مدينة هيروشيما

الساعة الثامنة صباحًا، السادس من أغسطس عام 1945، يوم من أيام الصيف الحارة، السماء صافية تدب الحياة وسط مدينة هيروشيما اليابانية، كانت أكي التي تبلغ ثلاثة عشر عامًا ذاهبة إلى مدرستها في هذا الوقت المبكر، شاهدت الطائرة الفضية الضخمة، ولم تهتم بها فلم تكن تشبه الطائرات الحربية المستخدمة في القصف ذلك الوقت، فقط لفت انتباها سقوط شيء ما من تلك الطائرة، ثم أضاءت السماء وكأن الشمس سقطت على الأرض، وأصبحت في منتصف المدينة، لم يكن هذا الضوء الساطع الحارق سوى قنبلة هيروشيما (الولد الصغير Little Boy Bomb).

لماذا استخدمت الولايات المتحدة قنبلة هيروشيما؟

الإجابة على هذا السؤال ببساطة لإجبار اليابان على الاستسلام بعد أن استسلمت ألمانيا بحلول يوليو 1945، وذلك بعد رفض اليابان الخضوع للشروط الواردة في إعلان بوتسدام الصادر عن الحلفاء، بدا للقادة الأمريكيين أن الطريقة الوحيدة لإجبار اليابان على الاستسلام غير المشروط هي غزو الجزر اليابانية الرئيسية.

لماذا استخدمت الولايات المتحدة قنبلة هيروشيما؟
لماذا استخدمت الولايات المتحدة قنبلة هيروشيما؟

لم تكن مدينة هيروشيما هي الهدف الأوحد منذ وضع الخطة، كانت هناك اختيار بين ثلاث مدن يابانية رئيسية، والأحوال الجوية لحظة انطلاق الطائرة B-29 Superfortress، ألقى الطيار الأمريكي بول تيبيتس القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية في تمام الساعة 8:15 صباحًا؛ مما أدى إلى واحدة من أفظع الكوارث في التاريخ، فمن المؤكد أن التاريخ توقف كثيرًا عند هذه اللحظة، هذه القنبلة التي أطلق عليها اسم (صبي صغير)، كانت أول سلاح نووي يستخدم في حرب فعلية.

اقرأ أيضًا: طائفة البهرة.. من جذورهم التاريخية إلى تأثيرهم المعاصر

آثار الانفجار النووي الناتج من قنبلة هيروشيما:

النظرة الأولى إلى ما حدث تؤكد أن الولايات المتحدة لم تكن تدرك حجم الدمار الذي سببته تلك القنبلة، الوفيات الفورية تخطت 74,000، ووصلت في نهاية العام نفسه إلى 140000 نسمة من مدينة كانت تبلغ 300,000 نسمة، أي قضى هذا الانفجار على نصف سكان المدينة، ومن لم يمت من الانفجار المباشر واجه العديد من الأمراض مثل اللوكيميا والسرطان وغيرها من الآثار الجانبية الرهيبة للإشعاع، لم يتوقع أحد حجم الكارثة، من نجا من موجة الانفجار أصيب بحروق شديدة حيث كانت الجلود تتساقط، تحولت المدينة إلى مسيرة أشبه (بالزومبي)، يحاولون البحث عن المساعدة لتخفيف ألم الحروق، أو البحث عن الماء.

آثار الانفجار النووي الناتج من قنبلة هيروشيما
آثار الانفجار النووي الناتج من قنبلة هيروشيما

القنبلة التي انفجرت فوق هيروشيما كانت قوتها التدميرية تعادل 15,000 طن من مادة الـ TNT، دمرت وأحرقت حوالي 70% من مباني المدينة، لم يستغرق الأمر أكثر من حوالي 10 ثوانٍ حتى تصل كرة النار الناتجة عن الانفجار النووي إلى أقصى حجم لها، ولكن الآثار تستمر لعقود تمتد عبر الأجيال، بعد خمس أو ست سنوات من القصف، زادت نسبة الإصابة باللوكيميا بشكل ملحوظ بين الناجين، وبعد حوالي عقد من الزمن، بدأ الناجون يعانون من سرطان الغدة الدرقية والثدي والرئة وغيرها من أنواع السرطان بمعدلات أعلى من المعدلات الطبيعية.

ربما يوافق اليوم هذا التاريخ الأسود في تاريخ البشرية، التي تحول فيه العلم والتكنولوجية إلى نقمة وطامة كبرى في العالم، ولكن ما نراه الآن من تقدم وتكنولوجيا لدولة اليابان يبعث الأمل في النفوس، ويثبت أن الصبر والعمل يحول الأمم من رماد وأطلال إلى قمة الحضارة والتقدم، وبعد ما يقرب من 80 عامًا من تدمير المدينة بالكامل تقريبًا في عام 1945، استطاعت مدينة هيروشيما النهوض، وأصبحت رمزًا عالميًا للسلام.

قبة القنبلة الذرية
قبة القنبلة الذرية

أشهر المعالم الباقية من مدينة هيروشيما القديمة، هي (قبة القنبلة الذرية) أو (جنباكو دوم)، هذا الهيكل الخرساني هو كل ما تبقى من مبنى صناعي كان يقع على بعد حوالي 160 مترًا من مركز الانفجار، رغم تعرضها للتدمير الشديد، إلا أن القبة صمدت بشكل غريب، مما جعلها شاهدة صامتة كي تذكر العالم بخطر الدمار التي أحدثتها القنبلة الذرية.

اقرأ أيضًا: زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لإسرائيل.. خطوة تاريخية نحو السلام

كتبت: علا وليد.