التربية.. الأداة السحرية لتشكيل المجتمعات واستثمار طاقات الأفراد

التربية

التربية

التربية ظاهرة اجتماعية هامة، بل إنها تعتبر أهم الظواهر الاجتماعية على الإطلاق، ذلك لأنها لا تتم في فراغ أو دون وجود المجتمع، بل لا بد من وجود المجتمع، كما أنها في جميع حالاتها لا تهتم بالفرد منعزلًا عن المجتمع، بل تهتم بكل من الفرد والمجتمع معًا، من خلال اتصال الفرد بمجتمعه وتفاعله معه سلبًا وإيجابًا، وتعتبر أداة المجتمع في المحافظة على مقوماته الأساسية، وتشكيل مواطنيه والكشف عن طاقاتهم واستثمارها وتعبئتها، لهذا فهي عمل إنساني مادتها هي الأفراد البشر وحدهم دون غيرهم من الكائنات الحية الأخرى أو الجامدة.

وتختلف بقدر اختلاف المجتمعات وتباينها، والسبب في ذلك يعود إلى تأثير القوى الثقافية، حيث نجد أن لكل مجتمع إنساني قيم ومعايير وأهداف خاصة تعبر عنه، ويعمل جاهدًا ليحققها بطرقه ووسائله الخاصة التي تتناسب مع أفراده والأسس المكونة له.

مفهوم التربية:

تعددت الآراء حول مفهوم التربية، ويرجع ذلك إلى اختلاف الطبيعة الإنسانية، بسبب تنوع الفلسفات أو البيئات الثقافية والاجتماعية والدينية التي تميز كل مجتمع عن غيره من المجتمعات، ولهذا اختلف المربون والمتخصصون والعلماء في مفهومها؛ نظرًا لاتساع مدلولها، ولكن حسبما قال (وليم فرانكينا) الفيلسوف الأمريكي، أن مصطلح التربية قد يعني واحدًا مما يأتي:

  • ما يقوم به الآباء والمدرسون والمدرسة، أو النشاط الذي تقوم به لتعليم الصغار.
  • كل ما يحدث داخل الفصل من تغيرات أثناء العملية التعليمية.
  • المحصلة النهائية التي يكتسبها الطفل من هذه العملية، التي يمكن أن تسمى في النهاية بالتربية.

اقرأ أيضًا: فن التربية.. 9 نصائح لتحقيق تأثير إيجابي في نمو طفلك

وقد عرفت أيضًا بأنها عملية التكيف مع البيئة المحيطة أو الثقافة المحيطة، فالعملية التربوية هي عملية تفاعل مع البيئة ومكوناتها مثل الثقافة، والمكونات المادية، وغير المادية، أي أنها تفاعل مع الحياة، مع الإنسان، ولذلك فهي عملية مستمرة كالمجتمع، أما أحدث تعريف لها فهو التعريف الذي يقول إنها عملية التكيف أو التفاعل الذي يحدث بين المتعلم وبيئته التي يعيش فيها.

مفهوم التربية

ومن كل التعاريف والمفاهيم السابقة لها، يتضح لنا أن معظم المفاهيم التربوية اتفقت على عدة عناصر، وهي:

  1. جميعها اقتصرت على الجنس البشري.
  2. جميعها تعتبر التربية فعلًا يمارسه كائن حي في كائن حي آخر، مثل ما يقوم به إنسان راشد مع طفل صغير، أو ما يمارسه جيل بالغ النضج في جيل ناشئ.
  3. جميعها تتفق على أن هذا الفعل موجه لتحقيق هدف أو غاية، تهم المجموعة التي تقوم بعملية التعليم.

اقرأ أيضًا: تربية الأبناء… وما هي أهم 8 قواعد للتربية؟

أهداف التربية:

تعتبر التربية عملية فردية اجتماعية، حيث تتعامل مع فرد في مجتمع، وتحاول أن تنقل كل المعارف والمهارات والمعتقدات ولغة الجماعة من جيل إلي جيل، والإنسان هو العنصر الأساسي أو هو مادة موضوع التربية، حيث تهتم بسلوكه وتطويره، ونظرًا لأهميتها فقد زاد اهتمام الناس بها، والحاجة إلي دراستها، ولهذا كان ضروريًا بالنسبة لدارس التربية أن يتعرف على طبيعة هذه العملية وجوانبها المختلفة وضرورتها للفرد والمجتمع، من هنا يمكن القول أن هدفها الأساسي هو أنسنة الإنسان، بمعنى أن تجعله مخلوقًا إنسانيًا يعيش في مجتمع وإطار اجتماعي خاص، له تقاليد وثقافة ونظم وقيم ومعايير وأفكار خاصة به.

