النصيب هو كل ما قدره الله لنا من قبل خلقنا، وهو يشمل كل شيء في حياتنا، من ولادتنا إلى موتنا، ومن أحوالنا الصحية والمالية إلى العلاقات التي نقيمها، فقد خلق الله الكون بكل ما فيه من آيات عظيمة ودلائل كثيرة ترشدنا إليه سبحانه وتعالى.
ولقد قال كثير من العلماء أن أول ما خلق الله هو العرش ثم استوى عليه، بعد ذلك خلق الماء لقوله تعالى: “وكان عرشه على الماء” ثم بعد ذلك خلق القلم، وقال له اكتب مقادير الخلق كلهم ولهذا فإن مقادير البشر قدرت وكتبت قبل خلق البشر أنفسهم، ولهذا يمكن أن نقول بكل يقين أن حياتنا نصيب مكتوب، ولكن يتبادر لذهن البعض سؤال فلسفي عميق وهو لماذا يحاسبنا الله إذن؟ ما دام كل شيء مكتوب ونصيب وليس هناك اختيار أو قرار.
أقول لك عزيزي أنت مخطئ، لأنك لم تفهم معنى المكتوب والنصيب وتتعامل مع الأمور بعقلك المحدود وعلمك الضئيل ولكن الله بعلمه الغيب يعلم كل ما كان وكل ما يكون وكل ما سيكون قبل أن يكون، تعال معي عزيزي القارئ نبحر قليلًا في هذا الموضوع لنعرف الفرق بين النصيب المكتوب والقرار المحسوب.
ما هو النصيب؟
نتداول جميعًا كلمة النصيب في مجالسنا وحواراتنا فنقول هذا نصيب فلان أو فلانة، بمعنى هذا حقها أو استحقاقها من شيء ما، ولكن كثيرًا ما نقصد بكلمة النصيب القدر المكتوب، ولكن هل النصيب هو مجرد كلمة تدعونا للتواكل ورفع المسئولية عنا أو التنصل من سوء اختياراتنا وقراراتنا الفاشلة؟ بالطبع لا.
مثال توضيحي:
هل عندما ترمي نفسك في البحر وأنت لا تجيد السباحة فتغرق لا قدر الله، هل هنا نصيبك الموت غريقًا أم سوء قرارك؟ بالطبع الموت قدر ومكتوب باليوم والساعة والكيفية لكنك هنا انتحرت باختيارك ونفذت قضاء الله المكتوب لك بالموت غرقًا.
مثال آخر:
إذا كنت والدًا لولدين وأعطيت كل واحد منهما ألف جنية، وفي ضوء معرفتك بشخصية أولادك تعلم جيدًا أن الأول سوف يشتري بها كتبًا علمية وثقافية والثاني سوف يشتري بها خمورًا ومخدرات، ولله المثل الأعلى هذا التصرف فيه قدر ونصيب وفيه اختيار وقرار، فالقدر اعطاك الألف جنيه ولكن اختيارك هو الذي جعل الأول يشتري كتبًا علمية ومفيدة، والثاني أشترى خمورًا ومخدرات أوقعته في جريمة وعقاب.
اقرأ أيضًا: كيف تتخذ القرار المناسب في 5 قواعد؟
هل نحن مسيرون أم مخيرون؟
لا يمكن القول بأننا مسيرون مطلقًا أو مخيرون مطلقًا، بل أننا مسيرون في أشياء ومخيرون في أشياء أخرى، أما الأشياء التي نحن مسيرون فيها فهي الأشياء التي لا دخل للإنسان فيها، ولا يمكنه تغييرها منذ الولادة وحتى الممات مثل: الجنس ذكرا أو أنثى، واللون، والعمر، وبعض الأمور الجينية والوراثية، وبعض الصفات أو الطبائع البشرية.
ونحن مخيرون لأن الله أعطانا العقل واختصنا به دون كل الكائنات لنميز ونختار بين الحق والباطل والخير والشر والصلاح والفساد، كما قال سبحانه وتعالى: “ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها”.
في الختام عزيزي القارئ أريد أن أقول لك إن النصيب هو مزيج بين ما قدره الله لنا وما نختاره نحن لأنفسنا، فنحن لا نستطيع التحكم في كل ما يحدث لنا، ولكننا نستطيع التحكم في كيفية استجابتنا له، فإذا اخترنا أن نعيش حياتنا بإيجابية وإيمان، فإننا سنحقق النصيب المكتوب لنا من السعادة والنجاح.
اقرأ أيضًا: السعادة.. هل هي هرمونات أم اختيارات؟
كتبت: سحر علي.