تحتفظ مدينة فاس بأسرار زمنية تفوق خيالنا في قلبها العتيق الذي يعود لقرون مضت، هل تساءلت يومًا كيف يمكن لمكان واحد أن يحكي قصة حضارات متعددة؟ في شوارع فاس الضيقة تنبض الحياة بذكريات الماضي وأسرارها المدهشة، حيث يلتقي التراث العريق بعبق التاريخ، اكتشف معنا كيف أن هذه المدينة القديمة لا تزال تثير الدهشة وتخفي بين جدرانها أسرارًا من الماضي ستأخذك في رحلة لا تُنسى.
ماذا تعرف عن مدينة فاس؟
- تعتبر مدينة فاس واحدة من المدن المغربية الكبرى الزاخرة بالتراث والتاريخ الذي ينبض في كل من أركانها وتلالها ووديانها.
- يبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة، وتم تأسيسها في عصر الدولة الإدريسية، حيث أسسها إدريس الثاني في عام 789م، وجعلها عاصمة للبلاد، وقد ازدهرت في عهده واكتسبت أهمية عظيمة في بلاد المغرب، وأصبحت مركزًا رئيسيًا للنشاط السياسي والاقتصادي والثقافي، ولكن منذ القرن العشرين تراجعت أهميتها حيث ألغى الاستعمار الفرنسي اعتبارها عاصمة للبلاد، ونقل العاصمة إلى الرباط.
- تقع المدينة على الضفتين اليمنى واليسرى لنهر فاس وسط وادي خصيب تحيط بها التلال الخضراء، وقد كانت في الماضي مقسمة إلى مدينتين مستقلتين، وقد استقرت بها قبائل زناتة المغربية وعمرتها، حيث تنبع وتتفرع من نهر فاس ينابيع كثيرة جعلتها مصدرًا مائيًا غنيًا.
- تعتبر من أقدم المدن الأربعة التي شغلت عواصم المغرب، وتحيط بها تلال منخفضة من كل الجوانب، تغطيها غابات مليئة بالأشجار، وبها أراضٍ واسعة تصلح للزراعة ويزرع بها الكروم وأشجار الزيتون، كما تنتشر بها مراعي الخراف والماعز والأبقار.
- المدينة مقسمة لثلاثة أقسام: فاس البالي، وفاس الجديدة، والمدينة الجديدة، وجوها مميز بحرارته صيفًا وبرودته شتاءً وباعتداله في فصلي الخريف والربيع.
- تعد مدينة سياحية، حيث يكثر عدد السياح الوافدين إليها لمشاهدة آثارها العريقة وقصورها وأبنيتها، وحضور الفعاليات الدولية الخاصة بالمدينة.
اقرأ أيضًا: مدينة دهب.. أشهر 11 مكانا سياحيا لا يفوتك زيارتها
أهم الأماكن السياحية في مدينة فاس:
في قلب مدينة فاس توجد العديد من الأماكن والمزارات السياحية والأثرية، أهمها:
المدينة العتيقة:
صنفتها اليونسكو ضمن الإرث الإنساني العالمي، حيث إن أسواقها وأزقتها ما زالت على حالها شاهدة على عظمة هذه المدينة وحضارتها الراقية منذ القرون الوسطى، وبداخلها ستجد المدرسة البوعنانية الفسيحة، وهي أولى المعالم التاريخية بألواحها الخشبية المصنوعة من خشب الأرز، ومنحوتاتها المرمرية و ديكوراتها الرخامية، وبها أيضًا ما يسمى الزاوية التيجانية التي كانت مركزًا تاريخيًا عريقا للتعبد ونشر تعاليم الإسلام ومزار المولى إدريس وهو مكان يحج إليه الناس للتبرك به، فمن هذا المكان أعلن ولي الله إدريس عزمه على بناء مدينة فاس أقدس بقعة في فاس وأكثرها استقبالًا للزائرين، حيث زاوية مولاي إدريس مؤسس المدينة وبانيها.
حي الدباغين:
الرحلة في فاس لا تكتمل دون زيارة ساحتين هما ساحة الصفارين وساحة النحاسين، التي من خلالهما ستبلغون حي الدباغين المتميز بمسجده ومدرسته، والقصر القديم المسمى دار البطحاء، الذي أصبح اليوم متحفًا مميزًا بعمارته الإسلامية، ويمكنكم من خلاله الإطلاع على مجمل منتجات هذه المدينة المشهورة بصناعها التقليديين الماهرين، كما تقام أيضًا فعاليات مهرجان الموسيقى الروحية العالمية، الذي تنظمه المدينة كل سنة في شهر يونيو، ولا تغادروا المدينة قبل قضاء ليلة في قصر الجامعي وهو قصر أقام به قديمًا وزير من الوزراء الأثرياء، ثم تحول بعد ذلك إلى فندق رائع.
المدارس العتيقة:
مدينة فاس عاصمة ثقافية عريقة، حيث الثقافة والعلوم المختلفة في الدين والطب والنحو والتاريخ واللغة، وتشهد على ذلك المدارس العتيقة الموجودة هنا وهناك في مختلف أنحاء المدينة بأصالتها كمهد للعلم والمعرفة.
أقدم جامعة في العالم:
جامع القرويين أهم وأروع جامع بالمغرب، ومنه ستدخل حرم أقدم جامعة في العالم كله تأسست في أواسط القرن التاسع، وكان عمالقة الفقهاء والعلماء يدرسون به العلوم الدينية المختلفة مثل أصول الدين والنحو والشريعة.
مدرسة العطارين:
تحفة فنية أنشئت في الفترة ما بين عام 1323م وعام 1325م، مزينة من الداخل بشكل رائع، وتعبر جدرانها عن لوحة فنية من النقوش على الخشب أو الجبس لبعض الآيات القرآنية المجيدة والمكتوبة بخط عربي مغربي أصيل، فضلًا عن نافورتها واعمدتها المزينة بالزليج المغربي الرائع.
وفي نهاية الرحلة في مدينة فاس، ستكتشف أن يومًا واحدًا لن يكفيك لاستكشاف كل الكنوز المكنونة في هذه المدينة العتيقة، ولا حتى الجزء القليل منها.
اقرأ أيضًا: مدينة طابا.. حكاية أرض مصرية
كتبت: سحر علي.