كل منا له مشاكله وهمومه التي تؤرق منامه وتجعل قلبه كالصحراء القاحلة أو تحطم نفسه وتجعلها كبقايا قطع الزجاج المنكسرة، في هذه الحالات يحتاج الإنسان إلى من ينصت إليه ويسمعه، أو يبتسم في وجهه ابتسامة رقيقة وفي هذا السياق، يأتي دور جبر الخواطر، الذي يمثل القدرة على تخفيف الآلام النفسية وتقديم الدعم والاهتمام للشخص الذي يحتاجه.
أهمية جبر الخواطر:
- يعتبر سببًا من أسباب مواساة الناس من خلال مشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، وتيسير كل عسير يمكن أن يمروا به في حياتهم.
- تلبية حاجات الناس واحتياجاتهم عن طريق توفير ما يحتاجونه قدر المستطاع، فهناك من يحتاج للمال، أو الوظيفة، أو الدفاع عنه، أو حتى لكلمة طيبة أو ابتسامة جميلة.
- تقوية أواصر العلاقات والألفة بين الناس، وإشاعة المحبة والمودة والإخوة بينهم.
- القضاء على حقد النفوس والقلوب بين أفراد المجتمع.
- نيل رضا الله والحصول على ثوابه العظيم، لما له من مكانة كبيرة في الإسلام وكافة الأديان.
أهمية جبر الخواطر
ما معنى الخاطر وكيف نجبره؟
الخاطر له عدة مترادفات فيقال هو الذهن، ويقال هو النفس، ويقال هو حضور القلب، ويقال هو المودة والرحمة والألفة في أي علاقة.
أما الجبر فله دلالتان:
- من اسم الله -سبحانه وتعالى- الجبار.
- من الجبيرة وهي التي توضع للعظم المكسور الذي يؤلم صاحبه ألمًا شديدًا، لتشده وتقويه وتساعد على إصلاحه دون اعوجاج أو انحناء.
اقرأ أيضًا: تعلم مسامحة الآخر في 6 طرق
لهذا جبر الخاطر يحمل معنى رائعًا من معاني المودة وحسن الخلق والرحمة في التعاملات الإنسانية بين الناس، أما عن طرق أو كيفية جبر الخاطر فهي بسيطة الفعل قوية التأثير على النفس مثل:
- عندما تمسح على رأس طفل يتيم، أو تعطيه قطعة حلوى، أو تقدم له لعبة بسيطة، أو هدية صغيرة في غير مناسبة هو نوع من جبر الخاطر.
- عندما تلقي التحية على أشخاص في مجلس، أو تسلم عليهم، أو عند رؤية أحد في الطريق نوع من جبر الخاطر.
- تبسمك في وجه الآخرين.
كيف نجبر الخاطر
- التخفيف والمواساة عن صديق فقد شخصًا غاليًا عليه بكلمات رقيقة تهون مصابه.
- الدعم النفسي أو المعنوي لشخص في محنة ما أو تعرض لأذى معين.
- زيارة المريض وإضفاء جو يريحه من تعبه بالدعاء له، وتقويته على التحمل.
- الكلام الطيب لشخص في موقف صعب يساعده على الابتسامة، وتخفيف التوتر الحادث له.
كل ما سبق وغيرها من الأشياء تدخل تحت باب جبر الخاطر وتترك أثرًا طيبًا، يزيد من المودة والألفة بين الناس.
مواقف مؤثرة في جبر الخواطر:
المواقف التي حكاها أصحابها في جبر الخواطر كثيرة أثرت في حياتهم وحياة من جبروا خاطرهم، ومن أهم هذه القصص ما رواه الدكتور حسام موافى (أستاذ طب الحالات الحرجة) بكلية طب القصر العيني أنه بسبب جبر الخاطر تم إنقاذه من جلطة قلبية كان يمكن أن تودي بحياته لا قدر الله، قال: “إنه في يوم من الأيام كان عند مولانا الإمام الشيخ الشعراوي -رحمه الله- وسأله الدكتور حسام عن أقرب العبادات تقربًا إلى الله تعالى” فأجابه الشيخ الشعراوي: “إنها جبر الخواطر”.
ومرت الأيام وفي أحد الأيام اتصل أحد جيران الدكتور حسام به وطلب منه أن يجبر خاطره ويقوم بزيارة إحدى قريباته في القصر العيني بالرغم أنه كان يوم إجازة رسمية دون عمل للدكتور حسام في المستشفى، يقول لم أهتم بالاتصال ونمت ساعتين واستيقظت وخرجت لشراء بعض متطلبات البيت وتذكرت قول الشيخ أفضل عبادة جبر الخواطر وتذكرت كلمة جاري في اتصاله أجبر خاطري، وقمت على الفور بالاتجاه إلى المستشفى التي تبعد ما يقرب من ساعتين عن منزلي، وبمجرد وصولي المستشفى سقطت مغشيًا عليّ وبعد الكشف اتضح أنني أصبت بجلطة في القلب ولولا وجودي في المستشفى في هذه الساعة ما تمكنوا من إنقاذي لأن توقيت العلاج بالنسبة للجلطات مهم جدًا ويجب إسعافها فورًا.
يقول تساءلت كيف لو كنت في بيتي الذي يبعد ساعتين عن المستشفى، ولكن -سبحان الله- أراده أن يكون في المستشفى في اللحظة التي جبر فيها خاطر جاره ونفذ له مطلبه.
مواقف مؤثرة في جبر الخواطر
موقف آخر تحكيه إحدى السيدات أن خادمة كانت تعمل لديها اشتكت في يوم من الأيام من وجود ورم صغير على صدرها فطلبت من أحد أبنائها أن يأخذ الخادمة للمستشفى، ولكنه كان كثير الانشغال ولم يستطع تحقيق رغبة أمه، فقامت الأم بالحجز للخادمة في مستشفى كبيرة لعمل الإشاعات والتحاليل المطلوبة وفي الموعد ذهبت الأم والخادمة إلى المستشفى ولكن يشاء الله أن تسقط الخادمة مغشيًا عليهًا، ويقومون بإسعافها ولا يمكنها عمل التحاليل والإشاعات وهي في هذه الحالة، ولكن سياسة المستشفى لا تسمح باسترجاع مبلغ الحجز الكبير الذي دفعته السيدة لخادمتها، فقالت السيدة: “لماذا لا أقوم أنا بعمل هذه الفحوصات لأطمئن على صحتي؟” وبالفعل دخلت السيدة بدلًا من خادمتها وعملت الفحوصات اللازمة، وكانت المفاجأة اكتشاف ورمين سرطانيين عند السيدة في بداية التكون ولم تكن تعلم عنهما شيئًا ولولا ذهابها مع خادمتها جبرًا لخاطرها ما اكتشفت ذلك ولربما كانت ستسوء حالتها ولا يمكنها العلاج.
في النهاية عزيزي القارئ ما زالت هناك الكثير والكثير من القصص الحياتية التي مرت على كل منا في جبر الخواطر، وكيف أنه كان طوق النجاة للكثير وكان سببًا في إنقاذ حياتهم أو حياة أحد من ذويهم، ولا يسعنا في الختام إلا أن نقول -سبحان الله- الذي جعل تبسمك في وجه أخيك صدقة تؤجر عليها.
اقرأ أيضًا: المقنعون.. إليك 5 نصائح للتعامل معهم
كتبت: سحر علي.
