الخبز عند المصريين القدماء لم يكن مجرد طعام، بل رمز للحياة نفسها، من كونه غذاءً أساسيًا يُقدم للآلهة إلى أنه جزء لا يتجزأ من الطقوس الدينية والحياة اليومية، يكشف الخبز عن مدى تعقيد وحيوية العلاقة التي ربطت المصريين القدماء به، كما أن هناك اكتشافات أثرية حديثة تؤكد هذه الروابط العميقة، حيث كان الخبز يتخذ أشكالًا مدهشة ويستخدم بطرق مبتكرة، مما يجعله أكثر من مجرد طعام، بل جزءًا من الهوية الثقافية التي تواصلت حتى يومنا هذا.
الخبز عند المصريين القدماء في العصور التاريخية والحالية:
منذ أقدم العصور التاريخية، كان الخبز عند المصريين القدماء غذاءً أساسيًا في حياتهم اليومية، ويتم تقديمه كقربان للآلهة، وربما كانوا الشعب الوحيد على وجه الأرض الذي أقسم به، غالبًا ما كان يُشار إلى البحث عن القوت باسم (أكل العيش)؛ مما يؤكد على أهمية الخبز في الحياة اليومية.
اقرأ أيضًا: الفراعنة و طب الأسنان .. معجزات فرعونية الجزء الخامس
العلاقة بين المصريين القدماء والخبز:
- تعود العلاقة بين المصريين القدماء والخبز إلى الحضارة الفرعونية، حيث كان الخبز يتمجد ويقدم كقربان للآلهة، واستمر هذا المفهوم حتى بعد انتشار المسيحية في مصر.
- في كتابهما (وصفات من المطبخ الفرعوني)، يوثق المؤلفان ماجدة المهدي وعمرو حسين أنواعًا مختلفة من الخبز الذي تم استهلاكه في التاريخ المصري المبكر، بما في ذلك الخبز المخروطي الشكل الذي كان يستخدم كقربان.
- كما أظهر المصري القديم براعة فنية رائعة في تقديم الخبز، حيث صنع أرغفة على شكل أبقار، وإوز، وحتى نساء.
خبز الشمس أصله فرعوني:
تكشف نقوش المعبد أيضًا عن وجود أشكال مختلفة من الخبز مثل الأرغفة المثلثة والدائرية، التي يعتقد بعض الباحثين أنها أصول (خبز الشمس) الذي ما زال يستخدم في صعيد مصر حتى اليوم، إن التنوع في أشكال وأنواع الخبز فاق الخيال، حيث صنع المصريون القدماء الخبز على شكل أبقار وإوز وحتى نساء، ويرى علماء المصريات أن الشطيرة هي اختراع فرعوني، حيث كان المصريون القدماء يضعون الطعام بين شريحتين من الخبز، انتشرت هذه الثقافة في النهاية إلى بقية العالم.
وفي عام 2005، حققت بعثة أثرية أمريكية تعمل في منطقة الأهرامات اكتشافًا رائعًا، حيث عثروا على أقدم مبنى إداري لبناة هرم خفرع ومنقرع، يقع على بعد 500 متر جنوب تمثال أبو الهول، ويعتقد أنه تم بناؤه منذ أكثر من 4500 عام، وكان يحيط بالمبنى سور حجري طوله 48 مترًا باتجاه شرقي غربي، كان بداخله مخزن للحبوب، ثم يتم توزيعها على المخابز، كما عثر الفريق على أقدم مخبز وبداخله أواني وأدوات تستخدم في عجن الخبز وخبزه، وأنتجوا نوعًا من الخبز يسمى (خبز الشمس)
واعتبر الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المصري ووزير الدولة لشئون الآثار الأسبق، هذا الاكتشاف الأول من نوعه، وقد تم تجهيز المخبز بنفس الأدوات الموجودة في الريف اليوم، المعروفة باسم (الماجور)، بالإضافة إلى الأدوات الأخرى المستخدمة في صنع الخبز، وهذا الاكتشاف يثبت العلاقة العميقة الجذور بين الخبز والمصريين القدماء.
إن الحب والرعاية والاهتمام الذي حظي به الخبز عند المصريون القدماء في مصر لم يؤثر على حضارتهم فحسب، بل كان له أيضًا تأثير دائم على بقية العالم، وما زال مصطلح (العيش) بمثابة تذكير بالدور الأساسي الذي يلعبه الخبز في حياة المصريين القدماء، في الماضي والحاضر.
اقرأ أيضًا: الفراعنة عرفوا نوع الجنين .. معجزات فرعونية الجزء الثالث
كتبت: نوران خالد.