تُعد الكعبة المشرفة في مكة المكرمة أقدس الأماكن لدى المسلمين حول العالم، ومن بين المسئوليات المهمة المتعلقة بالكعبة، تأتي سدانة الكعبة، وهي وظيفة تاريخية تعود إلى قرون عديدة وتتمثل في العناية بالكعبة والحفاظ على حرمتها وطهارتها، السدانة تعني العناية بالكعبة المشرفة، والقيام بشئونها من تنظيف، وفتح وإغلاق باب الكعبة، واستقبال الحجاج والزوار، وتنظيم دخولهم إلى داخل الكعبة، وتعتبر هذه المهمة شرفًا كبيرًا ومسئولية عظيمة يتحملها من يتولاها.
يرجع تاريخ السدانة إلى ما قبل الإسلام، فقد كانت هذه المهمة موجودة منذ بناء الكعبة على يد سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام-، وكانت سدانة الكعبة تُنسب إلى قبيلة قريش قبل الإسلام، وتحديدًا إلى بني شيبة، وقد استمر هذا الشرف في نسل هذه القبيلة حتى بعد ظهور الإسلام، مع دخول الإسلام، لم تتغير السدانة كثيرًا في نظامها، بل أضفى الإسلام عليها طابعًا دينيًا وروحيًا أعمق، وقد أوصى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، بني شيبة بالاستمرار في هذه المهمة، مؤكدًا على أهمية الحفاظ على الكعبة وطهارتها.
ما مهام سدانة الكعبة؟
تتضمن مهام السدانة عدة جوانب رئيسية، منها:
- فتح وإغلاق باب الكعبة: يقوم السادن بفتح باب الكعبة في مواقيت محددة؛ للسماح للزوار بالدخول والصلاة داخلها.
- تنظيف الكعبة: تشمل هذه المهمة تنظيف داخل الكعبة وخارجها بانتظام، خاصة خلال مواسم الحج والعمرة.
- الإشراف على مفاتيح الكعبة: السادن يحتفظ بمفاتيح الكعبة ويقوم باستخدامها فقط في الأوقات المحددة.
- تنظيم دخول الزوار: يتم تنظيم دخول الزوار إلى داخل الكعبة وفق قواعد معينة؛ لضمان سلامة الكعبة والزوار على حد سواء.
اقرأ أيضًا: تفاصيل إحرام الكعبة.. من تشمير الأستار إلى ثوبها الجديد
تحظى السدانة بمكانة خاصة في الإسلام، فهي ليست مجرد وظيفة بل هي مسئولية دينية عظيمة، وتعد الكعبة مركزًا روحيًا للمسلمين، ومن هنا تأتي أهمية الحفاظ على حرمتها وطهارتها، ويُعتبر السادن شخصًا ذا مكانة رفيعة بين المسلمين، ويحظى باحترام وتقدير كبيرين، في العصر الحديث، لا تزال السدانة تحتفظ بأهميتها الكبيرة، وتتم مراعاة جميع الإجراءات اللازمة لضمان أداء المهام المنوطة بها بأفضل صورة. ومع تطور الوسائل التكنولوجية، تم تسهيل بعض جوانب هذه المهمة، لكن جوهرها الديني والروحي لا يزال حاضرًا بقوة.
السدانة هي جزء لا يتجزأ من تاريخ وإرث الكعبة المشرفة، وهي مسؤولية عظيمة تتطلب التفاني والالتزام الديني. ومن خلال الحفاظ على هذه الوظيفة، يتم الحفاظ على قدسية الكعبة المشرفة وأهمية دورها كمركز روحي لجميع المسلمين.
مفتاح الكعبة:
يوجد مفتاح الكعبة مع من هو أكبر سنًا، ويسمى السادن الأول، وقد اشترط أن يكون السادن من بني شيبة الذين يحملون مفتاح الكعبة كأمانة لديهم من عهد قصي بن كلاب وقد حظر الرسول من سحبه منهم، وقال: “إن الله استأمنكم على بيته فخذوها بأمانة الله”، وقيل إنه -صلى الله عليه وسلم- قال: “يا بني شيبة هاكم المفتاح وكلوا بالمعروف”.
هل تعلم ماذا يوجد داخل الكعبة المشرفة؟
يوجد داخل الكعبة المشرفة تسعة أحجار رخامية مكتوبة بخط الثلث بالحفر على الحجر، إلا حجرًا واحدًا مكتوبًا بالخط الكوفي البارز، وكل الأحجار المكتوبة بعد القرن السادس ملصقة بعضها بجانب بعض.
ختاماً، فإن سدانة الكعبة تمثل موروثًا دينيًا وتاريخيًا عظيمًا يجسد الرعاية الفائقة لبيت الله الحرام على مر العصور، تحمل هذه المسئولية المتميزة دلالات روحية ومعنوية، حيث تُعنى بحفظ قدسية الكعبة وطهارتها، مما يعكس عمق الاحترام والتقدير الذي يلقاه السادن، إن الدور المستمر للسدانة يُظهر اهتمام المسلمين المتواصل ببيت الله، موضحًا أهمية الحفاظ على حرمتها وتوارث الأمانة التي أُسندت منذ قرون طويلة، ما يعزز روح الإخلاص والتفاني في خدمة أقدس بقاع الأرض.
اقرأ أيضًا: بيت الله الحرام.. من بناء الكعبة إلى أحداث تاريخية
كتبت: غادة إبراهيم.