حديقة الفسطاط

هل تود اكتشاف جوهرة خضراء وسط صخب القاهرة؟ حديقة الفسطاط ليست مجرد مساحة خضراء بل نافذة على تاريخ طويل يمتد من العصور الإسلامية الأولى إلى الحاضر الحديث، منذ أنشئت هذه الحديقة إلى اليوم وهي تعد ملاذًا طبيعيًا يمتد على 250 فدانًا، حيث تتناغم الطبيعة مع التاريخ، استعد لاستكشاف كيف تحولت من موقع للنفايات إلى واحة غنية بالأشجار والأنشطة الترفيهية، واكتشف بنفسك كيف يمكن للتاريخ والطبيعة أن يندمجا لخلق مكان يأسر القلب والعقل.

ماذا تعرف عن حديقة الفسطاط؟

حديقة الفسطاط هي حديقة كثيفة الأشجار مع عدد قليل من المباني وبعض المماشي، مساحة الحديقة تبلغ حوالي 250 فدانًا، وقد أنشئت عام 1989م، بعد أن كانت موقعًا لتراكم النفايات، تمتد الحديقة الآن من طريق صلاح سالم في الشمال إلى الطريق الدائري في الجنوب، ومن جامع عمرو بن العاص في الغرب إلى سكة الخيالة في الشرق.

ماذا تعرف عن حديقة الفسطاط؟
ماذا تعرف عن حديقة الفسطاط؟

اقرأ أيضًا: مرور 130 عامًا على افتتاح اول حديقة حيوان في أفريقيا..حديقة حيوان الجيزة

تاريخ حديقة الفسطاط:

يبدأ تاريخ حديقة الفسطاط بإنشاء مدينة الفسطاط التي تعتبر أول وأقدم العواصم الإسلامية، حيث بنيت بعد الفتح العربي الإسلامي لمصر في عام ٢١هـ/ 641م، بعد ذلك رفض الخليفة عمر بن الخطاب اختيار مدينة الإسكندرية كعاصمة للبلاد، حيث كانت الإسكندرية عاصمة مصر خلال حكم البطالمة والرومان؛ فقرر عمرو بن العاص اختيار موقع مدينة الفسطاط لتكون العاصمة الجديدة، واختار هذا الموقع لكونه خاليًا من البناء باستثناء الحصن الروماني، وأطلق عليها اسم (الفسطاط) والذي يعني (الخيمة).

وبدأ البناء فيها ببناء جامع عمرو بن العاص الذي أطلق عليه بعد ذلك اسم (الجامع العتيق)، وقد استمرت الفسطاط عاصمة لمصر لمدة 113 عامًا، وهذه المنطقة تعرف اليوم باسم (حي مصر القديمة) وهو من أعرق وأقدم الأحياء بمحافظة القاهرة، ويضم العديد من المواقع الأثرية مثل المعبد اليهودي، وكنائس مصر القديمة، وجامع عمرو بن العاص، وحفائر أطلال مدينة الفسطاط، وقصر المانسترلي، ومقياس النيل بجزيرة الروضة، وقصر محمد علي بالمنيل.

سبب تسمية الفسطاط:

عمرو بن العاص حسبما قال الطبري أنه بعد فتح حصن بابليون، أراد رفع الفسطاط (وهي الخيمة التي كان يقيم فيها)، والسير إلى الإسكندرية، ولكنه فوجئ بيمام قد بنى عشًا في أعلاها؛ فتركه وأوصى به صاحب الحصن والقصر، وعندما فتح الإسكندرية أراد الاستقرار بها وجعلها عاصمة للبلاد، ولكن رفض الخليفة عمر بن الخطاب ذلك، وأوصاه باختيار موقع يسهل منه الاتصال به، فلم يجد عمرو أنسب من اختيار ذلك الموقع المجاور لحصن بابليون، وذلك لحصانته وموقعه الممتاز، وسأل أصحابه أين تنزلون، قالوا نرجع إلى موقع فسطاطك لنكون على ماء وصحراء، يعني بالقرب من ماء النيل، فعاد إليها ونسبت المدينة إلى فسطاطه، فقيل فسطاط عمرو، فالفسطاط على هذا النحو يمكن تعريفه على أنه معسكر أو مخيم.

