أمثال شعبية متناقضة

تخيل أنك تعيش في عالم مملوء بعدة أمثال شعبية متناقضة، حيث نسمع “الضنا غالي” وفي الوقت نفسه نقول “إن جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليك”، نحن نردد “كلنا ولاد تسعة”، لكننا لا ننسى أن “الناس مقامات”، كيف يمكننا فهم هذه الازدواجية التي تتسلل إلى حياتنا اليومية؟ في هذا المقال عزيزي القارئ سنأخذك في رحلة مليئة بأمثال شعبية متناقضة لنكتشف كيف تعكس تناقضاتنا الثقافية وتؤثر على نظرتنا للعالم من حولنا.

أمثال شعبية متناقضة:

بالطبع كلنا يقول الضنا غالي، ولكن هناك من يقول إن جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليك، ومن باب التواضع نعلم أن كلنا ولاد تسعة، لكن هناك من يؤكد أن الناس مقامات، هذا للأسف بعض ما نعاني منه في مجتمعنا من الانفصام والتناقض الشديد في الأقوال، حتى أصبحت الازدواجية في التفكير والمعايير والآراء شعارًا للكثيرين، قد يكون ذلك بسبب وجود أمثال شعبية متناقضة حيث يعتمد عليها قطاع كبير من الناس خاصة في المناطق العتيقة والشعبية، وأيضًا تناقض الثقافة المختلفة التي يعتمد عليها كل منا في فهمه للحياة.

أمثال شعبية متناقضة
أمثال شعبية متناقضة

اقرأ أيضًا: أمثال شعبية خطأ.. هل كتر السلام يقل المعرفة؟

نماذج من أمثال شعبية متناقضة:

تحرك بسرعة ولا تتحرك بسرعة:

تشجعك الأمثال على السعي لكسب الرزق، فنقول “الرزق يحب الخفيّة”، ولكن سعيك لن يزيدك شيء عندما تخبرك “اجرِ يا ابن آدم جري الوحوش غير رزقك لن تحوش”، و”اللي من نصيبك.. يصيبك”، وإذا أقدمت على فعل الخير فلا تتأخر لأنه “خير البر عاجله”، ولكن “كل تأخيرة وفيها خيرة”.

افعل الخير ولا تفعل الخير:

تنصحك الأمثال الشعبية بفعل الخير دون انتظار مقابل، وتقول لك “اعمل الخير وارميه في البحر”، ولكنها تحذرك أيضًا وتقول “خيرا تعمل شرا تلقى” و”أخرة المعروف.. ضرب الكفوف”، ومن الخير أن تساعد في إتمام علاقة الزواج، فتقول لك “يا بخت من وفق راسين في الحلال”، لكن على الجانب الآخر احذر و”امشِ في جنازة ولا تمشِ في جوازة”، وتنصحك الأمثال أن “تصرف ما في الجيب.. ليأتيك ما في الغيب”، وفي نفس الوقت تحذرك لأن “القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود”.

نماذج من أمثال شعبية متناقضة
نماذج من أمثال شعبية متناقضة

نصائح وعكسها:

إذا كنت مقبلًا على الزواج، فالأمثال تنصحك وتقول “حاسب قبل ما تناسب”، لكنها تحذرك في نفس الوقت لأن “مراية الحب عامية”، وعندما تريد أن تعيش مع من تحب، فاعلم أن القرب لا يزيد الأشواق، حسب المثل القائل “ابعد حبة تزيد محبة”، وفي الوقت ذاته تحذرك من الابتعاد لأن “اللي بعيد عن العين بعيد عن القلب”، ومن النصائح الأخلاقية التي تنصحك بها الأمثال عدم الطمع، وتقول “الطمع يقل ما جمع”، لكنها من ناحية أخرى تشجعك على الطمع بل والسرقة، في المثل القائل “إن عشقت اعشق قمر وإن سرقت اسرق جمل”.

التربية وعدم التربية:

تنصحك الأمثال الشعبية بأن تصنع الأمر بنفسك؛ لأن “اللي ربى خير من اللي اشترى”، لكن يجب عليك معرفة أن “شراية العبد ولا تربيته”، وهناك الأمثال التي تؤكد أن صلاح السلف لا يكفي لصلاح الخلف، حيث تقول “يخلق من ظهر العالِم فاسد”، وأيضًا فساد السلف يمكن ألا يتبعه فساد الخلف، فمن الممكن أن “يخلق من ظهر الفاسد عالِم”.

أهمية الأمثال الشعبية:

يمكن تعريف الأمثال الشعبية بأنها قوانين شفهية غير مكتوبة ولكنها واجبة التنفيذ، تحدد نظرة المجتمع تجاه الكثير من القضايا، وتعتبر مصدرًا هامًا من مصادر تعلم القيم، وهي تراث ثقافي هام تحرص المجتمعات على المحافظة عليه والاهتمام به، كجزء من اهتمامها بتراثها الثقافي القديم الذي تعتبر أنه ما يزال حيًا.

الأمثال الشعبية
الأمثال الشعبية

والمثل هو نوع من الأقوال المأثورة، يتضمن نصيحة أو حقيقة أو ملاحظة أو موقفًا ساخرًا لعادة اجتماعية معينة، أو أسلوب سياسي معين، يوضح ويبين روح الشعب وآراءه في الحياة، ويعبر عن مشاعره وأحاسيسه وآماله وآلامه وأفراحه وأحزانه وحكمته، فالأمثال هي مرآة للشعب، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يصل إلى اعتبارها فلسفة مصرية خاصة بالمصريين عبر الزمان.

وختامًا عزيزي القارئ، بعد تناولنا نماذج من أمثال شعبية متناقضة، نقول أنه وبالرغم من تناقض الأمثال الشعبية إلا أنها ستظل رافدًا مهمًا من روافد الثقافة العامة والتراث المصري الجميل، ولكن عليك أن تقتنع بأن الاختلاف ليس عيبًا في بعض الأحوال حسب المثل القائل “خالف تُعرف”، كما أنه أيضًا ليس ميزة إذا كان هذا الاختلاف يمس المبادئ والأخلاق والعقيدة.

اقرأ أيضًا: رموز الحكمة.. جولة في عالم الأمثال الشعبية المشهورة وأسرارها

كتبت: سحر علي.