هل التاريخ يعيد نفسه؟ يمكن القول أن التاريخ هو الماضي الذي هو جذورنا التي تتفرع مكونة الحاضر ثم المستقبل، وهو يمثل مواقف وذكريات مر بها الإنسان سابقًا من إنجازات وأفراح وأحزان، أما عبارة (التاريخ يعيد نفسه)، فهي تعتبر من روائع الأمثال الإنجليزية الشهيرة التي تقول (History repeats itself)، وتمت ترجمتها للغة العربية (التاريخ يعيد نفسه)، والمقصود منه أن ما حدث في الماضي يمكن تكراره مرة أخرى في الحاضر، بل إنه من الممكن تكراره في المستقبل أيضًا.
وذلك بسبب أن الدوافع البشرية والطبيعة البشرية هي ذاتها ونفسها لم تتغير أبدًا، فمثلًا من الممكن في الماضي أن تعتدي دولة ما على دولة أخرى ثم يتم عمل صلح بينهما، ثم تجد أنه بعد مئة عام أو أكثر يتكرر نفس الاعتداء، لنفس الأسباب التي حدثت في الماضي، فيقال حينئذ أن التاريخ يعيد نفسه.
هل التاريخ يعيد نفسه؟
لا يستطيع أحد أن يقول أن التاريخ يعيد نفسه، بل يمكن القول إن البشر يعيدون الأخطاء نفسها التي ارتكبوها في الماضي، لأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي لا يتعلم من أخطائه وإن الذي لا يعرف التاريخ محكوم عليه بتكراره، وإن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه مرة أو مرتين.
لا شك أن كل حدث من الأحداث يحدث نتيجة لمقدمات أو مسببات له، فإذا حدثت المقدمات ظهرت النتيجة بلا جدال، وبناءً على ذلك فإنه إذا تشابهت المقدمات تشابهت النتائج أيضًا، وهذا الأمر يتكرر باستمرار بطبيعة الحياة واستمراريتها، ومن الممكن تكرار الحدث في المستقبل أيضًا لتشابه البشر في خصائصهم ودوافعهم، ولكن هناك من يعتقد أن التاريخ لا يعيد نفسه، وأنها ليست إلا ملامح قديمة تتكرر في الواقع الجديد، يقول كارل ماركس: “إن التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة، وفى المرة الثانية كمهزلة”.
اقرأ أيضًا: أول نكتة فى التاريخ
لماذا التاريخ يعيد نفسه؟
تكرار التاريخ أو تكرار الأحداث التاريخية يظهر خاصة فيما يتعلق بـالممالك والإمبراطوريات المختلفة وصعود دول معينة وتفكك دول أخرى وانقسامها، لأن رغبة الإنسان في السيطرة وتولي الحكم قديمة وعدم الاستفادة من التاريخ ودروسه تجعلنا نصل لنفس الطريق.
وهناك الكثير من العلماء والباحثين التاريخيين الذين وضعوا منهجًا أطلقوا عليه (التكرار الأبدي) وهذه الأبحاث في العصور القديمة تم وضعها في كتب شهيرة وموثقة في القرن 19، وتقول إن الأحداث التاريخية تكاد تكون واحدة واستدلوا على ذلك بأن كتابات كل من فريدريك نيتشه وهاينريش هاينه تعيد نفسها مرة أخرى، حتى أصبحت متوافقة وشديدة التقارب بمجتمعنا في القرن 19.
الاعتراض على مقولة التاريخ يعيد نفسه:
البعض من المحللين يرى استحالة في حدوث إعادة التاريخ لنفسه بسبب الدورات الكونية المستمرة والمتعاقبة والتغيرات التي لا يمكن تكرارها، التطورات التكنولوجية الكبيرة والقفزات العلمية التي يمر بها العالم خاصةً المتعلقة بالعلوم الكونية كما أوضح لنا بعض المحللين مثل: ميغاواط تريومف، وهاريت زوكرمان، وروبرت كيه، وهاريت زوكرمان روبرت، وميرتون في كتاباتهم عن التكرار التاريخي أن ذلك الرأي راجع للأشكال والأنظمة السياسية الثابتة منذ قديم الأزل، ولكن لا يمكن تطبيقها على أي شيء أخر.
وختامًا عزيزي القارئ سواء اتفقت أو اختلفت مع عبارة التاريخ يعيد نفسه، فإننا في جميع الأحوال لا يمكننا إصلاح الماضي، ولكن بالطبع يمكننا تعلم الدروس المستفادة منه فلا نكرر الخطأ بل نطور الصواب وندعمه، وكما قال الأديب طه حسين: “التاريخ سخيف لا خير فيه إن كان يعيد نفسه، لأن ذلك يدل على أنه لم يستطع للناس وعظًا ولا إصلاحًا.
اقرأ أيضًا: الشتائم المصرية لها أصل وتاريخ
كتبت: سحر علي.