لا أحد ينكر ما نعيشه اليوم من تقدم وتطور هائلين في مختلف المجالات ومن أهمها ثورة تكنولوجيا الاتصالات، والتي أدت إلى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بمواقعها ومنصاتها المختلفة والمتعددة مثل: الفيس بوك، الواتس آب، وتويتر، وانستجرام وغيرها من التطبيقات الأخرى التي تطل علينا يومًا بعد يوم.
ولا أحد ينكر أيضًا الآثار الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي على مستوى الأفراد والمجتمعات، فقد أتاحت كمنصة إعلامية حرة الفرصة لزيادة الإنتاجية العلمية عن طريق تبادل المعلومات المختلفة ومشاركتها بين المهتمين بها في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والفنية وغيرها، كما أنها ساعدت على تخفيض نسبة البطالة عن طريق طرح الكثير من فرض العمل المختلفة عبر منصاتها وسهولة التوظيف بعيدًا عن روتين المكاتب الحكومية وإزعاجها وبطئها، فضلًا عن أنها زادت الوعي المجتمعي بقضاياه عن طريق طرح القضايا المختلفة ومناقشتها واقتراح الحلول لها.
أثر وسائل التواصل الاجتماعي على التواصل الأسري والمجتمعي:
برغم ما ذكرناه من إيجابيات وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هناك الكثير من السلبيات وسوف نركز الآن على السلبيات المتعلقة بالتواصل الأسري والإنساني بين أفراد الأسرة والمجتمع.
تعال معي عزيزي القارئ نتخيل الصورة اليومية التي أصبحت عليها معظم بيوتنا الآن وأخشى أن أقول كل بيوتنا، أفراد الأسرة الواحدة يجتمعون في صالة المنزل ليس لتناول الغداء أو العشاء أو النقاش في أمر ما يخص العائلة، كما اعتدنا منذ زمن ليس بالبعيد ولكنهم اجتمعوا في الصالة لقربها من إرسال الواي فاي الخاص بالمنزل وكل منهم يمسك بهاتفه في يده، أو ربما جلس كل منهم في غرفة خاصة به لا يدري الأب عن أبنائه ولا الأم عن أولادها كبارًا كانوا أو صغارًا، لكل عالمه الخاص بين يديه، حالة من التفكك الأسري والانفصال الأسري تحت سقف واحد.
وسائل التواصل الاجتماعي هل أدت إلى انعدام التواصل الاجتماعي والأسري؟
وسائل التواصل الاجتماعي هل أدت إلى انعدام التواصل الاجتماعي والأسري؟ للأسف الإجابة نعم أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى انعدام التواصل الأسري فقد قللت التواصل المباشر وجهًا لوجه وأصبح التواصل الأسري عبر لوحة مفاتيح من خلال رسائل أو محادثات كتابية؛ مما سيقلل من مهارة التواصل الحقيقي بين الأفراد أو القضاء عليها.
أيضًا أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ضعف التواصل العاطفي وانعدام المشاعر الإنسانية التي تحولت إلى مجرد رموز تعبيرية في المواقف الحزينة ترسل وجهًا باكيًا، وفي المواقف السعيدة ترسل وجهًا ضاحكًا أو متهللًا، حتى مشاعر الحب تحولت إلى قلوب حمراء وورود جافة من أي إحساس.
اقرأ أيضًا: السوشيال ميديا وتأثيرها على حياتنا
أصبح التفكك الأسري ليس بسبب انفصال الوالدين، بل بسبب انشغال كل فرد من أفراد الأسرة بعالمه الخاص الذي يحمله بين يديه وهنا أتذكر المواقف الكوميدية والنكات الضاحكة التي ينشرها بعض رواد المواقع الإلكترونية، أنه عند انقطاع الكهرباء أو إشارة الإرسال الإلكتروني الواي فاي يتقابل أفراد الأسرة مع بعضهم ويسألون عن أحوالهم ويقول أحدهم ضاحكًا اكتشفت أن أبي رجل طيب وأخي نجح وأختي كبرت عامًا بإشارات ضاحكة والحقيقة شر البلية ما يضحك للأسف.
من كل ما سبق عزيزي القارئ لا أحد ينكر أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وإيجابياتها الكثيرة والعظيمة والمفيدة للأفراد والمجتمعات بل والدول والعالم كله، ولكنها على الجانب الآخر تحمل من السلبيات على الأسرة والمجتمع ما يجعلها سلاحًا فتاكًا يهدم قيمًا وعادات وتقاليد تدمر أسرة بل ومجتمعًا بكامله، فتعامل معها عزيزي كسلاح ذي حدين أو سكين اقطع به تفاحة لذيذة تأكلها مع أسرتك ولا تقطع بها حبلًا للود والمودة والحب بين أفراد أسرتك أو عائلتك.
اقرأ أيضًا: خطر الإنترنت على الأطفال.. 7 مخاطر يجب أن تحذر منها
كتبت: سحر علي.