هل تتخيل يومًا كيف يمكن لقطعة صغيرة من الحلوى أن تحمل في طعمها قصصًا عريقة وتقاليد عربية تمتد لقرون؟ إنها الكنافة هذه الحلوى اللذيذة الشهيرة التي تجسد روح المطبخ الشرقي بكل تفاصيله، مع كل لفة من خيوط العجين وكل قطرة من شراب السكر، تتحدث عن تاريخها القديم وأصولها الشرقية، وعن مدى تفردها في عالم الحلويات، ولكن هل فكرت يومًا في كيف يتم إعداد هذه الحلوى الفاخرة؟ وما هي الأسرار التي تخفيها وراء طعمها المميز؟ انضم إلينا عزيزي القارئ في هذه الرحلة الشيقة لاستكشاف عالمها، حيث تتقاطع النكهات بالتقاليد والتاريخ يتجسد في كل قطعة.
ماذا تعرف عن الكنافة؟
الكنافة أو القطايف (كما يعرفها بعض الأشخاص في الجزائر وتونس)، هي نوع من الحلويات المكونة من خيوط عجين مشبعة بالسمن والسكر والمكسرات، تحظى بشعبية كبيرة في مصر وبلاد الشام وتشتهر بشكل خاص في فلسطين حيث تعتبر الكنافة النابلسية الأكثر شهرة، وتُعد من الحلويات المفضلة طوال السنة، ولكن يزداد إقبال الناس على تحضيرها خلال شهر رمضان، حيث تُعتبر مصدرًا هامًا للطاقة والسعرات الحرارية بفضل احتوائها على السكر والفيتامينات والبروتينات واليود والحديد والفسفور.
ورغم شهرتها في المناسبات العائلية والاجتماعية مثل الأعراس والولائم، إلا أنه ينبغي تناولها باعتدال حفاظًا على الصحة وتجنبًا للمشاكل الصحية كالسمنة وارتفاع نسبة السكر في الدم، ولا تقتصر شهرتها على البلدان العربية فحسب، بل تشتهر أيضًا في تركيا والقوقاز واليونان، وتقدم أحيانًا مع الشاي أو القهوة.
اقرأ أيضًا: كحك العيد.. أكلة لها تاريخ في 6 حضارات مختلفة
متى وكيف نشأت الكنافة؟
تشير الروايات إلى أنها ظهرت في العصر الأموي، حيث يُعتقد أنها تم إعدادها للخليفة الأول معاوية بن أبي سفيان، وقدمت له كوجبة سحور أثناء حكمه في دمشق، وهذا يؤكد أن أول ظهور لها كان في بلاد الشام، وارتبط اسم الكنافة بالخليفة معاوية لدرجة أنها كانت تسمى في ذلك الوقت (كنافة معاوية).
وهناك روايات أخرى تشير وتؤكد أن أصلها مصري، وتعود إلى عصر الفاطميين، حيث قدمها المصريون للخليفة المعز لدين الله الفاطمي عند دخوله القاهرة في شهر رمضان.
أصل التسمية:
أصل تسمية كلمة كنافة بهذا الاسم، أنها مُشتقة من الكلمة العربية (كَنَف)، وتعني الإحاطة والشمول.
أنواع الكنافة:
للكنافة أنواع متعددة، منها:
كنافة ناعمة:
هي التي تكون عجينتها ناعمة جدًا وطرية.
كنافة خشنة:
هي التي تكون شعيرات العجينة المستخدمة في تحضيرها طويلة.
كنافة مُحيرة:
هي التي يتم تحضيرها من الناعمة والخشنة معًا.
كنافة مبرومة:
هي التي تكون شعيرات العجينة المستعملة في تحضيرها طويلة ومبرومة الشكل.
أهم وصفات الكنافة:
للكنافة وصفات وأشكال متعددة، منها:
كنافة نابلسية:
نشأت في مدينة نابلس بفلسطين، ما زالت مشهورة في تلك المنطقة حتى اليوم، تتكون من طبقة من الجبن الأبيض مغلفة بالقمح المهشوم ومغطاة بشراب السكر، وتعتبر من أشهر أنواعها في بلاد الشام، ويذكر أنه في عام 2009 م، قد تم تحضير أكبر صحن كنافة بأطوال 75×2 متر، ووزن 1,350 كيلوجرام في مدينة نابلس، في محاولة لتسجيلها كأكبر كنافة في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وبالفعل حدث ذلك ودخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية بتاريخ 2009/7/18.
كنافة بالقشطة:
هي طريقة لعمل الكنافة، يتم فيها وضع طبقة منها بعد خلطها بالسمن والسكر، ثم وضع حشوة من القشطة البلدي والكريمة، ثم وضع طبقة منها، وإدخالها الفرن، ثم تسقيها بشراب السكر الثقيل وهي ساخنة.
كنافة بالجبن:
هي صينية كنافة عادية، ولكن الحشوة تعد باستخدام الجبن القشقوان، وجبن الموتزاريلا مع الحليب الساخن، ثم توضع بالفرن وتسقيها بالشراب السكر الثقيل.
التطور والكنافة الحديثة:
منذ عدة أعوام فوجئنا باختفاء الكنافة بالمكسرات وظهور كنافة بالمانجو التي اجتاحت الأسواق، لتفتح الطريق على مصراعيه لكنافة بالريد فيلفيت، وكنافة بالجمبري، وكنافة بالنوتيلا، لم يكن المصريون يعتادون على الابتكارات في عالم الحلويات، حيث كانوا يستمدون معرفتهم من الأصناف التقليدية التي توارثوها عبر الأجيال من أمهاتهم وجداتهم، ولم يكون لديهم تجربة سابقة في التعامل مع الافتكاسات حتى دخلت مفاهيم الابتكار والتطور إلى عالم الحلويات أيضًا، ويستحوذ على إعجاب مذاق المصريين ليقبلوا عليه بشغف وينتظروا بحماس كل ما هو جديد، خاصة في شهر رمضان الذي يعتبره أصحاب محلات الحلويات موسمًا متميزًا للعديد من الأصناف المعروفة والجديدة المبتكرة.
وختامًا عزيزي القارئ، كانت هذه جولة مع الكنافة إحدى أشهر أطباق الحلويات خاصة في شهر رمضان في مصر والعالم العربي، تعرفنا على أصل نشأتها وأنواعها ووصفاتها، وكيف تطورت حتى وصلنا إلى الكنافة بالجمبري.
اقرأ أيضًا: العروسة والحصان.. حكاوي وأسرار حلاوة المولد
كتبت: سحر علي.
