في عالم الفن والموسيقى، تتلألأ بعض الشخصيات تاركة بصمة تترك انطباعًا عميقًا في قلوب الملايين، ومن بينهم يبرز اسم حلمي بكر، تجمع قصته بين مغامرة شخصية تحمل ألوان الطموح والتحدي، وبين رحلة فنية مليئة بالإبداع والتألق، تخللت حياته محطات عديدة، بدءًا من لحظات الصراع والتحديات التي واجهها في بداية طريقه، وصولًا إلى لحظات النجاح الساحرة التي عاشها عندما برزت ألحانه ببريق فني لامع، فلنتعرف سويًا على رحلة هذا الفنان الرائع، وعلى كيفية تحويل أحلامه إلى واقع مشرق ينير درب الفن والموسيقى.
ماذا تعرف عن حلمي بكر؟
هو حلمي عيد محمد بكر، ولد في حي حدائق القبة بمدينة القاهرة، كان أبوه عاشقًا للفن، وكان يجيد العزف على آلة الناي، ولأنه من أصول قروية لا تعترف بالعمل في الفن ولا بالموسيقى، قام جده الأكبر وهو عمدة إحدى القرى بطرده من القرية، فحضر إلى القاهرة واشتغل في بعض الأعمال الحرة، التحق حلمي بكر بالمعهد العالي للموسيقى العربية، وبدأ حياته المهنية عقب تخرجه من المعهد، حيث عمل كمدرس للموسيقى في إحدى المدارس الحكومية ولكنه لم يستمر بها، واستقال بسبب الروتين.
والتحق بالقوات المسلحة لقضاء الخدمة العسكرية المكلف بها، وأثناء وجوده بالجيش حضرت الفنانة وردة الجزائرية لإحياء إحدى الحفلات الغنائية للقوات المسلحة، وكان بكر معروفًا بعشقه للموسيقى، فقام وعرض بعض ألحانه عليها، وعندما استمعت وردة إلى ألحانه أعجبت بها كثيرًا وقررت تقديمه إلى الأستاذ محمد حسن الشجاعي، وكان مديرًا للإذاعة المصرية في ذلك الوقت، كانت أول ألحانه هو لحن أغنية (كل عام وأنتم بخير)، والتي سُجلت في الإذاعة بصوت المطرب عبد اللطيف التلباني وقد حققت نجاحًا كبيرًا، ثم بعد ذلك قام بكر بتلحين أغنية (لا يا عيوني) للمطرب ماهر العطار، وبدأ بعدها اسم حلمي بكر يلمع كملحن وتوالت عليه العديد من الأعمال الفنية.
اقرأ أيضًا: من المهندس إلى الموسيقار.. كيف غير صلاح الشرنوبي الألحان العربية؟
أهم أعمال حلمي بكر الفنية:
الموسيقار حلمي بكر له العديد من الأعمال الفنية المتنوعة ما بين ألحان لكبار المطربين والمطربات مثل الفنانة وردة الجزائرية، وليلى مراد، ونجاة، وهاني شاكر، ولطيفة، وغيرهم، كما وضع الموسيقى التصويرية لبعض الافلام والمسلسلات، ولم يكتفِ بكر بذلك، ولكنه ظهر أيضًا بشخصيته الحقيقة في عدة أعمال فنية مثل فيلم (عندليب الدقي)، وكان آخر ظهور له في فيلم (مستر إكس) للنجم أحمد فهمي في العام الماضي.
والجدير بالذكر أن الموسيقار حلمي بكر، قد رحل في مستشفى كفر صقر بالشرقية بعد تدهور حالته الصحية، وكانت السيدة سماح القرشي زوجة الموسيقار الراحل كشفت أن حالته الصحية ساءت بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، وأنه كان يحتضر لدرجة أنها قامت بتحويل المنزل إلى مستشفى من أجل الحفاظ على صحته.
محطات في حياة حلمي بكر:
المحطة الأولى محطة شخصية، وهي:
يعتبر الموسيقار الكبير حلمي بكر أحد أشهر نجوم الفن ممن اشتهروا بكثرة زيجاتهم، لدرجة أنه أطلق عليه في الوسط الفني لقب (شهريار الفن)، وهو اسم الفيلم الذي قدم عنه بعنوان (حلمي بكر شهريار الفن)، من إخراج الناقد الفني عاطف سليمان، وهذا الفيلم هو عمل فني قصير يروى قصص زيجات حلمي بكر وأعماله في عالم الموسيقي والألحان، وأهم أعماله وشهادات أصدقائه والمقربين منه، وهذا الفيلم مدته 38 دقيقة، تناول أشهر زيجات الراحل حلمى بكر بداية من الفنانة سهير رمزي، ثم السيدة شاهيناز صقال شقيقة الفنانة شويكار، يقال أن عدد زيجاته بلغ 15 زيجة، وكان بينهن صحفيات وطالبات وفنانات.
المحطة الثانية محطة فنية:
كان حلمي بكر معروفًا بحبه الشديد للفن الحقيقي، كلمات وألحان وأداء يسمعه المستمع و”يتسلطن” على حد تعبيره، ولهذا كان من أول المعارضين بشدة لما يسمى (المهرجانات)، وكان يرفض العمل معهم بل إنه حتى كان يرفض اللقاء بهم في أي مناظرة، وكان من أشد المعارضين لإعطاء تراخيص نقابة الموسيقيين لكل من حمو بيكا وحسن شاكوش، وكان يرفض القول باعتبارهم فنانين أو مطربين شعبيين، ويقول أنهم مؤدو منولوجات فقط.
وختامًا يمكننا القول بأن حلمي بكر، أسطورة تحفرت في ذاكرة الفن، وحياته تذكير بأن الحلم والإرادة يمكن أن يحققا أعظم الإنجازات، فهو لم يكتفِ بترك بصمة في عالم الموسيقى فحسب، بل كان رمزًا للشغف والإبداع، برحيله تخسر الفنون قامة استثنائية، ولكن تظل أعماله تشعل شرارة الإلهام في قلوب الجمهور.
اقرأ أيضًا: صوت لا ينطفئ.. رحلة أم كلثوم في ذكرى رحيلها الـ 49
كتبت: سحر علي.