ما يبدو لنا في حرب إبادة فلسطين مؤلم جدًا في ظاهره، لكن يحمل في باطنه العديد من الرسائل المبشرة والدروس المستفادة لكل واحد من أفراد الأمة العربية، ففي باطن كل محنة منح كثيرة، وسوف نتأملها معًا على النحو التالي.
حرب إبادة فلسطين للمؤمن بصيرة وسكينة:
كل ما يجري في حرب إبادة فلسطين، يزيد المؤمن الذي تغذي على حقائق القرآن، وفهم السنن الإلهية، وفقه أحوال الأنبياء؛ بصيرة وإيمانًا، فيسير بسكينة إيمانية عالية وهو ينظر إلى الأحداث.
فمن المهم جدًا عدم النظر بالمقياس الدنيوي المحدود للزمن، فالله يعلمنا أن الميزان ميزانه، وتقدير الزمن عنده -عز وجل- مختلف، وذلك واضح في هذه الآية في قوله سبحانه: “حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب”، فقد جمع الله بين استبطاء زمن النصر بميزان الناس (متى نصر الله) وبين قُربِه بميزانه سبحانه (ألا إن نصر الله قريب).
اقرأ أيضًا: مشكلات الشباب وقضاياهم.. تعرف على التحديات والحلول
حرب إبادة فلسطين مرحلة تمحيص وغربله:
كل مواطن فلسطيني الآن في أرض غزة هو مرابط صادق في إيمانه، يدافع عن بلده ويستشهد من أجلها، وبالتالي هي مرحلة تمحيص واصطفاء لخيرة البشر.
إعادة لحساباتنا في تربية أبنائنا:
جعلت حرب إبادة فلسطين كل أم تعيد حسابتها في تربية أبنائها، فليست التربية مراعاة توفير احتياجات أولادنا المادية والتي بلغنا بها درجة الرفاهية، إنما هي زرع وغرس فيهم قيم للحياة يستحقون العيش من أجلها، وأول هذه القيم مراعاة حقوق الآخر وعدم انتهاكها تحت أي مسمى، وعدم الأنانية والتفكير في المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة، ومن المهم جدًا تعليمهم ذلك بالأفعال، وعدم السماح بأن تكون مجرد شعارات ليس لها أي صدى على أرض الواقع (وهم حقوق الإنسان)، كما من الواجب علينا تعزيز قيمة الوطن في نفوس أولادنا وأهمية الحفاظ عليه والتضحية من أجله.
إفاقة للعرب من غيبوبة الثقافة الاستهلاكية الصهيونية:
حرصت الحركة الصهيونية على غرس ثقافة الاستهلاك في بلادنا العربية، بتقديم العديد من المغريات المادية التي جعلتنا ننغمس فيها تمامًا، بل وأصبحت من أساسيات حياتنا، فقد اكتشفنا أن معظم احتياجاتنا الاستهلاكية صهيونية، ولكن لم يفت الأوان لاستبدالها بالمنتجات المحلية الخاصة بكل بلد (ولو بعض منها) التي من المؤكد أنها منافسة لها في الجودة ولكن كنا غافلين عنها.
علمتنا الامتنان:
تعلمنا الامتنان لكل نعمة نعيش فيها ولم ندرك قيمتها واعتدنا عليها لدرجة عدم شكر الله عليها، أبسطها الأكسجين النقي الذي نتنفسه الخالي من غبار القصف الذي يملأ سماء فلسطين ليلًا ونهارًا.
الانتباه إلى أهمية العلم في بناء الأوطان وحمايتها:
نبهتنا حرب إبادة فلسطين إلى سلاح فعال في بناء الوطن والحفاظ عليه (هو العلم)، فمن المهم جدًا تطوير أنفسنا بالتركيز على العلم في مجالات البحث العلمي المختلفة وعلوم التكنولوجيا ومجالات الطب والهندسة والعلوم الإنسانية.
جرس إنذار لمراقبة أخلاقنا:
مع اندماجنا في دوامة الحياة، انزلق البعض منا في مجموعة من أخلاقيات اليهود الرذيلة كالكبر، والحسد، والظلم، وكتمان الحق، وتحريف الكلم عن مواضعه، وحب المال واكتنازه، والغدر، وسوء الأدب، واحتقار الآخرين، والسعي في الفساد، والكذب، والجشع، وقسوة القلب، وعلى ذلك ضروري جدًا مراقبة أنفسنا وعدم السماح لأنفسنا بالوقوع في مثل هذه الرذائل.
وأخيرًا، فمن المهم أن ندرك أن حرب إبادة فلسطين هي بوادر مرحلة استثنائية في التدافع بين الحق والباطل، وأنها بالتأكيد مليئة بالآلام والمصاعب الشديدة، ولكن يجب أن نحذر من دخول الشك أو الريبة في قدرة الله على تدبير الأمر لدينه وأوليائه، وأن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرًا، “ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ”.
اقرأ أيضًا: الطائرات المسيرة الفلسطينية.. تحدي جديد للاحتلال
كتبت: نيفين رضا الدميري.