هل يمكن أن يكون الصمت أداة للعقاب؟ الصمت العقابي، ذلك السلاح النفسي غير المعلن، يستهدف بعمق العلاقات الإنسانية، ولا سيما الزواج، إنه ليس مجرد صمت عابر، بل استراتيجية متعمدة لإيذاء الشريك عبر التلاعب بالمشاعر، فكيف نميز بينه وبين الخرس الزوجي؟ ولماذا قد يكون أكثر ألمًا من الكلمات الجارحة؟ هذا ما سنعرفه من خلال السطور التالية.
ما الصمت العقابي؟
يعرف الصمت العقابي بأنه إيذاء عاطفي ونفسي، يتم عن طريق السكوت اللفظي أو الصمت أو المعاملة الصامتة (SILENT TREATMENT)، ويعرفه الخبراء أيضًا بأنه سكوت لفظي متعمد وموجه تجاه شخص معين، ويعتبر شكلًا من أشكال السلبية العدوانية والإيذاء العاطفي، حيث يقوم الشخص الصامت بإرسال مشاعر سلبية إلى الضحية تعبر عن الاستياء والنبذ والاحتقار.
ووفقًا لما ذكرته الطبيبة النفسانية (هاريت برايكر)، فإنه هو أحد أشكال العقاب التحكمي والتلاعبي الاستغلالي، وقد يحدث لأي شخص في إطار أية علاقة إنسانية مثل الصداقة، القرابة، الجيرة، زملاء العمل، ولكن الأصعب والأقسى أن يكون في إطار العلاقة الزوجية حيث يستخدمه الكثير من الأزواج كوسيلة انتقام أو تأديب أو تعذيب للشريك.
اقرأ أيضًا: تعرف على أشهر 4 أسباب الطلاق الصامت
الفرق بين الصمت العقابي والخرس الزوجي:
يختلف الصمت العقابي عن الخرس الزوجي، حيث إن الخرس الزوجي يُصيب العلاقات الزوجية نتيجة عدة أسباب مثل: الرتابة والملل، وافتقاد ذكاء المسافات بين الزوجين، الذي يمكن من خلاله أن يبتعدا عن بعضهما، ويصوما عن الكلام حتى تهدأ حدة الصراع بينهما، أما الصمت العقابي فهو تكتيك يستخدمه أحد الزوجين ضد الآخر، بغرض الإساءة والإيذاء النفسي والتلاعب بالمشاعر والضغط عليه، وهو عادة يستمر إلى فترة طويلة.
آثار الصمت العقابي:
قد نتعجب من خطورة آثاره، فقد أثبت الخبراء أن هذا العقاب ينشط منطقة الألم في الدماغ التي ينشطها الألم الجسدي؛ مما يتسبب في حدوث أوجاع نفسية للضحية مثل: الحزن، والاكتئاب، وانعدام تقدير الذات، وقد يؤدي ذلك إلى أمراض عضوية وجسدية، فضلًا عن أن العقاب بالصمت والتجاهل يُقلل رضا الشريكين عن علاقتهما الزوجية، ويؤدي إلى فتور العلاقة بينهما، وتدمير حياتهما الزوجية تمامًا.
كيف تكسر حلقة الصمت العقابي؟
في حالة ما إذا كنت عالقًا بهذه المرحلة، فهذه مجموعة من الإرشادات والنصائح، وضعها الخبراء لكسر تلك الحلقة الخانقة، أهمها:
- عليك أن تحب نفسك وتدللها وتهتم بها، حتى لا تقع في فخ الاكتئاب والعزلة والحزن.
- تصرف بلا مبالاة، وكن هادئًا ومتماسكًا، وواجه صمت شريكك دون انزعاج، حتى يعلم أن السلاح الذي يحاربك به عديم الفعالية، فيتوقف عن سلوكه.
- تجنب الانعزال، وحافظ على دائرة الأصدقاء والأقارب وزملاء العمل، ووسع علاقاتك الاجتماعية؛ لأنها ستنقذك من وحدتك التي فرضها عليك شريكك بصمته العقابي.
- مارس كل نشاطاتك وهواياتك؛ لتحافظ على قوتك وثباتك، وتشغل وقت فراغك.
- تعلم تقنيات الذكاء العاطفي؛ لتستطيع إدارة مشاعرك، ومعرفة كيفية التواصل مع الشريك.
- في حالة الضرورة يجب عليك طلب المساعدة المتخصصة، من استشاري علاقات زوجية أو أخصائي نفسي، فقد يكون شريك حياتك نرجسيًا أو يعاني من بعض الأمراض النفسية.
- لا تسمح بإيذائك، واتفق مع شريك حياتك منذ البداية على حدود السلوكيات المقبولة وغير المقبولة بينكما، وإذا تطلب الأمر الانسحاب، فافعل لأن صحتك النفسية والجسدية والعقلية أهم من أية علاقة مهما بلغت.
وختامًا عزيزي القارئ، تناولنا ما يعرف بالصمت العقابي، وأخطاره التي تهدد العلاقات الإنسانية وخاصة بين الزوجين، وكيف أن وضع الحدود السلوكية منذ البداية بين الشريكين قد يجنبك الوقوع في فخ هذا العقاب الذي قد يؤدي إلى تدمير حياتك وصحتك النفسية والجسدية.
اقرأ أيضًا: أسباب الطلاق.. 4 أسباب رئيسية وحلولها
كتبت: سحر علي.