الجميع في مصر يعاني من مشكلة انقطاع التيار الكهربي لمدة ساعة أو أكثر بصفة يومية في جميع المدن والقري على مستوى الجمهورية، ولكن هل فكر أحدنا في يوم ما أو خطر على باله وسط ظلام انقطاع الكهرباء وسأل نفسه ماذا يرى الأعمى؟
أعرف أن الموضوع ربما يثير دهشتك عزيزي القارئ وربما يثير بعض التأمل والتفكر لديك وربما يثير فضولك أيضًا، لتعرف إجابة هذين السؤالين، تابع معي المقال وهذا ما أريده منك عزيزي بالطبع.
الجميع سيتبادر لذهنه أن يضع يديه على عينيه أو يغمض عينيه ويقول إن الأعمى يرى سوادًا أو ظلامًا حالكًا، لكن يؤسفني تخييب ظنك عزيزي القارئ إجابتك خطأ، لأنك عندما تغمض عينيك أو تكون موجودًا في الظلام، فسيكون هناك مقدار من الاستجابة البصرية من الخلايا العصبية لديك، وسيستمر جهازك العصبي بإرسال نبضات عصبية للمخ تجعلك ترى اللون الأسود.
في الواقع الأعمى لا يرى شيئًا لأنه فاقد عصبه البصري أصلًا، وحتى اللون الأسود لا يراه وهو تمامًا كأن يطلب منك أحدهم أن ترى من خلال خدك أو إبهامك هل سترى لونًا أسودًا، لا لن ترى شيئًا.
اقرأ أيضًا: كيف نفهم لغة العيون؟ 4 دلالات لحركات الأعين ومعاني النظرات المختلفة
هل يحلم الأعمى؟
تكلمنا عن الرؤية البصرية الفعلية للأعمى، ولكن في الأحلام هل يحلم الأعمى؟ في الحقيقة يحلم المكفوفون مثلنا تمامًا، وأثبتت الدراسات ذلك ولكن قسمت الأبحاث إلى قسمين:
● القسم الأول الذين فقدوا حاسة البصر منذ الولادة، يرون في أحلامهم أشياء تعتمد على بقية الحواس مثل: الشم، والسمع، واللمس، ولكنهم لا يرون أشكالًا أو صورًا واضحة ومعبرة.
● القسم الثاني الذين فقدوا حاسة البصر بعد سنوات من حياتهم فإنهم يمكنهم أن يروا في أحلامهم صورًا أو ألوانًا وأشكالًا بالاعتماد على خلفيتهم المبصرة، ولكن بعد ذلك تقل المؤثرات البصرية وتنعدم تمامًا بحيث لا يستطيعون التعبير عما راوه ويرون أحلامهم بالحواس الأخرى مثل: اللمس، والسمع والرائحة أو الشم.
وهذا ما أوضحته العالمة الشهيرة هيلين كيلر التي فقدت حاسة البصر والسمع، أنها كانت ترى في أحلامها أشياء تجعلها تشعر بالقلق والخوف والتوتر؛ مما جعلها عنيفة وعدوانية مع كل من تعامل معها في صغرها، ولكن بعد ما تلقت الدروس على يد معلمها أصبحت ترى أشكالًا على خلفية ما تعرفه من المعلم، حتى أنها حلمت ذات يوم بذئب ينهشها من جسدها بعد ما قص عليها المعلم قصة ذات الرداء الأحمر.
طريقة برايل:
ولأن الحاجة أم الاختراع كان يجب أن يجد المكفوفون طريقة ما تمكنهم من التعلم والقراءة جيدًا، حتى جاء لويس برايل وهو شاب فرنسي فقد حاسة البصر في طفولته؛ بسبب حادث أصاب عينيه بالعمي، لم يستطع لويس الاستمرار بالمدرسة والتعلم بالسمع فقط فترك المدرسة والتحق بالمعهد الملكي للشباب المكفوفين، الذي كان يحتوي على مكتبة ضخمة ولكن كل ما كان يفعله المعلمون هناك هو قراءة هذه الكتب للمكفوفين، وكاد صبر لويس أن ينفد حتى جاء للمعهد زائرًا غير مجرى حياة لويس.
هو جندي من الجيش جاء ليعلمهم شفرة اسمها الكتابة الليلية حتى يتعامل بها الجنود في أرض المعركة دون الحاجة للكلام والحديث بالصوت، وهي عبارة عن شفرة تحمل اثني عشر ثقبًا بارزًا، وقام لويس بتعلم هذه الشفرة بمهارة وتبسيطها لتصبح ستة نقاط فقط، وبعدها نشر لويس أول كتاب له بهذه الطريقة ولم يتجاوز عمره الثامنة عشر عامًا، والآن أصبح هناك مؤلفات بهذه الطريقة تحمل رموزًا رياضية وعلمية وموسيقية وروايات منتشرة في كل أنحاء العالم.
في النهاية عزيزي القارئ، تعرفنا على نعمة واحدة من نعم الله عز وجل علينا والتي اعتدناها حتى نسينا أن نحمده ونشكره عليها، فالحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلًا.
اقرأ أيضًا: أفضل 10 أسرار من كتاب لغة الجسد
كتبت: سحر علي.