فهم مشكلاتهم والتحاور المستمر معهم.
- التلاقي المستمر بين الأصدقاء والتحاور بينهم وتخصيص أوقات للرحلات الترفيهية؛ لتخفيف ضغوط الحياة.
- دور الدولة في زيادة الرواتب والأجور وتوفير فرص عمل للشباب وتخصيص مساكن لهم برسوم مخفضة، ومساعدتهم في نفقات الزواج.
- دور الطب النفسي في عمل توعية للشباب في النوادي والجامعات من خطر الاكتئاب، وكيفية علاجه والذهاب فورًا إلى متخصص في حالة الشعور بهذه الأعراض وعدم الحياء أو الاستحياء من التحدث في مثل هذه الأمور لأنه مرض مثل بقية الأمراض.
- دور الشاب نفسه وهو لا يقل أهمية عن السابقين بل يعتبر أهمهم، وهنا يجب على الشاب أن يتحصن دائمًا بالله وألا يترك نفسه للعزلة والوحدة وأن ينخرط دائمًا في تجمعات شبابية مفيدة، وأن يمارس الرياضة حتى لو المشي يوميًا وأن يستشير دائمًا أي اخصائي نفسي إذا ما شعر بأي عرض من الأعراض التي ذكرناها.
اقرأ أيضًا: تعرف على 8 حلول مشكلة التنمر والأسباب المؤدية لها
كل ما سبق عزيزي القارئ نقول إن الانتحار فضلًا عن تحريمه دينيًا، إلا أنه أيضًا محرم اجتماعيًا وإنسانيًا فلا أحد يملك القرار لإنهاء حياته بهذه البساطة والسهولة، وتذكر دائمًا عزيزي الشاب أن هناك دائمًا في الحياة ما يستحق أن تعيش من أجله.
كتبت: سحر علي.