تمر البورصة المصرية هذه الأيام بحالة فقدان للاتجاه، فجميع خبراء البورصة وخبرات شركات السمسرة العاملة فيها لا يعرفون ماذا يحدث ولا إلى أين سنذهب؟ هل ستصعد البورصة أم ستهبط؟ والأهم لماذا ستهبط أو ترتفع؟ وما هي مبررات الهبوط أو الصعود؟ ونحن هنا سنستعرض الوضع الحالي، ونحاول أن نحل لغز البورصة المصرية.
ارتفاع مبرر ومنطقي في البورصة المصرية:
منذ أواخر عام 2023 والبورصة المصرية في صعود دائم ومكاسب كبيرة، جذبت الكثير من أموال رجال أعمال صغار ومساهمين جدد، أولًا للاستفادة من المكاسب التي تحققها أسهم الشركات المصرية التي كانت تقيم أسعارها سواء الشركات أو المنتجات على أسعار الدولار مقابل الجنيه، الذي ارتفع من 25 جنيه للدولار الواحد إلى حدود 70 جنيه للدولار الواحد في بداية عام 2024، وكان هذا بالطبع يضغط على كل من يحمل الجنيه المصري لاستثماره ليحافظ على قيمته التي تتدهور بشكل سريع.
وكانت مصادر الاستثمار محصورة في ثلاث اتجاهات رئيسية، وهي الذهب والعقار والأسهم، لهذا وهو ثانيًا أسرع رجال الأعمال والمستثمرين الصغار بوضع ودائعهم وأموالهم في البورصة المصرية رغبة منهم في حفظ قيمة تلك الأموال، واستمر الحال على هذه الوتيرة انخفاض في قيمة الجنيه وارتفاع في قيمة الأسهم.
اقرأ أيضًا: مشروع رأس الحكمة بداية جديدة للاقتصاد المصري
اللغز الكبير في رأس الحكمة:
في بداية شهر مارس من هذا العام، أعلنت مصر عن بيع أرض رأس الحكمة لصندوق أبوظبي السيادي، بخمسة وثلاثين مليار دولار، واستلام مصر الدفعة الأولى من مبلغ الصفقة، وهنا بدأت الكارثة فقد بلغ مؤشر البورصة المصرية الذي قد بلغ حدود 34,000 نقطة في التراجع، وبعد ذلك أعلنت الدولة المصرية تعويم الجنيه المصري، وعدم التدخل في سعره وترك السوق الحرة لتحديد قيمة الجنيه أمام الدولار، واستبشر الجميع خيرًا فقد هبط سعر الجنيه أمام الدولار من حدود 70 جنيه للدولار إلى حدود 47 جنيه للدولار.
نتائج أعمال الشركات المصرية المساهمة في البورصة:
بدأت الشركات المصرية المساهمة في البورصة المصرية نشر نتائج أعمالها، وكانت والحمد لله أغلبها جيدة جدًا ومحققة مكاسب تفوق التوقعات، وعلى سبيل المثال نتائج أعمال الشركة الأولى في مصر عقاريًا (طلعت مصطفى)، حيث حققت المجموعة العقارية طلعت مصطفى تعاقدات وحجوزات في قطاع المبيعات بلغت 86 مليار جنيه حتى 14 مايو 2024.
بينما بلغت المبيعات في الفترة نفسها من العام الماضي 2023 بلغت 34 مليار جنيه، بما يعني تجاوز المبيعات ما يفوق 150%، ومحققة نسبة نمو تحديدًا تبلغ 153%، وأخبرت المجموعة البورصة إن تلك المبيعات تتضمن 11,5 مليار جنيه هي حجوزات في مدينه بنان السعودية، التي ستقوم المجموعة ببنائها على الأراضي السعودية شرق مدينه الرياض، وهذا المبلغ تحقق في ثلاثة أيام فقط منذ فتح باب الحجز في المدينة السعودية الجديدة.
ما لغز هبوط سهم مجموعة طلعت مصطفى؟
لكن سهم مجموعة طلعت مصطفى لا يعكس تلك النتائج المبهرة والجيدة جدًا، فبعد أن كان السهم في طريقه لتخطى عتبه المئة جنيه واضعًا نفسه في مرتبة متقدمة للأسهم المصرية، نراه يهبط هبوطًا حادًا ويخسر ما يقارب 50% من قيمته ويبلغ اليوم 58,7 جنيه، وسهم طلعت مصطفى مثالًا لبقية أسهم الشركات في البورصة المصرية، فإن الشركات تحقق مكاسب هائلة مستفيدة بتقييم الموجودات والأراضي والمباني والمنتجات، التي تمتلكها الشركات وأعادت تقيمها على سعر الجنيه أمام الدولار بـ 50 جنيه للدولار.
بينما أسهم تلك الشركات تخسر أكثر من 60% من قيمتها منذ الأشهر الثلاثة الماضية، وهبط مؤشر البورصة المصرية من عتبة 34,000 إلى 25,000 نقطة، مما يعنى خسائر بمليارات الجنيهات خسرها المستثمرين الصغار الهاربين من جحيم التضخم؛ فأغرقتهم أمواج البورصة وعواصفها العاتية.
مد وجزر في سوق الأسهم المصرية:
ينصح معظم الخبراء بالانتظار؛ لأن أسعار الأسهم لا تعبر عن قوة وتقييم حقيقي للشركات المصرية، وإن هناك حالة مد وجزر يقوم بها حيتان البورصة المصرية لاقتناص الأسهم بأسعار زهيدة ثم بيعها بأسعارها الحقيقية لمستثمرين عرب أو أجانب، وعلى حامل الأسهم الانتظار قليلًا حتى تتحسن ظروف السوق، فكما يقول الخبراء السوق يمرض لكنه لا يموت.
في الختام، تظل البورصة المصرية تحديًا للمستثمرين، حيث تعكس تقلباتها حالة الاقتصاد والسياسة، ومع ذلك فإن فهم الأسباب وراء هذه التحركات والتصرف بحكمة يمكن أن يساعد على تحقيق نجاح مستدام في هذا السوق المتقلب.
اقرأ أيضًا: مشروع رأس الحكمة بداية جديدة للاقتصاد المصري
كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.