سبب تسمية الفسطاط
سبب تسمية الفسطاط

سبب تسمية حديقة الفسطاط:

أصبحت الفسطاط هي المركز الرئيسي لحركة النقل المائي، وميناءً هامًا للتجارة القادمة من بلاد الصين والهند وأوروبا، وبعد ذلك في عهد أحمد بن طولون قام ببناء ترسانة في جزيرة الروضة بالقرب من الفسطاط، وبعدما تولى محمد الإخشيدي الحكم قام بتحويل الترسانة إلى حديقة، وقام سنة 937م بإنشاء ترسانة جديدة، ومن هنا جاءت تسمية الحديقة (حديقة الفسطاط).

تطوير حديقة الفسطاط:

مرت حديقة الفسطاط بعدة مراحل تاريخية، أهمها:

  • في أواخر العصر الفاطمي تعرضت مدينة الفسطاط لحريق ضخم تسبب في احتراق نصف المدينة الشرقي، ومع مرور الوقت تحول هذا النصف الشرقي إلى تلال حتى عام 1912م، حيث بدأ اكتشاف أولى الحفائر الأثرية بها.
  • قام عالم الآثار المصري (علي بهجت) والمهندس الفرنسي (ألبرت جبرائيل) بعمل حفائر منظمة؛ أدت إلى الكشف عن بعض البيوت والمنشآت التي كانت موجودة في مدينة الفسطاط، ترجع أصولها لفترات تاريخية تبدأ من العصر الطولوني وصولًا إلى العصر الفاطمي أي منذ القرن 9 وحتى القرن 12 الميلادي، وتسمى (بيوت الفسطاط)، وقد بنيت هذه المنشآت من الطوب الأحمر، وتتكون من صحن مكشوف وقاعة رئيسية ومجموعة من الحجرات بالإضافة إلى حديقة.
  • في عام 1970م تم إنشاء حديقة الفسطاط ضمن خطة بدأت في ذلك الوقت؛ لتطوير أحياء مصر القديمة؛ للحفاظ على المعالم التاريخية والأثرية التي تحويها هذه الأحياء، وكانت البداية بحي مصر القديمة.
تطوير حديقة الفسطاط
تطوير حديقة الفسطاط
  • في عام 1989م تم افتتاح المرحلة الأولى من التطوير، حيث بدأ زيادة المساحات الخضراء وإضافة بعض الأنشطة الترفيهية بها.
  • استمرت عمليات التطوير، وزيادة المساحات الخضراء حتى وصلت مساحة الحديقة حاليًا إلى 250 فدانًا، وتحتوي على الكثير من المساحات الخضراء والأنشطة الترفيهية، التي جعلتها ملاذًا آمنًا للأسرة المصرية بكل طوائفها العمرية، للخروج والتنزه والاستمتاع بعبق الماضي القديم، بشكل الحاضر الحديث.
  • مشروع تلال الفسطاط، وهو آخر مراحل التطوير الذي تمر به حدائق الفسطاط وما حولها، حيث يقام هذا المشروع على مساحة 500 فدان، الذي سيجعل حديقة الفسطاط واحدة من أكبر الحدائق في منطقة الشرق الأوسط؛ لتصبح مقصدًا سياحيًا محليًا وعالميًا يوضح تاريخ مصر العظيمة، وعملية لإحياء التراث القديم من صناعة ومعمار وثقافة على مدار العصور السابقة، بشكل عصري جديد.

وختامًا عزيزي القارئ، كنا في رحلة تاريخية مميزة تناولنا فيها حديقة الفسطاط وبناءها وتطورها عبر الزمن، وكيف أنها متنفس المصريين، ورئة القاهرة الخضراء، وتعتبر مزارًا سياحيًا هامًا يجمع بين عبق التاريخ القديم بالشكل العصري الحديث.

اقرأ أيضًا: استعد للمتعة.. أفضل 5 أماكن للخروجات والفسح في القاهرة

كتبت: سحر علي.