هل الزيادة السكانية نعمة أم نقمة؟ هذا السؤال دائمًا ما يثار كلما تحدثنا عن مشاكل الأوطان وخاصة دول العالم الثالث، فببساطة تكون زيادة السكان المتهم الأول للتخلف، وانعدام الموارد والفقر، والحاجة ونقص الخدمات الصحية والتعليمية… إلخ.

هل هذا الادعاء صحيح؟، هل زيادة السكان نقمة، والمسئولة عما تعاني منه بلادنا من سلبيات يعرفها القاصي والداني؟، أم هي نعمة وعلينا أن نزيد أكثر وأكثر؟ إذا كنت تريد أن تعرف الإجابة القريبة من الصحة؛ فأكمل قراءة تلك السطور.

فخ الزيادة السكانية:

بداية سؤال هل الزيادة السكانية نعمة أم نقمة؟ غير صحيح ويحمل داخله فخ، فلا شيء مطلق ويجب لكل شيء أن يكون بحساب وبمقدار معلوم، وهو كسؤال هل الزيادة في المال والثروة نعمة أم نقمة؟ وهنا يكون السؤال الصحيح من الذي يحمل المال؟ شخص بار متعلم ومثقف؟ فهنا الإجابة ستكون طبعًا نعم المال نعمة للشخص والدولة والمجتمع، لأن هذا الشخص سينشئ مشروعات يعمل بها آلاف العمال والمهندسين والإداريين، ويخرج زكاة أمواله ويتبرع للأعمال الخيرية ويدفع الضرائب المقررة عليه للدولة؛ مما يساعد في نهضة البلاد وزيادة الناتج الوطني لها.

فخ الزيادة السكانية

فخ الزيادة السكانية

أما إذا كان المال في يد فاجر جاهل؛ فسينفقه في الملذات اللحظية وعلى فتيات الليل موائد القمار وشرب المحرمات، وهذه الأنشطة لن يستفيد منها اقتصاد البلاد لأن أغلبها سري لا يدفع عنه ضرائب وليس له عائد في الدنيا والآخرة.

الزيادة السكانية الرشيدة:

هكذا زيادة السكان نضيف إليها تعليمًا فنيًا ومهنيًا وزراعيًا وصناعيًا وتسويقًا وهندسيًا وطبًا وتمريضًا وكافة المهن والحرف، كعامل السباكة المتعلم وعامل الكهرباء المتعلم والنجار المتعلم المثقف المطور في مهنته وحرفته ليرتقي بها، فهنا تكون كل زيادة سكانية تعني زيادة في الناتج المحلى للبلاد، لأن كل شخص ينتج ويعمل وله نصيب في نهضة البلاد وفي هذه الحالة تكون الإجابة نعم الزيادة السكانية نعمة وأفضل نعمة.

الزيادة السكانية الرشيدة

الزيادة السكانية الرشيدة

أما إن كانت زيادة السكان لقطيع من البشر غير المتعلمين الذين لا يجيدون لا صناعة ولا زراعة ولا تجارة، فهم بلا شك نقمة وشر مستطير، وأغلب هؤلاء الناس سيتحولون إلى قطع غيار بشرية لتجار الأعضاء المنتشرين في الدول الفقيرة يأخذون الكلى والأكباد وغيرهم؛ لعلاج الأغنياء في دول العالم المتقدم، كما أن هؤلاء البشر غير المتعلمين سيكونون فريسة لتجار المخدرات والدعارة والهجرة غير الشرعية، وهنا ستكون الزيادة نقمة وشر ونكسة.

اقرأ أيضًا: زيادة الاحتياطي النقدي للبنوك وعلاقته بسعر الفائدة والتضخم 2022

التجربة الألمانية واليابانية:

لكي نعرف ونضرب مثالًا بسيطًا على صدق هذا الطرح، لن نأخذ الصين مثالًا بل سنأخذ ألمانيا واليابان ومصر، على أهمية التعليم المهني والفني والزراعي والخدمي، في الارتقاء بالشعوب والدول والمواطنين، تعداد ألمانيا ٨٣ مليون نسمة، واليابان ١٢٣ مليون نسمة، ومصر ١٠٥ مليون نسمة، أرقام قريبة من بعضها نوعًا ما، لنرى الناتج الوطني لتلك البلاد هل هو قريب نوعًا ما كما التعداد السكاني؟

التجربة الألمانية واليابانية

التجربة الألمانية واليابانية

الناتج الإجمالي الوطني لألمانيا ٣.٦ الف مليار دولار، واليابان الناتج الوطني لها ٤.٧ الف مليار دولار، أما مصر فالناتج الوطني لها ٤٦٠ مليار دولار (وهى الثالثة عربيًا بعد المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، وأيضًا أفريقيا بعد جنوب أفريقيا ونيجيريا) هل لاحظنا الفارق ليس بين الاقتصادات ولكن بين البشر تعليمًا وتثقيفًا ومهنيًا، فالمواطن الياباني ينتج عشر أضعاف المواطن المصري، وهذا بالطبع ليس لأن المواطن الياباني أقوى من المواطن المصري بعشر مرات، ولكن لأن المواطن والشاب والشابة اليابانية أكثر علمًا وثقافة ومهنيًا وتكنولوجيًا من المواطن والشاب والشابة المصرية، فقط هذا هو الفارق جودة وكمية ونوعية التعليم المقدم للمواطن الألماني والياباني والمصري ما تحدث الفرق بين المواطنين الثلاث ومن ثم الناتج الوطني لاقتصاديات البلاد الثلاث ألمانيا واليابان ومصر.

وهذه هي الإجابة كما اعتقد فالزيادة السكانية مع تعليم محترم متطور يواكب التطور التكنولوجي والمهني في العالم فهنا ستكون نعمة النعم، وإلا فستكون الزيادة السكانية كارثة الكوارث إن جاءت مع جهل وفقر ومرض.

اقرأ أيضًا: تعرف على التغيرات القادمة.. بعد وصول عدد سكان العالم 8 مليارات

كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.