على الرغم من الخسائر التي تطارد الجنية المصري مقابل الدولار، واستقرار معدلات التضخم في أعلى مستوياتها أعلنت الحكومة المصرية زيادة الأسعار في تذاكر المترو، الذي يعد وسيلة النقل الأشهر في القاهرة وما حولها، في الوقت نفسه الذي أعلنت به شركات الاتصالات وخدمات الهاتف المحمول عزمها زيادة أسعار خدماتها.
زيادة الأسعار رغم الوضع المعيشي المتردي:
قامت شركات الاتصالات العاملة في السوق المصرية بإبلاغ عملائها رفع أسعار خدمات الهاتف المحمول للمكالمات والبيانات بما يتراوح ما بين 10 و17 في المئة، وعممت خطة زيادة الأسعار على الشبكات الأربعة في مصر وهي (أورانج) والشركة المصرية للاتصالات (وي)، و(اتصالات مصر)، و(فودافون مصر)، التي تخدم نحو 104 مليون عميل، على خلفية ارتفاع كلفة التشغيل في ظل خسائر الجنية المصري أمام الدولار.
وفي إطار موازٍ، أعلنت وزارة النقل والمواصلات ارتفاعًا جديدًا طال أسعار تذاكر المترو على جميع الخطوط، مما جدد مخاوف المصريين بشأن موجة جديدة من الارتفاع الجنوني في معدلات التضخم وزيادات الأسعار في ظل التضخم المرتفع أساسًا والتوقعات الخاصة بتعويم جديد للجنية المصري مقابل الدولار.
وكان قد سجل الرقم القياسي العام المعلن من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لأسعار المستهلكين، معدلًا شهريًا بلغ 4.7 في المئة خلال يناير (كانون الثاني) 2023 مقابل معدل بلغ 0.9 في المئة خلال الفترة نفسها من عام 2022، وسجل المعدل السنوي للتضخم العام 25.8 في المئة في بداية عام 2023، فيما سجل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 31.2 في المئة خلال يناير 2023 وفق بيانات طرحها البنك المركزي المصري.
لكن مع استمرار أزمة خسائر الجنية المصري مقابل الدولار، ارتفع معدل التضخم الأساسي في البلاد إلى مستوى 35.9 في المئة على أساس سنوي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن المعدل السنوي للتضخم العام سجل مستوى 34.6 في المئة خلال نوفمبر 2023، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وفي محاولة لكبح التضخم المرتفع، وخلال اجتماعات سبعة للجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري في عام 2023، قررت اللجنة رفع أسعار الفائدة مرتين فقط، فيما أقرت التثبيت خلال خمسة اجتماعات.
اقرأ أيضًا: اختراق شركة فوري.. هل تعرضت بيانات ملايين المصريين للخطر؟
كم بلغت زيادة الأسعار لخدمات المحمول؟
في ما يتعلق بزيارة الأسعار لخدمات المحمول كانت شركة (أورانج) قد أرسلت مع مطلع العام الجديد رسائل نصية للعملاء، تنوه فيها إلى رفع قيمة باقات الفواتير الشهرية بنسبة نحو 16 في المئة، على أن يتم تطبيق الزيادة اعتبارًا من أول فبراير (شباط) المقبل، مع منح العملاء كمية من البيانات المجانية عند سداد الفاتورة كخطوة تشجيعية أو تعويضية لا ندري.
وعلى السياق نفسه أبلغت شركة (اتصالات مصر) عملاءها بزيادة الاشتراك الشهري بداية من العام الجديد بنسبة 15 في المئة، بينما رفعت الشركة المصرية للاتصالات أسعار خدماتها بنسب تتراوح ما بين 10 و15 في المئة لكل عملائها في فئتي مسبق الدفع والفواتير.
يجدر بالذكر أن آخر زيادة لأسعار خدمات شركات المحمول في مصر كانت خلال عام 2017 بنحو 35 في المئة، لكن الشركات كانت تسعى منذ العام الماضي إلى زيادة الأسعار في خدماتها كافة بنسبة تصل إلى 30 في المئة، بسبب تراجع أرباحها إثر التضخم وتراجع العملة المحلية، مما دفع الشركات التي تعتمد على العملة الصعبة في استيراد مستلزماتها الأساسية إلى تقديم طلبات إلى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لزيادة الأسعار.
وأعلنت الشركة المصرية للاتصالات، المشغل الوحيد للخدمات الأرضية والشركة الوحيدة المدرجة في البورصة المصرية بين شركات الاتصالات، أن خسائر فروق العملة بلغت نحو 4.581 مليار جنية (148.49 مليون دولار) في الربع الأول من 2023 على أساس سنوي مقابل 1.445 مليار جنية (46.839 مليون دولار) قبل عام.
