يتابع العالم الآن أولمبياد باريس، التي تُعد أكبر حدث رياضي عالمي، وهي رمز للوحدة والسلام بين الشعوب، عندما نذكر الأولمبياد، يذهب خيالي في الحال إلى مشهد زيوس يقف شامخًا على جبل الأوليمبوس، الذي يُعد موطنًا لأعظم الآلهة اليونانية، يراقب طقوس الاحتفال، فالطابع التاريخي لهذه الألعاب ما زال يحرك أفكارنا وخيالنا، بدأت الألعاب الأولمبية كمهرجان ديني تكريمًا لزيوس، والد الآلهة في الحضارة الإغريقية القديمة.
كيف بدأت الأولمبياد؟
أُقيمت أول الألعاب الأولمبية صيف عام 776 قبل الميلاد في أولمبيا، وهي موقع في جنوب اليونان كان الناس يذهبون إليه لعبادة آلهتهم، كان الرياضيون يدعون زيوس من أجل النصر ويقدمون له الهدايا لشكره على نجاحهم، وكانت عبادة زيوس إحدى الأشياء القليلة التي اتفق عليها اليونان القديمة، انقسم اليونانيون إلى مدن ودول مختلفة، أو مستوطنات، وكانوا غالبًا في حالة حرب مع بعضهم البعض، ولكن حتى في أوقات الاضطراب، أعلنت المدن المتحاربة هدنة حتى يتمكن رياضيوها من المشاركة في الألعاب الأولمبية، وحتى في هذا العصر استطاعت الرياضة توحيد الشعوب.
ولكن على عكس الألعاب الحديثة، اقتصرت الألعاب الأوليمبية في ذلك الوقت على الرجال، ولم يُسمح للنساء بالمشاركة، واعتمدت المنافسات القديمة على المصارعة، والجري السريع وما زالت هذه الألعاب جزءًا من الأولمبياد إلى وقتنا الحالي، واندثرت بعض الألعاب الأخرى كسباق العربات.
وهناك رياضة أخرى انتهت مع الوقت وهي البانكراسيون (لعبة الموت)، لم تكن هناك فئات وزنية ولا حدود زمنية، فقط عدم اللدغ وعدم نتف العينين، كانت تنتهي المنافسة باستسلام أو موت أحد المتنافسين، وتم حظر الألعاب الأولمبية بعد غزو الروم اليونان عام 393 في القرن الثاني قبل الميلاد، ولكن أعيد إحياء الألعاب عام 1896 في أثينا باليونان، وتم الاحتفال بها كل أربع سنوات منذ ذلك الحين.
اقرأ أيضًا: البريكينج دانس.. من شوارع نيويورك إلى أولمبياد باريس 2024
كيف تحولت إلى دورة ألعاب رياضية؟
بعد توقف دام 1500 عام، عادت الألعاب إلى أثينا مهد الألعاب الأولمبية القديمة، في أبريل عام 1896، شاركت 14 دولة برياضيين من الرجال فقط، وكان الحدث الأبرز في أول ألعاب أولمبية حديثة ماراثون أثينا الذي فاز به اليوناني سبيريدون لويس، كما أحرز الأمريكي جيمس كونولي الميدالية الذهبية الأولى للمسابقة بفوزه في الوثب الثلاثي، واستمر كونولي في الفوز بالميدالية الفضية في الوثب العالي والبرونزية في الوثب الطويل.
وللتشبث بالطابع التاريخي لتلك الألعاب أقيمت مسابقات ألعاب القوى في استاد باناثينايكوس الذي تم تجديده الذي يعود تاريخه إلى عام 330 قبل الميلاد، وتضمنت الألعاب 43 مسابقة، بما في ذلك ألعاب القوى، والجمباز، والسباحة، وركوب الدراجات، ورفع الأثقال، والمصارعة، والتنس، والقتال بالسيف.
متى اشتركت المرأة في الألعاب الأولمبية؟
رغم عودة الأولمبياد في فترة الحداثة إلا أن مشاركة المرأة بدأت فقط عام 1900م، وكانت تقتصر على ألعاب معينة مثل الجولف والتنس، وتُعد شارلوت كوبر من الولايات المتحدة أول امرأة تحصل على ميدالية ذهبية في التنس عام 1900.
في عام 1984 شاركت المرأة لأول مرة في الماراثون (الأمريكية كاثي شوارتز)، وبعد قرن تقريبًا، عام 2012 كانت المرأة تمثل قرابة نصف المشاركين في الأولمبياد، إذ شاركت كل بلد بامرأة واحدة على الأقل.
شعار الأولمبياد:
نعلم جميعًا شعار الأولمبياد الحلقات الخمس الملونة الذي أُنشئ عام 1912، توافقت هذه الألوان مع لون علم الدول المشاركة في أولمبياد ستوكهولم، وقد أنشأ الشعار البارون بيير دي كوبرتان أحد مؤسسي الألعاب الحديثة، بقصد توحيد هذه البلدان، ولم يتغير شعار الحلقات الخمس الذي يشير إلى عالمًا موحدًا بالرياضة.
بينما تعد الخواتم الأولمبية رمزًا حديثًا، فإن تقليد الشعلة الأولمبية هو تقليد يربط الألعاب الحديثة بتراثها القديم، في الألعاب الأولمبية اليونانية القديمة، كان يتم إبقاء حوض كبير من النار مشتعلاً طوال فترة الاحتفالات والمسابقات.
في النهاية، كما وحدت العالم الألعاب الأولمبية البشرية منذ مئات القرون، فإنها أفضل فرصة في هذا العالم المليء بالصراعات لتوحيد البشر ونشر السلام، فالرياضة لغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة.
اقرأ أيضًا: لعبة الكانوي والكياك.. من الحضارات القديمة إلى البطولات الحديثة
كتبت: علا وليد.