ونحن نودع شهر رمضان المبارك وداع الضيف الغالي الذي لا نريد أن يفارقنا، نتساءل ماذا بعد رمضان؟ فإن كان شهر رمضان المبارك أوشك على الانتهاء، فإن عمل المسلم لا ينتهي إلا بمفارقة روحه بدنه، وقد قال عز وجل لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
ماذا بعد رمضان؟
ذكر بعض السلف بعضًا من الناس يجتهدون في رمضان ثم يتركون ذلك بعده، فقال: “بئس القوم لا يعرفون الله تعالى إلا في رمضان، أليس رب رمضان هو رب بقية الشهور”.
الصيام ليس في رمضان فقط:
فإن كان صيام رمضان وهو فرض على كل مسلم قد انتهى وقته، فقد شرع الله تعالى لمن يسابقون بالخيرات أيامًا تصام طوال العام، وهي:
- صيام الست من شوال، كما ورد في صحيح مسلم، من حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر”.
- صيام الإثنين والخميس، كما في حديث أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم”.
- صيام ثلاثة أيام من كل شهر، أو الأيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر عربي، لحديث أبي ذر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا أبا ذر، إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة “.
- صيام شهر الله المحرم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل: “أي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟” قال: “أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم”.
- صيام يوم عرفة فإنه يكفر سنتين، سنة ماضية وسنة باقية، كما جاء في صحيح مسلم.
- صيام عاشوراء يكفر سنة ماضية، وغير ذلك من صيام التطوع.
اقرأ أيضًا: تقرب إلى الله.. دليل أعمال النصف الثاني من رمضان
القيام ليس في رمضان فقط:
إن كان قيام رمضان قد انتهى، فإن قيام الليل هو دأب الصالحين دائمًا، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: “عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربةٌ إلى الله تعالى ومنهاةٌ عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد”.
وقوله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً}، وهذا يدل على أن قيام الليل من علامات كمال الإيمان، وقيام الليل يتحقق ولو بركعتين بعد صلاة العشاء ثم يوتر بركعة، وأفضله في الثلث الأخير من الليل.
القرآن في رمضان وغيره:
إن كان رمضان هو شهر القرآن وهو الشهر الذي أنزل فيه، ولهذا يكثر فيه المسلمون من تلاوته وسماعه في أيام رمضان ولياليه، ولكن يجب على المؤمن ألا يهجر كتاب الله تعالى في غير رمضان، بل هو كتابه الأول، ودستور حياته، يتلوه ليلًا ونهارًا، سرًا وجهارًا، سفرًا وحضرًا، لا يفارقه أبدًا، قال عز وجل: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به}، و قال سبحانه: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور}.
الإنفاق في رمضان وغيره:
لو كان رمضان هو شهر الزكاة والصدقات لأكثر المسلمين، فإن إنفاق المنفقين، وصدقة المتصدقين الخيرين لا تنتهي، بل هي مستمرة دائمة، كما قال الله -عز وجل-: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون }.
وهذا يدل على دوام الإنفاق في كل وقت وحين وليس خاصًا بزمن معين، وذلك لأن حاجة الفقراء والمساكين مستمرة طوال السنة، فيجب ألا يغفل عنهم المسلم بعد رمضان بل يستمر عطاؤه وإنفاقه طوال السنة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان ، لكنه -صلى الله عليه وسلم- كان أجود الناس على الدوام، بل كما وصفه أصحابه أنه ما سئل شيئًا قط فقال: “لا”.
وغير ذلك الكثير من الأعمال الصالحة التي نهتم بها في رمضان ونغفل عنها باقي السنة، مثل إطعام الطعام، والإحسان إلى الجار، وصلة الأرحام، وغيرها، فنحن دائمًا الفقراء إلى الله وأحوج ما نكون إلى رحمته وفضله وحسن جزائه جل وعلا.
وختامًا عزيزي القارئ، بعد هذه الجولة السريعة مع إجابة سؤال: ماذا بعد رمضان؟، وتأكدنا أن حالنا مع الله في رمضان يجب أن يكون نفس الحال بعد شهر رمضان، فاللهم نسألك دوام فعل الخيرات، وترك المنكرات، ونسألك من فضلك ورحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت.
اقرأ أيضًا: كيف تستغل صيامك؟.. 6 خطوات لتحقيق الفائدة القصوى في رمضان
كتبت: سحر علي.