بدأ الغزو البري بجيش العدوان والاحتلال الإسرائيلي على غزة، يدعمه الجيش الأمريكي بعناصر من مشاة البحرية الأمريكية، بالإضافة إلى فرقة النخبة أو الكوماندوز الأمريكية المسماة دلتا، وأيضًا بإمدادات عسكرية غير مسبوقة من دول أوروبية وأمريكية، فضلًا عن دعم سياسي غير مسبوق لم تتلقه أوكرانيا نفسها ضد روسيا.
غزة الصامدة:
كل تلك الجيوش والمعدات، هي لأولئك الذين أرادوا قتل الحلم الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة على جزء من أرضهم المسروقة منذ عام 1948م، لقد جاؤوا برًا بعد أن هزوا سماء غزة لمدة ثلاثة أسابيع، وقصفوا ودمروا وقتلوا أكثر من سبعة آلاف مدني نصفهم من الأطفال وأغلبهم من النساء والشيوخ، وجرحوا ومزقوا أشلاء أكثر من عشرين ألف مواطن فلسطيني، إنها إبادة جماعية بحق شعب غزة.
وفي وسط هذا الظلام واليأس والشعور بالعجز والاندهاش من قدرة الظالمين وقوتهم، يأتينا التاريخ ودروسه ليقول لنا: “لا، القصة لم ولن تنتهي عند هذا الحد، بل هو مشهد مظلم في مسرحية الحياة والتاريخ لن ينتهي حتى ينتصر الحق ولو بعد حين”، وإليك بعض المواقف التاريخية التي قد تعرف بعضها وتجهل بعضها، لتبين لنا جميعًا أن الله سينشر نوره، وبلغ أمره، ولو كره الكافرون، وأنه لن يرث الأرض إلا عباد الله الصالحون.
اقرأ أيضًا: فلسطين والمسجد الأقصى.. قضيتنا الأولى
الإسلام وشعب أبي طالب:
في بداية الدعوة الإسلامية حاولت قريش بقوتها الاقتصادية ونفوذها السياسي والمالي أن تحاصر دعوة الرسول الكريم الأمين محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتحالفوا جميعًا ضد بعض من المسلمين المؤمنين بعدم البيع لهم ولا الشراء منهم ولا الزواج منهم، وحاصروهم في شعب أبي طالب، حتى يفتك الجوع والعطش بالمسلمين، وبعد مرور عامين أذن الله أن تنكشف هذه المصيبة والغمة، وتفرق أهل الشر واختلفت كلمتهم وأكلت القرضة كلمات صحيفة المقاطعة التي كانت معلقة في باطن الكعبة، ولم يبق منها إلا باسمك اللهم، أرادوا أن يطفئوا نور الله لكن الله متم نوره.
الحروب الصليبية:
بعد أن أكمل الله نوره بدأ الإسلام والمسلمون يملأون السهل والوادي من حدود الصين شرقًا إلى حدود فرنسا غربًا وشمالًا من حدود القسطنطينية أو إسطنبول حاليًا إلى حدود مالي وموريتانيا في الجنوب، وظن المسلمون أن الدنيا قد أتتهم، فانقسمت كلمتهم وتصارعت سلاطينهم وتقاتلت جيوشهم؛ فانتهز أعداؤهم الفرصة وأعلنوا من قلب روما الحروب الصليبية المقدسة على العالم الإسلامي تحت شعار أنها إرادة الله، انطلقت حشود ضخمة من وسط أوروبا تلتهم الأخضر واليابس وتدمر بوحشية وهمجية كل ما يقف أمام هذا الفيضان المدمر، وسقطت مدن الشام واحدة تلو الأخرى، وتمكن الفرنجة والصليبيون من إنشاء عدة ممالك في المشرق في سوريا ولبنان وفلسطين والقدس، بعد أن دخلوا وقتلوا جميع المسلمين الذين كانوا هناك بل وقتلوا اليهود أيضًا.
وكانت خيولهم تخوض في دماء المسلمين كأنها تخوض في بحيرة حمراء، وجاء وعد الله بالنصر لعباده المؤمنين بعد مئة عام من المجازر والقتل والتنكيل، وضع الزعيم الكردي الأصل المصري الجنسية صلاح الدين الأيوبي حجر الأساس لعودة الحق لأصحابه.
صلاح الدين ينتصر في معركة حطين على جيوش أوروبا ويستعيد القدس:
على مدار مئة وخمسين عامًا، سار زعماء مصر من الأيوبيين والمماليك على خطى صلاح الدين الأيوبي، وسقطت آخر حصون الفرنجة في الشرق، وهي أنطاكية في سوريا، وقد استمرت الحروب الصليبية ثلاثة قرون كاملة حتى تمكن المسلمون من هزيمتهم وإنهاء وجودهم في المشرق، وأصبح الشرق مرة أخرى واحة للإسلام والمسيحية واليهودية المعتدلة، ويعيشون قرونًا من الزمن في سلام ومحبة.
وفي المقال القادم سنواصل معًا مشاهد وفصول قصة الشرق، التي تكون أحيانًا حزينة وأحيانًا سعيدة، لكن في كل الأحوال لم تنته القصة، فيا أهل غزة اصبروا فإن نصر الله قريب.
اقرأ أيضًا: 7 منح ربانية من حرب إبادة فلسطين
كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.