وفي الثالث من نوفمبر الماضي رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود 14 في المئة، مما جعل شركات الاتصالات تتوقع أن تبلغ كلفة زيادة الأسعار في الوقود عليها نحو خمسة مليارات جنيه (162.074 مليون دولار) سنويًا، وبذلك لا يمكن الاستمرار من دون تعديل أسعار الخدمات التي كانوا يطالبون بها منذ بداية العام، بالنظر إلى أن شركات المحمول تعتمد على الوقود لتشغيل أبراج الشبكات، البالغ عددها 34641 برجًا، إلى جانب أسطول المركبات لديها، خاصة عربات الصيانة.
اقرأ أيضًا: كيف يتسلل الاحتيال عبر Gmail إلى حياتك الرقمية؟
زيادة الأسعار في تذاكر المترو:
في ما يخص تذاكر المترو، وبالتزامن مع بدء التشغيل التجريبي للجزء الثاني من المرحلة الثالثة بالخط الثالث لمترو الأنفاق، رفعت وزارة النقل أسعار التذاكر في جميع خطوط المترو، إذ جاءت أسعار التذاكر كالآتي: منطقة واحدة (تسع محطات) بقيمة ستة جنيهات (0.19 دولار)، ومنطقتان (16 محطة) بثمانية جنيهات (0.25 دولار)، وثلاث مناطق (23 محطة) بـ 12 جنيهًا (0.38 دولار)، وأربع مناطق (أكثر من 23 محطة) بـ 15 جنيهًا (0.48 دولار)، وأربع مناطق (أكثر من 23 محطة) لذوي الهمم بـ 50 قرشًا (0.016 دولار).
بالنظر إلى السنوات الماضية تعرضت أسعار تذكرة مترو الأنفاق لسلسلة من زيادة الأسعار علمًا أن التحريك جاء ما بين جنية (0.03 دولار) إلى جنيهين (0.06 دولار) تبعًا لعدد المحطات في البلد، وتمت في مارس (آذار) 2017 أول زيادة تشهدها أسعار تذاكر مترو الأنفاق حينما قررت وزارة النقل رفع التذكرة من جنيه واحد (0.03 دولار) إلى جنيهين (0.06 دولار) لجميع الخطوط.
وفي 2018 كان التحريك الأكبر لأسعار تذاكر المترو، مع إلغاء نظام التذكرة الموحدة، وحينها حددت وزارة النقل خطة الأسعار الجديدة لتذاكر المترو، وكانت على النحو التالي، سعر التذكرة لتسع محطات ثلاثة جنيهات (0.09 دولار)، وسعر التذكرة لـ 16 محطة خمسة جنيهات (0.16 دولار)، وسعر التذكرة لأكثر من 16 محطة سبعة جنيهات (0.22 دولار).
اقرأ أيضًا: مصر غارقة في الظلام الرقمي.. عطل تقني كبير يصيب الإنترنت
وشهد عام 2019 تحريكًا لأسعار تذاكر مترو الأنفاق، إذ زادت التعريفة لمستخدمي الخط الثالث وجاءت مقسمة إلى ثلاث مناطق، ولم يمس بأسعار اشتراكات الطلبة وذوي الحاجات الخاصة وكبار السن، وكانت الزيادات حينها تتمثل في سعر تذكرة مترو الأنفاق لتسع محطات خمسة جنيهات (0.16 دولار)، وسعر تذكرة مترو الأنفاق لـ16 محطة سبعة جنيهات (0.22 دولار)، وسعر التذكرة لما يزيد على 16 محطة 10 جنيهات (0.32 دولار).
ثم جاءت زيادة الأسعار في تذاكر المترو الأخيرة خلال عام 2020، والتي تزامنت يومها مع فتح المحطات الجديدة من الخط الثالث أمام الركاب، وكانت التسعيرة تشمل خطوط المترو الثلاثة وتمثلت في خمسة جنيهات (0.16 دولار) لسعر التذكرة لتسع محطات، و16 محطة بسعر تذكرة سبعة جنيهات (0.22 دولار)، وأكثر من 16 محطة بسعر 10 جنيهات (0.32 دولار).
في النهاية تسعى هذه الشركات دائمًا لرفع أرباحها من خلال زيادة الأسعار ليبقى المواطن هو الخاسر الأكبر في كل ما يحدث.
اقرأ أيضًا: إليك أفضل 5 طرق الخروج من أزمة ارتفاع الأسعار
كتبت: هديل بلّول.