الأفروسنتريك.. مؤامرة جديدة لتكرار التجربة الصهيونية في مصر

الأفروسنتريك

الأفروسنتريك

يبدو أن نجاح الفكر الصهيوني الباطل في تزييف الحقائق، وادعاء أن أرض فلسطين هي أرض صهيونية يهودية وأرض الميعاد للشعب اليهودي وإقامة دولة إسرائيل، قد أغرى الكثيرين من أصحاب الفكر الضال المنحرف عن الصواب من تكرار التجربة الصهيونية على أرض فلسطين، وفي هذا المقال سنتعرف على حركة أو طائفة جديدة اشتهرت تلك الأيام تدعى الأفروسنتريك تحاول تكرار التجربة الصهيونية على الأراضي المصرية.

الأفروسنتريك وبداية المؤامرة بهدف نبيل:

قامت حركة المركزية الأفريقية أو الأفروسنتريك في الولايات المتحدة الأمريكية (تلك البداية فقط تثير التساؤلات والتعجب لأن البداية الطبيعية لأي فكر إفريقي يجب أن يبدأ من إفريقيا نفسها ثم ينتشر حول العالم)، بهدف نبيل هو تعريف الأمريكيين بأصول الأفارقة الأمريكيين الحضارية، وأنهم أصحاب حضارة عريقة عميقة وليس مجموعة من العبيد الذين لم يكن لهم دولة أو ثقافة أو حضارة، فهم مجرد مجموعة بشرية تتجول في الغابات والأحراش، ليس لهم أي إسهام حضاري في تاريخ البشرية، وقامت الحركة على يد الناشط الحقوقي الإفريقي الأصل موليفي أسانتي في ثمانينات القرن الماضي، كحركة تعلي من شأن الأمريكيين السود ورفع روحهم المعنوية.

الأفروسنتريك وبداية المؤامرة بهدف نبيل

لكن تلك الحركة كانت تريد داعم حضاري يعلي من شأن ادعاءاتها وفكرها، لهذا لم تجد إلا مصر أقدم حضارة على كوكب الأرض، وللمصادفة السعيدة فمصر تعتبر دولة إفريقية؛ لأنها تقع في قارة إفريقيا، وبدأت خيوط المؤامرة تظهر شيئًا فشيئًا فبعد أن كان الأفارقة هم شركاء للمصريين في بناء حضارتهم العظيمة الممتدة عبر آلاف السنين، وقد تولى عرش مصر وأصبح فرعون أحد النوبيين أو الكوشيين السود وهو الملك كوش بعانخي مؤسس الأسرة الخامسة والعشرين المصرية من عاصمته نبتا في كوش وسط السودان الحالي، وامتد بجيوشه حتى استولى على العاصمة المركزية للمملكة المصرية طيبة التي كانت تمر بعدة قلاقل واضطرابات.

اقرأ أيضًا: طائفة الحشاشين (الجزء الاول).. جذورهم الإسماعيلية وتحدياتهم السياسية

وهذه المعلومات تاريخية وليس حولها جدال لكنها جزء من الحقيقة، فالمصريون القدماء يمتد تاريخهم إلى ما قبل الملك مينا موحد القطرين، وهم المؤسسون الحقيقيون للدولة والحضارة المصرية التي سمحت عبر آلاف السنين بدخول أعراق وجنسيات أخرى إلى الحضارة المصرية سواء للعمل أو كلاجئين أو كمرتزقة، كما فعلت مصر مع أهل الجنوب أو أهل الشمال كما تقص علينا قصص القرآن والكتب السماوية عن لجوء الأنبياء والمرسلين والعبرانيين لمصر؛ هربًا من الجوع والظلم والفقر فوجدوا في مصر الغنى والعدل والسماحة والمساواة، التي جعلتهم يذوبون في الكيان الأكبر وهو مصر الحضارة وينسون أصولهم ومعتقداتهم ويصبحون مصريين ثقافة ولغة.

ادعاءات الأفروسنتريك بملكية الحضارة المصرية:

لم يتوقف ادعاء الأفروسنتريك عند أنهم شركاء للمصريين في حضارتهم، لكنهم في السنوات الأخيرة بدأوا يدعون أنهم هم أصحاب تلك الحضارة العميقة العريقة المصرية القديمة، وأن تلك التماثيل والتوابيت والمعابد ورسوماتها إنما هي لملوك أفارقة سود اللون وإن العرب والشاميين والأوروبيين سرقوا منهم تلك الحضارة العظيمة، وإن عليهم أي أعضاء تلك الحركة مهمة إعادة الحق إلى أصحابه، وإعادة احتلال مصر مركز الحضارة الإفريقية، وتواصلت فعاليات تلك الحركة من مهرجانات وحفلات وزيارات إلى المتحف المصري بالتحرير؛ لنشر أفكارهم على مؤيديهم وجمع الأموال لفعاليات أخرى.

ادعاءات الأفروسنتريك بملكية الحضارة المصرية

دور المثقفين المصريين في نشر الوعي ضد حركة المركزية الأفريقية:

كان للمثقفين المصريين دور في نشر الوعى الثقافي المستنير الذي لا يعادي أحد، لكنه في نفس الوقت لا يسمح بسرقة التاريخ والهوية والثقافة، ونسبها لأي عابر سبيل يحمل في حقيبته بعض المال وينثره في وجوه المصريين ليوافقوا عما يقول.

دور المثقفين المصريين في نشر الوعي ضد حركة المركزية الأفريقية

وعلينا نحن المصريين أن نحمي ثقافتنا وتاريخنا، بأن نزرع حب بلادنا وتاريخها وعظمتها في نفوس أطفالنا وأحفادنا فالإنسان أقوى ذاكرة، وعلينا أن نتباهى بتاريخنا وننشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والأعمال الدرامية والسينمائية، فكيف إلى الآن لا يوجد فيلم سينمائي واحد يمثل الملك أحمس قائد تحرير مصر، أو الملك تحوتمس الثالث أول إمبراطور عرفته الإنسانية، الذي لم يهزم قط في معركة حربية، أو الملك رمسيس صاحب الفتوحات العظيمة وصاحب أول معاهدة سلام سجلها التاريخ الإنساني، إننا فعلًا مقصرون تجاه عظمة أجدادنا العظام وتاريخ بلادنا الذي سبق التاريخ.

وختامًا، في مواجهة الادعاءات التي تروج لها حركة الأفروسنتريك، يجب أن يتكاتف المصريون لحماية تراثهم وثقافتهم، بتسليح الأجيال الشابة بالمعرفة التاريخية الحقيقية، ولأن الهوية المصرية تمتد بعمق في جذور التاريخ، فإن الدفاع عنها واجب وطني يضمن بقاء مصر مركزًا للحضارة الإنسانية، بعيدًا عن تزييف الأفروسنتريك للحقائق.

اقرأ أيضًا: رحلة طائفة الحشاشين (الجزء الثاني) في الشام.. قصة صراع ومؤامرات

كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.