انقطاع التيار الكهربائي

تعيش مصر ومعظم دول العالم أزمة زيادة استهلاك الكهرباء، وخاصة في شهور الصيف الطويلة في بلادنا العربية؛ مما يتسبب في انقطاع التيار الكهربائي وزيادة استهلاك الوقود أو الغاز لتشغيل محطات الطاقة، وهذا يؤدي إلى زيادة عجز موازنة الدولة، هذه المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لتراكمات طويلة من الاعتماد على نماذج معمارية غير مناسبة لبيئتنا.

في السنوات الأخيرة، تبارى الجميع لتوعية الناس بطرق توفير الطاقة الكهربائية التي نستخدمها في حياتنا اليومية بالمنازل والشركات ومختلف أماكن أعمالنا، وقد أظهرت الدراسات أن السبب الرئيسي وراء انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار الكهرباء هو الاستهلاك المفرط للطاقة، ولكن لفهم المشكلة بعمق ومحاولة حلها، يجب علينا البحث في جذورها.

السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي:

تغافل الكثيرون عن السبب الرئيسي لشعورنا بارتفاع درجات الحرارة في منازلنا وأماكن أعمالنا، وهو التصميمات المعمارية الخاطئة المستوردة من دول الغرب، فهذه الدول تعاني من شتاء طويل وثلوج متراكمة، ولا ترى الشمس إلا نادرًا في أيام الصيف، وتصميم مبانيها الحديثة يتناغم مع تلك الأجواء الباردة، حيث تتحول المباني إلى قلاع زجاجية تحتفظ بالدفء والحرارة داخلها وتمنع خروجها، كما أن الزجاج يسمح للضوء بالدخول بينما يحبس البرودة والثلوج خارج المبنى، ويعد هذا التصميم رائعًا؛ لأنه يوفر من الطاقة الكهربائية المهدرة في تدفئة تلك القلاع الزجاجية.

السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي
السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي

في بلادنا الحارة، اتبعنا تصميمات القلاع الزجاجية كما هي، فأصبحت هذه المباني أفرانًا إسمنتية تحتفظ بالحرارة تزيد من معاناة الناس بداخلها، حيث إن الهواء لا يجد سبيله إلى داخل المبنى، والزجاج يدخل الحرارة ويحتفظ بها، والجدران تمتص حرارة الشمس وتدخلها إلى داخل المبنى، فهذا التصميم يتطلب استهلاك كميات كبيرة من الكهرباء لتبريد الحرارة الناتجة عن دخول الشمس إلى المبنى.

اقرأ أيضًا: أفضل أساليب المذاكرة في ظل ارتفاع درجة الحرارة وقطع الكهرباء

وأشار المعماري العبقري حسن فتحي رائد عمارة الفقراء في العالم، إلى ضرورة محاكمة كل مهندس يصمم مبنى في مصر والدول الحارة ويفتح به نوافذ زجاجية، كما يجب مراعاة دورة حركة الهواء داخل المبنى؛ مما يساعد في ترطيب وخفض حرارة المبنى وتبريده طبيعيًا، كما يجب إقامة ساحة كبيرة داخل المبنى وزراعتها بالأشجار والأزهار لترطيب وتبريد مدخل المبنى.

في المنازل القديمة كانت الساحة أو الحوش الواسع يعمل كملقف للهواء البارد ويعزل حرارة الجو الخارجي عن الداخل، مما يرطب الشقق داخل المبنى، والجدران السميكة تعزل المبنى عن حرارة الجو الخارجية؛ لأنها تمنع انتقال حرارة الشمس إلى الداخل، ويعد استخدام الأخشاب في النوافذ والأبواب أفضل بكثير من الحديد أو الألمنيوم؛ لأن الخشب غير موصل جيد للحرارة، وارتفاع أسقف المباني يسمح للهواء البارد القادم من أعلى المبنى عبر المناور وملاقف الهواء في تخفيف درجة الحرارة، مما يقلل استهلاك الطاقة الكهربائية ويوفر أموال الأمة المصرية والعربية.

السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي
السبب الرئيسي لانقطاع التيار الكهربائي

كما يجب على مصممي المباني والمدن الجديدة مراعاة عدة اشتراطات تقدمها الدولة للناس، ويشرحها المتخصصون لتغيير الفكر العشوائي الذي ساد لفترة طويلة، هذه دعوة للتغيير نحو الأفضل والإشارة إلى السبب الحقيقي لما نعانيه من انقطاع التيار الكهربائي، لذا يمكننا تحسين تصميم المباني لتتناسب مع بيئتنا الحارة، والاستفادة من تجارب المعماريين مثل حسن فتحي في استخدام عناصر معمارية تقليدية توفر التهوية الطبيعية وتقلل من الاعتماد على التكييف.

وعند تصميم المباني في مصر والدول العربية، يجب التركيز على استخدام مواد بناء عازلة للحرارة وتصميمات تسمح بتهوية طبيعية، كما يمكن استخدام الساحات الداخلية والنباتات لخلق بيئة أكثر برودة داخل المباني، كما يجب تجنب استخدام الزجاج بكثرة في الواجهات الخارجية، واستخدام بدائل توفر الظل وتقلل من تسرب الحرارة.

بتطبيق هذه الحلول، يمكننا تقليل استهلاك الكهرباء والتخفيف من حدة أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي نواجهها، فهذا يتطلب تعاونًا بين الحكومة والمهندسين المعماريين والمواطنين لنشر الوعي وتبني ممارسات بناء مستدامة تتناسب مع مناخنا واحتياجاتنا، بهذا الشكل يمكننا تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة لأجيالنا القادمة.

اقرأ أيضًا: انقطاع الكهرباء بشكل متكرر في مصر لتخفيف الأحمال

كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.