مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، أصبح في موقف بالغ الخطورة، وذلك حسب شهادة الأطباء العاملين به ووزارة الصحة الفلسطينية وجمعية الصليب الأحمر، فبالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي المفروض عليه، فإنه ما زال يتعرض للقصف بشكل مستمر ومتكرر، أما في داخل المستشفى، فإن الموت يحصد عشرات المرضى خاصة الأطفال حديثي الولادة بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيل الحضانات والأجهزة الطبية وأيضًا نفاد الأدوية.
وصرح أحد الأطباء أنه اليوم الإثنين الموافق 13 نوفمبر 2023م، قد نفد وقود آخر مولد بالمستشفى، مما نتج عنه وفاة ثلاثة أطفال مبتسرين، وأربعة من المرضى الآخرين، وذلك وفق آخر بيان لوزارة الصحة في غزة.
قصف مجمع الشفاء الطبي:
أما عن قصف مجمع الشفاء الطبي وغيرها من المستشفيات، تدّعي إسرائيل كذبًا كعادتها أن إحدى الفصائل الفلسطينية قد أقاموا مراكزًا لقياداتهم وتجمعاتهم يحتجزون فيها الأسرى الإسرائيليين، وهذه المراكز تقع تحت مباني هذه المستشفيات وحولها، وإنها تريد الوصول إليها لتحرير حوالي 200 رهينة إسرائيلية محتجزين لدى إحدى الفصائل الفلسطينية منذ هجومهم المفاجئ على إسرائيل في طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر الماضي، وفي نفس الوقت تنفي هذه الفصيلة الفلسطينية استخدام المستشفيات كما يزعم الجانب الإسرائيلي.
وقد أفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان كاذب لهم بأن هناك اشتباكات قد وقعت في محيط المستشفى، لكنه لا يوجد إطلاق نار في المستشفى ولا يوجد حصار حولها.
اقرأ أيضًا: قصف مستشفى المعمداني في غزة.. جريمة حرب أم حادثة؟
شهادة الأطباء حول الوضع في مجمع الشفاء الطبي:
كشف الدكتور محمد أبو سلمية المدير الفني بمستشفى الشفاء في قطاع غزة، عن قيام الأطباء بلف الأطفال حديثي الولادة والمبتسرين في ورق الطعام الحرارى (ورق الفويل)، ووضع ماء ساخن بجوارهم في محاولة بائسة ويائسة منهم لإبقائهم على قيد الحياة، وفى الوقت نفسه، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ضرب الشوارع المحيطة بالمستشفى، كل ذلك بالإضافة إلى نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء، وأصبح مجمع الشفاء الطبي للأسف الشديد في وضع متدهور بشدة وغير قادر على العمل.
وحسبما ذكرت الشبكة الإخبارية (سي إن إن)، أن الأطباء والعاملين بمجمع الشفاء الطبي يصارعون الموت من أجل حياة المرضى خاصة الأطفال حديثي الولادة، وما زاد الوضع سوءًا نفاد إمدادات الأكسجين، مما اضطرهم لنقل الأطفال باليد من وحدة الحضانات إلى جزء آخر في المستشفى، وعرضت شبكة (سي إن إن) العديد من الصور أوضحت الأطفال الرضع بعد نقلهم من الحاضنات وتجميعهم معًا في سرير واحد، كما أكدت أن العديد من الأطفال ماتوا خلال وجودهم في وحدة العناية المركزة الخاصة بحديثي الولادة خلال اليوم الأخير تحت القصف الإسرائيلي المتواصل والحصار المستمر لقطاع غزة.
وأكدت شبكة (سي إن إن) أيضًا إن الوضع في مجمع الشفاء الطبي قد تدهور وتحول إلى وضع كارثي خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة وقد أصبح العاملون والمرضى والآلاف من المدنيين الهاربين والمقيمين بالمستشفى محاصرين داخلها بسبب القصف المتكرر، وذلك وفقًا لما ذكرته وكالات الإغاثة ومسئولو الصحة بقطاع غزة.
ماذا تعرف عن مجمع الشفاء الطبي؟
يعتبر مجمع الشفاء الطبي أكبر مستشفى حكومي في قطاع غزة، يتبع وزارة الصحة الفلسطينية، ويضم المجمع داخله ثلاثة مستشفيات منفصلة البناء وهي مستشفى الجراحة، ومستشفى الأمراض الباطنية، ومستشفى النساء والتوليد، والذي يضم قسم حضانة الأطفال الخدج، وقسمًا خاصًا بالطوارئ والعناية المركزة والأشعة وبنك الدم.
أنشئ مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة عام 1946، وهذا يعني أنه موجود قبل قيام دولة إسرائيل، وكانت أرض مجمع الشفاء قبل بنائها ثكنة عسكرية للجيش البريطاني، وبعد احتلال قطاع غزة سيطرت عليه السلطات الإسرائيلية منذ عام 1967، وبعد اتفاق أوسلو، استلمته السلطة الفلسطينية وتم تطوير وتوسع المجمع بعد ذلك أثناء تولي السلطة الفلسطينية حتى تسلمته حكومة حماس في عام 2007م، ويقع مجمع مستشفى الشفاء غرب المنطقة الوسطى في مدينة غزة، وتبلغ مساحته حوالي 45 ألف متر مربع، وبلغ عدد العاملين به حوالي 1500 عاملًا بينهم 500 طبيب، و700 ممرض، و30 صيدليًا، ويحتوي على حوالي 700 سرير للمرضى.
ومنذ عملية طوفان الأقصى في يوم 7 أكتوبر الماضي، والمجمع يستقبل كل الحالات الخطيرة من قطاع غزة، ويعمل بقدرة استيعابية وصلت إلى 200% وسط ظروف شديدة وغير مسبوقة خاصة بعد قطع الكهرباء عن المستشفى، ونقص إمدادات الوقود والدواء، ومع استمرار القصف على غزة تحول مجمع الشفاء الطبي إلى مركز إيواء للهاربين من مناطق القصف والذين فقدوا بيوتهم، حيث وصل عدد المحتمين به والذين بنوا خيامًا حوله إلى حوالي 40 ألف فرد، ولكن هذا العدد بدأ في التناقص الكبير بعد بداية قصف المستشفى.
ختامًا عزيزي القارئ، يعيش مجمع الشفاء الطبي في غزة واقعًا مأساويًا يفوق وصف الكلمات، حيث يواجه العديد من التحديات القاتلة بفعل القصف المتكرر والحصار الإسرائيلي، مع استنفاد إمدادات الوقود ونقص الأدوية، يتسارع تدهور الحالة الصحية، خاصة بين الأطفال حديثي الولادة، ندعو إلى تحرك عاجل وإيجاد حل فوري لإنقاذ الحياة في هذا المرفق الطبي الحيوي.
اقرأ أيضًا: لدعم إسرائيل.. الولايات المتحدة ترسل حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد إلى غزة
كتبت: سحر علي.