أهداف التربية

ومن أهداف العملية التربوية أنها تكسب الفرد حضارة الماضي، وتجعله يشارك في حضارة الحاضر، وتهيئه للتطوير والإضافة في حضارة المستقبل، فهي عملية تسهم وتشارك وتدفع عجلة الزمن للبقاء، لهذا فهي وسيلة وهدف، طريقة وغاية، تبدأ مع بداية الحياة، ولا تنتهي بنهاية حياة الفرد؛ لأنها عملية اجتماعية مستمرة، وراية تسلمها الجيل الحاضر من الجيل الماضي وسيسلمها الجيل الحالي إلي الأجيال القادمة، فهي المؤسسة الثقافية التي يمكن عن طريقها تغيير عقول الأفراد وتطويرها.

اقرأ أيضًا: التربية الإيجابية… إليك 4 خطوات لتطبيقها بشكل صحيح

أهمية التربية:

تظهر أهمية التربية في أنها:

  • وسيلة اتصال وتنمية للأفراد، يعتمد عليها بقاء المجتمع.
  • تزويد الفرد بالمواقف والمثيرات، التي يستجيب لها حسب الطروف البيئية المحيطة.
  • تحقيق النمو الشامل واكتساب الخبرة، وذلك بتهيئة الوسائل المختلفة لتحقيق النمو العقلي والاجتماعي والجسدي للطفل، فالطفل يعتمد على الكبار في إعطائه الخبرة اللازمة للتكيف والتفاعل مع الآخرين.
  • اكتساب اللغة، فالطفل يتعلم اللغة وينطق كلماته الأولى من الأصوات التي يسمعها حوله.

أهمية التربية

  • تحقيق الديموقراطية، حيث إنها في عالمنا المعاصر لها دور كبير في تحقيق آمال الشعوب في حياة تتسم بالحرية والعدالة، وهذه المفاهيم لا تولد مع الأفراد ولكنهم يكتسبونها بالتعليم والتطبيق، فالديمقراطية هي قيم وعلاقات وأساليب تفكير وقواعد وضوابط، يجتمع فيها إحساس الفرد بحريته ومسئوليته وحقه في النمو، وواجباته نحو الجماعة، وكل هذا يحتاج نوعًا من التربية يستطيع من خلاله ممارسة الحرية على أساس من العلم.
  • تعمل على إذابة الفوارق بين الطبقات؛ لأن انتشار المعرفة والوعي يؤدي إلي إضعاف الميزات الطبقية التي تفرق بين الناس، ويدعو إلي التفاهم والتعاون بين كل هذه الطبقات، وجعل الامتياز في المهارة والعمل والكفاءة، وليس الثروة أو النسب أو الأصل.
  • اكتساب القيم الخلقية والجمالية وتذوقها، من خلال تعليم الكبار للصغار هذه القيم وغرسها في نفوسهم.
  • تحقيق التطور وتشكيل المستقبل، باعتبارها عاملًا من عوامل التطور، في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسة والاقتصادية، وترتبط بالمستقبل وتؤثر فيه، بل إنها صانعة المستقبل؛ لأن أطفال اليوم سيعلمون في المجتمع بعد عقدين من الزمان، ولهذا تغير المجتمع خلال السنوات العشر الماضية، فنجد المدارس تعد أطفال اليوم لمجتمع يختلف تمامًا عن المجتمع الحاضر، ومن هنا يأتي دورها في تقدم المجتمعات وتطورها.

وختامًا عزيزي القارئ تناولنا التربية بمفهومها وأهميتها وأهدافها، وكيف أنها تساهم بشكل أساسي في تقدم المجتمع وتطوره، فكلنا مربي كل في موقعه، الأب مربي، المعلم مربي، ورجل الدين مربي، ووسائل الإعلام تربي، فلنتعاون جميعًا لنربي جيلًا واعيًا مثقفًا لنضمن مستقبلًا مشرفًا لأبنائنا وأحفادنا.

اقرأ أيضًا: 10 نصائح لتربية الأطفال.. دعوة لننشئ أطفالنا بالحب  

كتبت: سحر علي.