من الأمم المتحدة إلى قلوب العالم.. خطاب ياسر عرفات الذي لا ينسى

أول خطاب لياسر عرفات أمام الأمم المتحدة

أول خطاب لياسر عرفات أمام الأمم المتحدة

في مثل هذا اليوم الموافق 10 نوفمبر عام 1975، ألقى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أول خطاب له في تاريخ الأمم المتحدة، حيث وقف فوق منبرها ليعرض ويعبر عن مطالب حركة التحرير الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، دون أي تمييز عنصري أو ديني، ولقد نجح خطابه في كسب التعاطف مع القضية الفلسطينية التي تكافح في سبيل شعبها على الساحة الدولية، وعلى الجانب الآخر آثار الخطاب غضب إسرائيل والجماعات اليهودية.

تفاصيل أول خطاب لياسر عرفات أمام الأمم المتحدة:

من فوق منبر الأمم المتحدة وفى خطاب تاريخي شديد الأهمية والصدق، أعلن ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أمام العالم كله الأهداف الحقيقية للشعب الفلسطيني، مناشدًا المجتمع الدولي إن يقف مع شعبه وحقه في تقرير مصيره، ولقد كانت له عبارتان مميزتان في خطابه ذكرتهما كل وكالات الأنباء في ذلك الوقت، وهما:

  1. “إن الحرب والسلام العالمي يبدأان من فلسطين”، وهي عبارة تدل علي أهمية حل القضية الفلسطينية ليسود السلام كل أنحاء العالم.
  2. “لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”، وهذه العبارة تدل على استعداد فلسطين القوي ورغبتها الشديدة في السلام وإيجاد حل للقضية.

تفاصيل أول خطاب لياسر عرفات أمام الأمم المتحدة

وفي هذا الخطاب وعلى وجه التحديد طلب ياسر عرفات قائد المقاومة الفلسطينية من المجتمع الدولي أمرين اثنين:

  • أولًا: تمكين الشعب الفلسطيني من العودة إلى بلده فلسطين بعد سنوات من النفي الإجباري الذي أجبر عليه تحت حرب البنادق والمدافع وأن يكون هناك مجتمع يضم اليهود والمسلمين والمسيحيين بمساواة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز عنصري أو ديني.
  • ثانيًا: تمكين الشعب الفلسطيني من اختيار سلطة وطنية مستقلة تعبر عنه وعن مطالبه، وتأسيس الكيان الوطني له على أرضه.

وقبل أن ينتهي عرفات من خطابه والذي استغرق ساعة و40 دقيقة وسط عاصفة مدوية من التصفيق من كل الحاضرين، قال بصوت عالٍ تميز بالقوة والشجاعة: “لقد جئت إلى هنا بغصن الزيتون في يد، وبالبندقية في اليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي، واعلموا أن الحرب إذا كانت ستبدأ بفلسطين، فأن السلام العالمي سيبدأ أيضًا من فلسطين”.

اقرأ أيضًا: هل ستحقق محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين نجاحا بعد 70 عاما من الصراع؟

ردود الأفعال بعد الخطاب:

في إسرائيل، ساد جو هستيري في تل أبيب نتيجة للخطاب الذي ألقاه السيد ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وقالوا إن ياسر عرفات يريد تدمير إسرائيل، وكان أول رد فعل رسمي على الخطاب من رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت إسحاق رابين، الذي وصفه بأنه تحد سافر وتهديد لأمن إسرائيل والشعب اليهودي، كما قام باستدعاء إيجال آلون وزير الخارجية والسفراء الأجانب لدى إسرائيل لعرض موقفهم بعد الخطاب الذي رجت أصداؤه العالم كله.

ردود الأفعال بعد الخطاب

نتائج ما بعد الخطاب:

بعد خطاب الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات لأول مرة في الأمم المتحدة، بدأت سلسلة اجتماعات لمجموعة الدول غير المنحازة والدول المشتركة والدول الإسلامية؛ لتقديم الاقتراحات الخاصة بمشروع القرار الذي سيصدر عن الجمعية العامة في ختام جلساتها.

ردود الأفعال بعد الخطاب

كما تم تشكيل لجنة من مصر وسوريا والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية؛ لمتابعة دقيقة لهذه المناقشات لتقديم الاقتراح الذي ستتبناه الدول العربية، وكان مشروع القرار يتضمن ثلاث نقاط هي:

  • حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستقلاله دون أية تدخلات خارجية.
  • حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه آمنًا.
  • حق تقرير المصير حول الأرض الفلسطينية وعودتها لأهلها وأصحابها.

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3379:

الجدير بالذكر أنه في نفس هذا اليوم 10 نوفمبر لعام 1975، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3379، والذي تم اعتماده بتصويت 72 دولة بـ (نعم) مقابل 35 دولة بـ (لا)، وامتناع 32 عضوًا عن التصويت، ومضمون القرار: اعتبار أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وطالب القرار دول العالم كلها بمقاومة الأيدلوجية الصهيونية التي حسب وصف القرار تشكل خطرًا على الأمن والسلام العالميين.

وكثيرًا ما يتم الاستشهاد بهذا القرار في المناقشات التي تتعلق بالصهيونية والعنصرية، وللأسف الشديد وانحيازًا من المجتمع الدولي للكيان الصهيوني، تم إلغاء هذا القرار بموجب القرار 46/86 الصادر يوم 16 ديسمبر 1991.

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3379

وختامًا عزيزي القارئ، إن خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة كان حدثًا تاريخيًا لا يزال يتردد صداه حتى يومنا هذا، فقد ساهم الخطاب في رفع الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية، وعزز الدعم الدولي للشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من أن القضية الفلسطينية لا تزال عالقة، إلا أن هذا الخطاب يظل مصدر إلهام للشعب الفلسطيني، ويذكره بحقوقه المشروعة في تقرير مصيره والعودة إلى وطنه.

اقرأ أيضًا: حصول فلسطين على عضوية كاملة في اليونسكو.. خطوة نحو إثبات حقها

كتبت: سحر علي.